أوراق عوّلت عليها المعارضة العلمانية ولم تجدِ نفعاً في الانتخابات
جاءت رياح نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة في تركيا، بما لا تشتهي سفن المعارضة التي كانت تنظر إلى فوزها بالسباقين، نظرة حاسمة، في ظل تعويلها على أوراق ظنت بأنها حاسمة التنافس لصالحها، أبرزها الناخبين الأكراد وتداعيات الزلزال.
واستطاع تحالف “الجمهور” بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان من الحصول على غالبية البرلمان، بواقع أكثر من 320 مقعداً، فيما 268 منها فقط لحزب العدالة والتنمية، والباقي للأحزاب الأخرى المتحالفة.
في المقابل، أسفرت الجولة الثانية من الرئاسيات، عن حصول الرئيس أردوغان على 52.18 في المئة من الأصوات ومنافسه قليجدار أوغلو على 47.82 في المئة، ليتم بذلك انتخابات أردوغان لولاية جديدة تمتد لـ 5 سنوات.
وفي انتخابات الإعادة لاختيار الرئيس، أدلى 52 مليون و93 ألفا و375 ناخبا محليا بأصواتهم، وبلغ معدل التصويت 85.72 في المئة، فيما بلغت نسبة المشاركة 88.92% داخل البلاد، و53.80% خارجها.
الاقتصاد “ليس مهما” كثيراً
كان يتوقع أن يكون لهبوط الليرة التركية -الذي أدى إلى رفع التضخم إلى 85% في الخريف- تأثير يدفع الناخبين الأتراك إلى التصويت ضد أردوغان.
لكن الرئيس التركي -الذي رفع 3 مرات خلال سنة الحد الأدنى للأجور- كثّف وعود حملته الانتخابية، وبينها مضاعفة رواتب موظفي القطاع العام.
وأقنعت هذه الإجراءات شريحة من الناخبين في بلد “لا يعد فيه التصويت الاقتصادي مهما بقدر ما يراه المعلقون”، كما يقول الباحث في العلوم السياسية في جامعة سابانجي في إسطنبول بيرك إيسن، في تقرير لـ الجزيرة نت.
ولإعادة الاقتصاد إلى مساره، وعدت المعارضة برفع أسعار الفائدة لخفض التضخم إلى ما دون 10% في غضون عامين.
ويرى أستاذ الاقتصاد الدولي أوميت أكجاي أن وعود المعارضة هذه لم تثر حماسة لدى الأشخاص الذين يواجهون صعوبات أساسا.
التصويت الكردي غير كاف للمعارضة
يلفت مسؤول الدراسات المعارضة في المعهد الفرنسي لدراسات الأناضول في إسطنبول يوهانان بنحاييم إلى أن التصويت الكردي هو الذي يفسر النتيجة الجيدة للمعارضة.
ونال كمال كليجدار أوغلو أفضل النتائج في المحافظات الواقعة في جنوب شرقي البلاد ذي الأغلبية الكردية، لا سيما في ديار بكر، حيث حصل على 72% من الأصوات بعد التفاف حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد حوله.
ويقول الباحث بيرم بلجي إن إستراتيجية أردوغان القائمة على ربط المعارضة بالأكراد وبتنظيم “بي كي كي” الإرهابي والإرهاب تبيّن أنها ناجحة.
الأثر المحدود لتداعيات الزلزال
عبر ناجون عن غضبهم بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في السادس من فبراير/شباط الماضي، متهمين الدولة بالتأخر في الوصول إلى محافظاتهم لمساعدتهم، لا سيما في أديامان وهاتاي.
لكن أردوغان وعد بإعادة بناء 650 ألف منزل للناجين من الزلزال في أسرع وقت ممكن. وحسب بيرك إيسن، فإن “الرسالة بدت ذات مصداقية” لقسم من الناخبين.
وهكذا احتفظ الرئيس التركي بنتائج عالية جدا في أغلب المحافظات المتضررة، ونال 72% من الأصوات في كهرمان مرعش، و69% في ملطية، و66% في أديامان. وفي هاتاي بقيت نتيجته على حالها عند 48%.
اختراق قومي
شكل الاختراق الذي حققه المرشح القومي سنان أوغان إحدى مفاجآت الاقتراع، ونال هذا النائب السابق أكثر من 5% من الأصوات، في حين تحالف أردوغان وكليجدار أوغلو مع تنظيمات قومية أيضا.
ويقول الباحث في معهد برشلونة للأبحاث الدولية أوموت أوزكيريملي إن القومية مكون في المشهد السياسي التركي، مضيفا: هي عنصر ثابت منذ التسعينيات.
ويمكن تفسير ثقل القوميين -الذين جمعت تنظيماتهم المختلفة 22% من الأصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية- أيضا عبر مسألة اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا.
ويقول يوهانان بنحاييم إن التغير الأكبر للوضع هو أن اليمين واليمين المتطرف باتا بشكل كبير ضمن اللعبة.
الحسابات الخاطئة لاستطلاعات الرأي
كل استطلاعات الرأي -أو معظمها- أظهرت تقدم كليجدار أوغلو على أردوغان، حتى أن بعضها توقع فوز المعارض من الدورة الأولى.
لكن الرئيس التركي أثبت أنها على خطأ بحصوله على 49.50% من الأصوات، رغم عدم حسم المعركة من الدورة الأولى كما حصل في 2018.
انتخابات تاريخية
وفي 14 مايو/ أيار الماضي، شهدت تركيا انتخابات برلمانية ورئاسية في آن واحد، وصفت بـ “التاريخية” لكونها تتزامن مع الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية التركية.
وتنافس في الانتخابات البرلمانية 24 حزباً لحصول على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان البالغ إجمالي عدد مقاعده 600 مقعداً.
واستطاع تحالف “الجمهور” بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان من الحصول على غالبية البرلمان، بواقع أكثر من 320 مقعداً، فيما 268 منها فقط لحزب العدالة والتنمية، والباقي للأحزاب الأخرى المتحالفة.
في المقابل، لم ينجح تحالف “الطاولة السداسية” المعارض في تحقيق الغالبية بالبرلمان، حيث حصل حزب الشعب الجمهوري أكبر الأحزاب المعارضة في البلاد، على 169 مقعداً فقط، بحسب النتائج النهائية التي كشفت عنها الهيئة العليا للانتخابات .
وعلى صعيد الانتخابات الرئاسية، فقد خاض السباق 3 مرشحون عن تحالف حزبية مختلفة، هم الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان عن تحالف “الجمهور”، وزعيم المعارضة كمال كلجدار أوغلو عن تحالف “الأمة” أو ما يعرف بـ “الطاولة السداسية”، والسياسي القومي سنان أوغان عن تحالف “الأجداد”، فيما أعلن محرم إنجه، المترشح عن حزبه “البلد” الانسحاب من التنافس قبل أيام بشكل مفاجئ.
وشهدت الجولة الأولى حصول أردوغان على 49.52 بالمئة من الأصوات، فيما نال منافسه الأبرز ومرشح المعارضة كمال قليجدار أوغلو 44.88 بالمئة، وسنان أوغان 5.17 بالمئة، لتعن الهيئة العليا للانتخابات عن امتداد السباق الرئاسي إلى الجولة الثانية التي جرت بتاريخ 28 مايو/ أيار 2023.
وأسفرت الجولة الثانية من الرئاسيات، عن حصول الرئيس أردوغان على 52.18 في المئة من الأصوات ومنافسه قليجدار أوغلو على 47.82 في المئة، ليتم بذلك انتخابات أردوغان لولاية جديدة تمتد لـ 5 سنوات.
وفي انتخابات الإعادة لاختيار الرئيس، أدلى 52 مليون و93 ألفا و375 ناخبا محليا بأصواتهم، وبلغ معدل التصويت 85.72 في المئة، فيما بلغت نسبة المشاركة 88.92% داخل البلاد، و53.80% خارجها.