احتجاجات وعرائض تنديد ضد قانون “إفراس” بقلب الجدل في فرنسا بعد بلجيكيا
انطلقت السنة الدراسية الجديدة في فرنسا، وسط أجواء مشحونة. فبعد الجدل الذي أثاره قرار وزير التربية غابريال أتال، حظر ارتداء “العباءة” في المدارس العمومية، انتفض أولياء الطلاب مجدداً، كما جرى في بلجيكا قبل فترة، ضد قانون “إفراس Evras” المعنيّ بتعليم الثقافة الجنسية للأطفال في المدارس.
وكان عديد من الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي تداول مؤخراً أخباراً عن تخطيط الحكومة الفرنسية لإدراج الثقافة الجنسية في الحضانات والمدارس الابتدائية، أي للأطفال من سن خمس سنوات.
وفيما تنفي الحكومة الفرنسية والمؤسسات الإعلامية الرسمية هذه الادعاءات، عبّر عديد من الأسر والعائلات عن رفضها الشديد إقحام الأطفال في سنّ صغيرة، في هذه الدروس الموجهة والمدفوعة برؤى “تتعارض مع قيمها وتهدد تنشئة أطفالها السليمة”، حتى إن مئات منهم وقّعوا عريضة في ذلك.
من بلجيكا إلى فرنسا
في بداية سبتمبر/أيلول الجاري، أصدر اتحاد والونيا-بروكسل (FWB) مرسوماً يقضي بإلزامية دروس التربية الجنسية المعروفة بـ”إفراس” في المنهاج التعليمي بجميع المدارس، ابتداءً من السنة الدراسية الحالية.
وحسب ما جاء في الموقع الرسمي لوزارة التربية البلجيكية، فإن هذه الدروس تشمل تعليم الأطفال عن الحياة الجنسية ومفاهيم عن النوع الاجتماعي والهوية الجنسية للأطفال، بـ”ما يتناسب مع أعمارهم”.
واجه هذا القرار غضباً حادّاً في بلجيكا، بخاصة وسط الأسر والعائلات المحافظة، وعبّر مختصّون اجتماعيون ونفسيون عن مخاوفهم من خوض الأطفال هذه التجربة “المؤلمة”.
وساد الاحتقان الشارع البلجيكي، حيث خرج مئات في مظاهرات منددة بالقرار، وتعرّض عديد من المدارس والمؤسسات التربوية للهجوم وأُضرمَت النيران في بعضها.
وسَرعانَ ما امتدّ فتيل هذا الغضب إلى فرنسا، وسط حملة إعلامية مكثفة على شبكات التواصل الاجتماعي.
وجمعت عريضة فرنسية أكثر من 15 ألف توقيع وُجّهَت إلى وزير التربية من أجل إلغاء “قانون إفراس” في المدارس الابتدائية.
كما وزعت “المناشير التوعوية” أمام المدارس ورياض الأطفال، تحذر من خطر هذه المناهج على نفسية الطفل وتنشئته، وتطالب بفسح المجال للعائلات لمناقشة هذه المواضيع مع أبنائهم.
وتخوف أولياء الطلاب من الخطر الذي يشكله منهاج “إفراس” على الهوية الجنسية للأطفال، وسط توجُّه حكومي “ليبرالي يحتفي بزواج المثليين جنسياً”. وقالت إحدى الأمهات في مقطع فيديو، انتشر تداوله السريع: “سنقول للأطفال: أيها الصبي الصغير، ألا تشعر كأنك فتاة إلى حد ما؟ لكن لا تقلق، هذا طبيعي، قد تتحول إلى فتاة… إنهم يريدون جعل أطفالنا متحولين جنسيّاً”.
لا علاقة لنا به
في هذه الأثناء تحاول وزارة التربية الفرنسية بالاستعانة بالمحطات الرسمية، طمأنة أولياء الأمور وتفنيد المزاعم التي راجت على الإنترنت بشأن “إفراس”، في وقت هي في غنى فيه عن أي مشكل جديد يفاقم متاعبها منذ بداية العام الدراسي الجديد، لا سيما بعد التوتر الذي تسبب فيه قرار حظر “العباءة”.
وصرّح مسؤولون بأنه “لا علاقة لفرنسا بإفراس” وأنه موضوع جدلي فقط في بلجيكا في الوقت الراهن.
ومنذ أشهر حاول غابرييل أتال الدفاع عن دليل “تعليم الحياة العاطفية والجنسية Evras”، وقال إنه “أمر ضروري، كان ينبغي أن يصبح إلزامياً في المدارس قبل 20 عاماً”. واستدرك بأنه “مع ذلك ليس برنامجاً مخصصاً لجميع الأطفال”.
ويتكون دليل إفراس وفق مختصين، من 300 صفحة تحتوي على معلومات مخصصة للمدربين الذين سيقودون الدورات والجلسات التثقيفية.
وأكد أتال أن “على هؤلاء المهنيين العمل بناءً على أسئلة الأطفال، أي دون طرح أسئلة عليهم، ومراعاة سنّهم ونموهم النفسي والعاطفي، لأن من الواضح أننا لا نستطيع التعامل مع نفس المحتوى في سن 5 أو 10 أو 16 عاماً”.
على ضوء هذه التصريحات يطرح كثيرون تساؤلاً ملحّاً في نظرهم، عما إذا كانت المؤسسة التربوية في فرنسا ستتحول إلى ساحة صراع وتجاذبات سياسية وآيديولوجية، في وقت تواجه فيه كثيراً من الصعوبات على مستوى توظيف مزيد من المدرسين وزيادة الأجور وتوفير الأمن وغيرها من المطالب.