مدرعة النمر.. كلفت إسرائيل 3 ملايين دولار ودمرها كورنيت كتائب القسام
في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023 دمرت كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إحدى مدرعات النمر باستخدام صاروخ من طراز “كورنيت”، وكان ذلك أثناء محاولات إسرائيل الاجتياح البري لغزة، وأدى تدمير المدرعة إلى مقتل 11 من جنود الاحتلال.
وجاءت محاولات الاجتياح الإسرائيلي بعد عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها كتائب القسام في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ اقتحمت مستوطنات غلاف غزة وسيطرت عدة ساعات على مراكز وقواعد عسكرية إسرائيلية، وقتلت مئات الجنود وأسرت نحو 250 إسرائيليا.
تاريخ التطوير
تشير مصادر في الصحافة الإسرائيلية إلى أن فكرة صناعة ناقلة الجند المدرعة “النمر”، ولدت من رحم يوم قاسٍ وصفه موقع “والا” بأنه الأصعب بالنسبة لجيش الاحتلال.
وفي يوم 12 مايو/أيار من عام 2004، وبينما كان جيش الاحتلال يبحث عن رفات 6 من جنوده قتلوا بعد استهداف المقاومة الفلسطينية لناقلة جند مدرعة من طراز “إم 113″، تمكّن مقاتلو حماس من إصابة ناقلة جند مدرعة أخرى من طراز “كيو إم 113” كانت محملة بالمتفجرات.
وقُتل جنود الاحتلال الخمسة الذين كانوا على متنها، كما عززت صورة نشرت لبعض جنود الاحتلال، وهم يزحفون بالقرب من المدرعة المشتعلة بحثا عن رفات زملائهم، الجدل حول جدوى وجود الاحتلال في غزة، كما جدد النقاش وقتها حول خطة فك الارتباط مع القطاع.
وعليه، أدرك جيش الاحتلال الحاجة لناقلة جنود بديلة عن “إم 113″، التي لم تفلح خطط تطويرها في توفير حماية أفضل.
بداية التطوير
طورت مدرعة “النمر” من قبل شركة “أوشكوش”، وهي شركة أميركية متخصصة في تصميم وصناعة الشاحنات والمركبات العسكرية وهياكل الشاحنات والرافعات، وصممت المدرعة بدفع رباعي يمكنها من تخطي الطرق الوعرة والصخور الكبيرة.
وباعت الشركة الأميركية المدرعة لعدة جهات منها إسرائيل، إذ أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية عام 2017 على موقعها الرسمي شراء 200 منها، استلمتها في العام التالي.
وعمل قسم التكنولوجيا واللوجستيك الإسرائيلي على تطوير هيكل المدرعة، لزيادة حماية جنودها أثناء الهجمات على الأراضي الفلسطينية، كما سعت الصناعات الدفاعية الإسرائيلية لتطوير محرك المدرعة، لتقفز به إلى محرك بقوة 900 حصان.
وأدخلت إسرائيل المدرعة الخدمة في عام 2021، لتحل بديلا عن مدرعات “الفهد” الناقلة، التي أوصي باستبدالها عقب الحرب على غزة عام 2014.
وكان قرار الاستبدال نتيجة للخسائر التي تكبدها جيش الاحتلال في حربه على غزة، وحصل بعدها على مدرعات ناقلة للجنود من طراز “النمر”، تكفي لطاقم مكون من 3 قادة بينهم السائق، وقدرة استيعابية تكفي لحمل 8 جنود مشاة.
وتزن المدرعة قرابة عشرة أطنان، ولا تزيد سرعتها عن 60 كيلومترا في الساعة لأسباب تتعلق بالسلامة، كما لا تزيد قدرة مقصورتها الاستيعابية على 14 جنديا.
وتعمل محركات مدرعة “النمر” بالديزل لتجنب سرعة الاشتعال، وهيكلها مطلي بالكامل بمواد خاصة للعزل الحراري تعمل على تأخير الاحتراق، وتكسو جدرانها 3 صفائح قوية تحميها من القذائف.
وتمتلك المدرعة أنظمة حماية ضد الفيضانات والظروف الجوية السيئة مثل الرياح والأمطار.
ملحقات مدرعة النمر
مدرعة “النمر” مزودة بكاميرات مراقبة تمكنها من رصد محيطها بالكامل، إضافة إلى فتحات “نوافذ” تتيح للجنود الاستطلاع والقنص من داخل المدرعة، وفي الوقت ذاته لا تستطيع طلقات الأسلحة الخفيفة إلحاق الأذى بالمدرعة.
وهي مزودة أيضا بنظام تدريع خاص بمواجهة الأسلحة الصغيرة والخفيفة، ومسلحة برشاشين من عيار 12 ملم، ومدفع من عيار 30 ملم، وقاذفة قنابل من عيار 40 ملم، فضلا عن خمسة مخارج للطوارئ، في حال اختراقها بالصواريخ الدقيقة.
وتحمل المدرعة صواريخ يمكن إطلاقها بأجهزة التحكم عن بعد، ورشاشات تعمل باللمس، بالإضافة إلى أنظمة لإعادة نفخ الإطارات تلقائيا، وغيرها من التقنيات الحربية الحديثة.
ولمقصورة المدرعة نظاما تكييف وتدفئة متطوران، ونوافذ واسعة مع خط رؤية مباشر ومثالي لرؤية الخارج، إضافة إلى فتحات في الزوايا، وقضبان حماية لصد التهديدات.
ويشتمل التصميم النهائي للمدرعة على مقصورة سائق مصممة هندسيا، مماثلة لتلك الموجودة في دبابة ميركافا، ومزودة بأجهزة متطورة للرؤية.
ويكون الجنود المشاة في الجزء الخلفي من هيكل المدرعة، الذي تم تجهيزه بمنحدر هيدروليكي يسمح لهم بالدخول إليها والخروج منها بأقصى قدر من الحماية.
القسام تدمر مدرعة “النمر”
نشرت كتائب القسام مقطعا لإصابة مدرعة “النمر” الإسرائيلية بصاروخ موجه من طراز “كورنيت” في شرق حي الشجاعية شرقي غزة في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأعلن جيش الاحتلال يوم الأربعاء الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عن مقتل 7 من جنود كتيبة “الصبار” التابعة للواء “جفعاتي” إثر تدمير المدرعة.
وليست هذه المدرعة الأولى التي تدمرها صواريخ القسام، بل سبق أن خسرت قوات الاحتلال مدرعة في شهر يونيو/حزيران 2023، إثر ضرب القسام لها بعبوة ناسفة أثناء محاولتها لاقتحام جنين، وأدت تلك العملية إلى إصابة 7 من جنود الاحتلال.
وأدى تدمير مدرعة النمر أثناء توغلها في قطاع غزة 2023 إلى صدمة داخل الجيش الإسرائيلي، الذي استثمر في تلك المدرعة أموالا طائلة.
وأعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري عن فتح تحقيق لبحث أسباب تدمير المدرعة وموت كل الجنود على متنها.
وقال هاغاري “هذه حادثة صعبة ومؤلمة للغاية، لكنها ليست مثل غيرها من الحوادث العسكرية السابقة، ولابد من دراستها قبل إعطاء خلاصة نهائية بشأنها”.