الاعتناء التركي بالأمانات المقدسة.. تقليد عثماني متوارث
تعمل دائرة القصور الوطنية التركية بشكل دوري على تنظيف جناح الأمانات المقدسة في متحف “طوب قابي”، الذي يضم مقتنيات تنسب إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.
ويجري التنظيف سنويا في شهر رمضان منذ العام 1517 م بعد إحضار المقتنيات إلى مدينة إسطنبول، مقر السلطنة العثمانية آنذاك، عقب ضم السلطان العثماني سليم الأول ياووز سليم مصر إلى دولته عام 1517، وتحفظ تلك المقتنيات في “الغرفة الخاصة” بالمتحف.
غرفة البردة
تضم الغرفة الخاصة المعروفة باسم “غرفة البردة الشريفة” بردة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وتشتمل المقتنيات على أدوات وآلات استُخدمت في حفظ الأمانات المقدسة فيما مضى، وعلى قطع نادرة جُلبت من مكة المكرمة والمدينة المنورة، وضعت جميعها في غرفة يتلى فيها القرآن الكريم على طوال اليوم دون انقطاع.
ومن أبرز القطع الموجودة في المتحف شعرة من اللحية الشريفة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وآثار أقدامه، ومحفظة لسنه الشريفة التي كُسرت في غزوة أحد وبعض مراسلاته، بالإضافة إلى سيفه.
كما تضم الغرفة وعاء طعام منسوبا للنبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وعصا منسوبة للنبي موسى عليه الصلاة والسلام، وسيفا منسوبا للنبي داود عليه الصلاة، وعباءة منسوبة للنبي يوسف عليه السلام، وسيوفا تعود لخلفاء المسلمين، وبردة السيدة فاطمة بنت النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ومفاتيح الكعبة المشرفة، ومحفظة الحجر الأسود.
40 حافظا يتلون القرآن بلا انقطاع
وفي حديث للأناضول، أوضح رئيس المتحف إلخان قوجامان أن الغرفة الخاصة استخدمت بعد فتح إسطنبول عام 1453 م من قبل السلطانين محمد الفاتح وبيازيد الثاني، عقب نقل الأمانات المقدسة من مصر إلى إسطنبول عام 1517 م.
وأضاف: عندما جاء سليم الأول بتلك الأمانات المقدسة إلى إسطنبول ووضعها في الغرفة الخاصة، استدعى 39 حافظا للقرآن الكريم وأكمل هو العدد إلى 40، وأمرهم بتلاوة القرآن في الغرفة، ومنذ ذلك الوقت والقرآن يتلى هناك يوميا طوال 24 ساعة.
وأوضح رئيس المتحف أن الزخارف المستخدمة في البلاط وقبة الغرفة الخاصة تعكس فن العمارة العثمانية التقليدية، مبينا أن الزخارف نقشت عليها قصيدة البردة التي كتبها كعب بن زهير في مدح النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وفوقها مباشرة كتبت آيات من سورة “الفتح” وعلى السقف آيات من سورة “الأحزاب”.
طريقة “بارس”
وأشار رئيس المتحف إلى أنه في العهد العثماني كان يتم فتح الغرفة مرة واحدة كل 3 أسابيع لتنظيفها بطريقة تقليدية.
وأضاف: كان السلطان يشارك في عملية التنظيف وخصوصا في اليوم الـ15 من رمضان، ويطلق على تلك الطريقة اسم بارس، حيث تفتح الغرفة والبردة الشريفة، ويتم تنظيفها بماء الورد ومسحها بعناية فائقة وإزالة الغبار.
وتابع: لا تستبدل أدوات التنظيف المستخدمة في تنظيف الغرفة الخاصة والمقتنيات المقدسة إلا بشروط محددة، كما أن الغبار الذي يتم إزالته لا يرمى خارجا في الطريق، بل يصب في فتحة بئر عند الباب احتراما لأمانات الأجداد.
ولفت رئيس المتحف إلى أن عملية التنظيف في الوقت الحالي تتم عبر فريق مختص يتبع دائرة القصور الوطنية التركية.