بعد خطاب فاضح لقائد الفرقة 98: هل فقد الجيش الإسرائيلي السيطرة؟
فليعذرني كل المنفعلين: الخطاب الذي ألقاه قائد فرقة 98 أمس ليس أقل من فضيحة، ويدل على فقدان السيطرة والمشكلة التي ترافق الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر. مع كل الاحترام لمشاعر الضابط ، فإن القتال في غزة لا يعطيه الحق أو الصلاحية للإعراب عن موقف في مسائل سياسية. العميد دان غولدفوس لا يختلف كثيراً عن العميد باراك حيرام الذي دمر جامعة في غزة لأنه راق له ذلك، أو عن الضابط الذي أمر بتدمير مبنى برلمان غزة بعد أن اُحتل المبنى وطُهر واُحتفل به ووثق ذلك. شيء ما غير جيد يحصل في الجيش.
يمكن السير إلى الوراء، إلى التصميم الذي جعل بن غوريون يخرج من الجيش بالقوة السياسة في ذروة الحرب. كانت مسيرة أليمة ووحشية وحيوية، كانت ذروتها في إغراق “التلينا” وحل قيادة “البلماخ”. بدونها ما كان سيكون لنا جيش.
يمكن السير إلى الوراء إلى خطاب المحرقة الفضائحي للواء يئير غولان في 2016. غولان، الذي كان في حينه نائب رئيس الأركان، روج ضد سياقات في المجتمع الإسرائيلي ذكرته بألمانيا وأوروبا في الثلاثينيات. رغم أني اتفقت مع مضمون أقواله، اعتقدت أنه كان ينبغي تنحيته عن الجيش غداة الخطاب. لم يخوله أحد أن يزايد أخلاقياً أو يعلم التاريخ.
لقد قرأ العميد غولدفوس خطابه المكتوب أمام ميكروفونات قنوات التلفزيون: خطاب مرتب، رسمي، ملزم. السؤال “ما الذي اطلع به من الخطاب الذي قرأه ضباط الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، وما الشيء الذي فضل ألا يريهم إياه؟” يبدو سؤالاً مشوقاً، لكنه ليس الأساس.
بالنسبة لمضمون الخطاب: من السهل أن نفهم مشاعر الرجل. أسمع أموراً مشابهة على لسان ضباط ومقاتلين في “الإلزامي” و”الاحتياط” منذ بداية الحرب. إحساس الوحدة في وجه العدو أصيل، ويبث روحاً قتالية في المقاتلين. الاغتراب الذي يشعرون به تجاه الجدالات في الجبهة الداخلية مفهوم هو الآخر. ويطل ويكاد يثور في كل حرب، وهو بارز في هذه الحرب، على خلفية سلوك مثير لحفيظة القيادة السياسية.
لكن ما الذي يقترحه في جوهر الأمر؟ أمس، أقرت الكنيست ميزانية حكومية كاذبة، فاسدة، هدامة. فهل يقترح أن نقبل هذه المهزلة بصمت باسم الوحدة؟ هو ينتقد ضمناً تملص الحريديم من الخطة. فهل يقترح باسم الوحدة الامتناع عن الصراع ضد التملص من الخدمة؟ لا غرو أن موشيه أربيل، أحد وزراء “شاس”، سارع ليتبني خطابه. فالدعوة إلى الوحدة هي السترة الواقية التي تفعل الأحزاب الحريدية من خلفها بالدولة كما تفعل في بيتها. كان أربيل أول من غرد، وغرد بعده كل محبي الشقاق في الحكومة وبالروح ذاتها.
ضباط يدخلون إلى السياسة يدعون سياسيين للدخول إلى الجيش. الملاحظة التي وجهت للعميد حيرام على التدمير الذي قام به دون إذن في غزة أتاحت لوزراء الحكومة التهجم على هيئة الأركان وضمان أن تكون التعيينات التالية في الجيش بإشراف القطاع الاجتماعي والسياسة. لا يريدون تحقيقات، يريدون وظائف. المشروع التدميري للحكومة الحالية وصل إلى الجيش الإسرائيلي.
كل حرب تجلب معها فترة احتضان للابسي البزة العسكرية. كل ضابط قتالي يحظى بوجبة دسمة من العبادة الشخصية والتغاضي عن الخطايا. حصل لنا هذا في نهاية حرب الأيام الستة، وكان من العوامل التي أدت إلى العمى والغرور وإخفاق حرب يوم الغفران. لم نتعلم الدرس.
هذه المرة عبادة الشخصية غريبة، على خلفية أنها تأتي بعد الإخفاق العسكري الأخطر الذي شهدته الدولة. جميل أن غولدفوس مثل ضباط آخرين، يأخذ المسؤولية، لكن أين الاحتشام، أين التواضع؟
ناحوم برنياع
يديعوت أحرونوت 14/3/2024