خطاب أبو عبيدة ينسجم مع واقع الميدان ومضمونه مؤلم لإسرائيل
أكد محللون أن خطاب أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في اليوم الـ200 من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يعكس واقع الميدان وحمل رسائل ودلالات من شأنها إضعاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية بشكل أكبر.
وبحسب الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، فإن تقييم أبو عبيدة في أحدث خطاباته منطقي وينسجم مع المجريات الميدانية، لافتا إلى أن كتائب القسام الـ21 في مختلف مناطق القطاع “لا تزال فاعلة، وتتراوح كفاءتها القتالية بين 65 و85%”.
واستدل الدويري بكمين الزنة في خان يونس جنوبي القطاع، والذي قال إنه أجبر جيش الاحتلال على سحب ما تبقى من ألوية فيها ومن ثم الانسحاب كليا، مضيفا أن فصائل المقاومة لا تزال متعافية وتدير معركتها بنجاح ونجاعة واقتدار.
ونبه إلى أن خطاب أبو عبيدة ترجم الواقع الميداني، ولم يكن خطابا شعبويا، مشيرا إلى تأقلم المقاومة مع التطورات الميدانية والسياسية وانغلاق أفق المفاوضات من خلال الاقتصاد بالجهد، وتفعيل غرفة عمليات المقاومة المشتركة.
ويعتقد الدويري أن أبو عبيدة استند في خطابه إلى معلومات دقيقة بتأكيده على استمرار ضربات المقاومة في حال حاول الاحتلال البحث عن نصر بأي مكان، مضيفا أن المقاومة قادرة على خوض قتال مفتوح “وإلا لن يكون الخطاب فيه صيغة تشدد”.
واقعي ومنطقي
بدوره، اتفق الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة مع الدويري، وقال إن التشبث بمطالب المقاومة في المفاوضات يعكس واقع الميدان، في ظل فشل الاحتلال في تحقيق أهداف الحرب، وهي: القضاء على حماس، وتحرير الأسرى المحتجزين، وتأمين غلاف غزة، بل تحول القطاع إلى ميدان استنزاف.
ويضيف الحيلة أن قوة خطاب أبو عبيدة منطقية وتنسجم مع الاحتياجات الضرورية للشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن المتحدث باسم القسام وجه رسالة إلى الجبهة الداخلية الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يقامر بملف الأسرى بإصراره على دخول رفح.
ونبه إلى أن مستوى الشك لدى الجمهور الإسرائيلي في نتنياهو عال جدا في نتنياهو وفق 80% حسب استطلاعات الرأي، مضيفا أن هناك فشلا استخباريا كبيرا بشأن مصير الأسرى المحتجزين في غزة بعد مقتل العشرات وغموض مصير آخرين.
وتابع أن هناك شعورا بالفشل في هذه الحرب وصل إلى القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، مستدلا بالاستقالات التي حدثت، مشيدا بحديث أبو عبيدة بشأن توقعه بأن سيناريو رون آراد “قد يكون السيناريو الأوفر حظا للتكرار مع أسرى الاحتلال في غزة”، معتبرا إياها إشارة مهمة وتعكس مزاجا عاما داخل الشارع الإسرائيلي.
وخلص الحيلة في ختام حديثه إلى أن نتنياهو سيذهب إلى رفح متوقعا فشله فيها كما حدث في غزة وخان يونس “وبذلك ستسقط آخر ورقة لديه، وعليه الاعتراف بالواقع المر وإلا الاستمرار في القتال والتصعيد في الإقليم”.
مربك ومؤلم
من جانبه، وصف الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين ظهور أبو عبيدة بأنه الأكثر إرباكا في الشارع الإسرائيلي لكونه أحد رموز حماس المعروفة، مبينا أن إسرائيل فقدت السيطرة على التسريبات الإعلامية.
ورأى جبارين أن خطاب أبو عبيدة يأتي في خضم مرحلة حساسة في إسرائيل، واصفا حديثه عن جزئية رون آراد بأنها الأكثر إيلاما للداخل الإسرائيلي.
وتوقع أن يوظف نتنياهو فكرة أن المعارضة الإسرائيلية تخدم أبو عبيدة بعد حديث الأخير أن جيش الاحتلال عالق في وحل غزة.
وأضاف أن لسان حال رئيس الوزراء يقول إن الاحتجاجات والمظاهرات الداخلية تدفع حماس للتصلب في شروطها، مما يزيد ثمن الأسرى.
وبشأن المشهد المتوقع، قال جبارين إن هناك إجماعا في أوساط إسرائيل على أهمية إكمال أهداف الحرب “ولن يتحقق ذلك بدون الدخول إلى رفح، ولكن الفرق أن نتنياهو يريد الدخول بأي شكل وثمن لإطالة الحرب، في حين يريد وزير الدفاع يوآف غالانت وعضو مجلس الحرب بيني غانتس ورئيس الأركان هرتسي هاليفي وآخرون ذلك في سياق إعادة هيبة الردع”.