أوروبا ستتعرض لضربات جفاف ساحقة
توصل فريق بحثي بقيادة علماء من معهد ماكس بلانك لعلوم الطقس إلى أن موجات الجفاف الكبرى الشديدة التي تمتد الواحدة منها لأكثر من خمس سنوات، ستصيب قارة أوروبا في وقت أبكر من نهاية هذا القرن، على عكس توقعات العلماء سابقا.
وللتوصل إلى تلك النتائج التي نشرت في دورية “كوميونيكيشنز إيرث آند إنفايرومنت” التابعة لمؤسسة نيتشر، أجرى الباحثون 100 عملية محاكاة قائمة من نموذج المناخ التابع لمعهد ماكس بلانك، مع تركيز على حالات الجفاف القصوى وتقلب المناخ في شمال المحيط الأطلسي.
ووجد الباحثون أن نوبات متزامنة من الموجات الحارة والجفاف الشديد يمكن أن تقع بشكل كثيف كل عامين تقريبا في أوروبا بحلول الفترة من 2050 إلى 2075.
وإلى جانب ذلك، ظهر أن احتمال حدوث حالات الإجهاد الحراري الشديد سترتفع خلال الفترة الزمنية نفسها، وهو ما سيحمّل المنظومات الصحية عبئا إضافيا يجب أن تبدأ بالتجهز له من الآن، خاصة وأن الدراسة أشارت إلى أنه سيحدث في وقت مبكر من العقد القادم.
وفي ظل ارتفاع درجة حرارة منطقة شمال المحيط الأطلسي، سيكون تجاوز المستويات المعتادة من الحرارة والإجهاد الناتج عن الجفاف أكثر احتمالا بمقدار الضعف، بحسب بيان صحفي رسمي صادر من المعهد.
الجفاف وتغير المناخ
ويؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع متوسط درجة حرارة الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى تبخر المزيد من الماء من السطح والتربة، وهذا بالتبعية يقلل من كمية المياه المتاحة للنباتات والحيوانات والأنشطة البشرية، وهو ما يخلق حالة الجفاف.
ويمكن للهواء الاحتفاظ بما قيمته نحو 7% رطوبة أكثر لكل درجة مئوية واحدة من ارتفاع درجات الحرارة، وبذلك فإنه حينما يكون الكوكب أكثر احترارا بمقدار 2.9 درجة مئوية مثلا مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية، فستتضاعف قدرة الهواء على حمل الماء بمقدار 21% تقريبا.
أضف إلى ذلك أن تغير المناخ يؤثر في قوة أنماط هطول الأمطار، مما يجعل بعض المناطق أكثر جفافا من ذي قبل، وهذا ما يحدث في أوروبا، حيث تنبع مياه الأنهار الأوروبية من الجبال التي تجمع الماء في فترة تساقط الثلوج في الشتاء، لكن كميات الثلوج تنخفض شيئا فشيئا في تلك المناطق بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وفي دراسة صادرة من جامعة كامبردج عام 2021، ظهر أن موجات الجفاف في أوروبا منذ عام 2015 كانت أكثر حدة من أي فترة أخرى خلال الـ2100 سنة الماضية، والسبب في ذلك بحسب الدراسة كان التغير المناخي الذي يتسبب فيه الإنسان.
مستقبل قاتم
وقد يختلف الباحثون على موعد ضربات الجفاف القاسية في أوروبا، لكنهم دون شك يتفقون أنها قادمة لا محالة. فعلى سبيل المثال، كانت دراسة أجرتها وكالة الفضاء والطيران الأميركية ناسا أشارت إلى أن احتمالية وقوع موجات جفاف كبرى تستمر الواحدة منها 10 سنوات؛ سترتفع من 12% حاليا إلى أكثر من 60% بحلول نهاية القرن.
وأشارت دراسة سابقة في دورية نيتشر إلى أن خسائر الجفاف السنوية في دول أوروبا قد تصل إلى أكثر من 65 مليار يورو سنويا خلال عدة عقود مقارنة بـ9 مليارات يورو سنويا حاليا، مع أحمال إضافية على المنظومات الصحية بشكل خاص.