أحد أقمار زحل يقذف عمودا من المياه يمتد لأكثر من 9 آلاف كيلومتر

باستخدام تلسكوب “جيمس ويب” الفضائي التابع لوكالة “ناسا” (NASA)، اكتشف علماء الفضاء من معهد ساوثويست للبحوث، عمودا شاهقا من بخار الماء يقذف من سطح قمر كوكب زحل “إنسيلادوس”.

 

وبحسب نتائج الاكتشاف التي سوف تنشرها دورية “نيتشر أسترونومي، فإن العمود المائي المنبعث من إنسيلادوس يمتد لأكثر من 9 آلاف كيلومتر، وهي تقريبا المسافة من لوس أنجلوس الأميركية إلى بوينس آيرس في الأرجنتين، أو بامتداد يعادل المسافة من الولايات المتحدة إلى اليابان، بحسب ما ذكره تقرير لصحيفة “ديلي ميل”.

 

من ناحية أخرى، قال بيان وكالة ناسا إنها ليست المرة الأولى التي يُشاهد فيها مثل هذا الانبعاث المائي على هذه المسافة الشاسعة، لكن تلسكوب جيمس ويب أعطى العلماء نظرة مباشرة، ولأول مرة، حول كيفية تغذية هذا الانبعاث بإمدادات المياه لنظام زحل وحلقاته بالكامل.

 

اكتشاف عمود هائل من المياه يقذفها إنسيلادوس القمر التابع لكوكب زحل

المركبة كاسيني قامت باستكشاف زحل وأقماره وأخذ عينات من الماء الذي يقذفه إنسيلادوس (ناسا).

 

إنسيلادوس خزان هائل للمياه

 

يمتلك زحل أكثر من 100 قمر، لكن “إنسيلادوس” هو القمر الذي يحتوي على محيط مائي سائل يبلغ حجمه حوالي 4% من حجم الأرض، كما يبلغ عرضه 503.72 كيلومترات فقط، وهو أحد أكثر الأهداف العلمية إثارة بنظامنا الشمسي في البحث عن الحياة خارج الأرض.

 

وبحسب تقرير صحيفة “ديلي ميل”، فإن “إنسيلادوس” هو أحد المواقع القليلة في نظامنا الشمسي الذي يحتوي على مياه سائلة، جنبا إلى جنب مع الأرض وقمر كوكب المشتري يوروبا، مما يجعله هدفا مهما لعلماء الأحياء الفلكية.

 

وبالإضافة إلى ذلك فإن “إنسيلادوس” يظهر في الفضاء ككرة جميلة من اللون الأبيض، مغطاة بطبقة من الجليد لا يقل سمكها عن 19.3 كيلومترا، ويدور حول زحل بين مداري قمرين آخرين وهما “ميماس” و”تيثيس”. وأثناء قيامه بالدوران حول كوكب زحل، يقوم القمر باستمرار بقذف جزيئات الماء، الذي يشكل خزانا من المياه المالحة تقع بين القشرة الخارجية الجليدية للقمر ولبه الصخري.

 

ووفقا لما ذكره بيان وكالة ناسا، فقد كانت المراصد في السابق، قد حددت أن النفثات تمتد لمئات الكيلومترات من سطح القمر، حيث تنفث البراكين الشبيهة بالسخان نفاثات من جزيئات الجليد وبخار الماء والمواد الكيميائية العضوية من الشقوق الموجودة على سطح القمر والتي تسمى بشكل غير رسمي “خطوط النمر”.

 

استطلاع “إنسيلادوس”

 

وبحسب البيان الصادر من معهد ساوثويست للبحوث، فإنه وخلال فترة الاستطلاع التي استمرت 13 عاما لنظام زحل، اكتشفت المركبة الفضائية “كاسيني” أن “إنسيلادوس” لديه محيط تحت السطح من الماء السائل، وقامت كاسيني بتحليل العينات على أنها أعمدة من حبيبات الجليد وانبعاث بخار الماء في الفضاء من الشقوق في السطح الجليدي للقمر.

 

وكان المسبار كاسيني قد قضى أكثر من عقد من الزمان في استكشاف نظام زحل، ولم يقتصر الأمر على تصوير أعمدة “إنسيلادوس” لأول مرة، بل طار خلالها مباشرة وأخذ عينات منها، حيث قدم موقع كاسيني داخل نظام زحل رؤى لا تقدر بثمن لهذا القمر البعيد، إلا أن رؤية “جيمس ويب” الفريدة تقدم سياقا جديدا.

 

يقول كريستوفر غلين، الخبير الرائد في علم المحيطات خارج كوكب الأرض إن “إنسيلادوس هو أحد أكثر الأجسام ديناميكية في النظام الشمسي، وهو هدف رئيسي في بحث البشرية عن الحياة خارج الأرض”.

 

استكشاف عمود الماء الشاهق

 

ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة جيرونيمو فيلانويفا من مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا “عندما كنت أبحث في البيانات، في البداية، كنت أفكر في أنني ربما أكون مخطئا، ولكن كان أمرا رائعا للغاية عندما اكتشفنا عمود ماء يزيد حجمه على 20 ضعف حجم القمر، كما أن عمود الماء يمتد إلى ما هو أبعد من منطقة إطلاقه في القطب الجنوبي للقمر”.

 

ويضيف فيلانويفا “لم يكن طول العمود هو السمة الوحيدة التي أثارت اهتمام الباحثين، ولكن أن معدل تدفق بخار الماء، بلغ 299 لترا في الثانية، وهو أمر مثير للإعجاب أيضا، حيث إنه بهذا المعدل، يمكنك ملء حوض سباحة بحجم أولمبي في غضون ساعتين فقط. وبالمقارنة، فإن القيام بذلك باستخدام خرطوم الحديقة على الأرض سيستغرق أكثر من أسبوعين.

 

وحول ترتيبات رصد المياه المتدفقة من قمر زحل يقول بيان وكالة ناسا إنه في السنوات المقبلة، سيعمل تلسكوب ويب كأداة مراقبة أساسية لقمر “إنسيلادوس”، وستساعد بيانات التلسكوب في إعلام بعثات الأقمار الصناعية المستقبلية للنظام الشمسي التي ستبحث في استكشاف عمق المحيط تحت السطحي، ومدى سماكة القشرة الجليدية، كما توفر قياسا مباشرا لكيفية تطور المياه وتغيرها بمرور الوقت في عمود “إنسيلادوس” الهائل.