هذه هي جذور أزمة كوسوفو التي تهدد استقرار البلقان
أوضح تقرير نشرته صحيفة “لوموند” الفرنسية أن الخلافات الأخيرة في كوسوفو اندلعت بعد أن قررت بريشتينا إلغاء اعترافها بلوحات الأرقام الصربية التي ظلت تستخدم في السيارات بمنطقة الشمال التي تسكنها الأقلية الصربية.
وكرد فعل رافض لهذه الخطوة قدم المنتخبون ورجال الأمن من الصرب استقالاتهم، مع جعل بريشتينا تنظم انتخابات مبكرة قاطعتها الأقلية الصربية.
وكان طبيعيا أن تتشكل المجالس الجديدة من الأغلبية، وألا يعترف بها الصرب الذين اندفعوا إلى مواجهات ضد المنتخبين في 26 مايو/أيار 2023.
وبحسب لوموند، فإن صربيا متشبثة بكوسوفو، ولا تزال مصرة على عدم الاعتراف بها، وقد أثار لاعب كرة التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش الأسبوع الماضي ضجة في دوري لوران غاروس بفرنسا بعدما كتب على إحدى الكاميرات “كوسوفو هي قلب صربيا”.
استغلال سياسي
ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم إن تركيز الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش على أزمة كوسوفو يساعده في تحويل الانتباه عن المشاكل الداخلية التي يعانيها نظامه، وبينها انتشار الفساد.
وذكر تقرير لوموند أن دولا غربية -بينها الولايات المتحدة وفرنسا- انتقدت مساهمة سلطات كوسوفو في تدهور الأوضاع، علما أن بلغراد وبريشتينا مرشحتان للاندماج مع أوروبا، لكن بسبب الخلافات العميقة بينهما وعدم اعتراف صربيا بكوسوفو كدولة مستقلة لا يزال مسلسل دخولهما الاتحاد الأوروبي معلقا.
مصالح روسيا
وتوضح الصحيفة الفرنسية أن روسيا ليست بعيدة عن الأزمة، حيث تجمع موسكو وبلغراد عدة مصالح اقتصادية، خاصة في مجال الطاقة، إضافة إلى اشتراكهما في الأرثوذكسية، فضلا عن أن الرأي العام في صربيا يميل إلى فلاديمير بوتين، حيث يرى فيه الشخص الوحيد الذي استطاع الوقوف في وجه الولايات المتحدة التي ساهمت في قصف صربيا عام 1999.
وكشفت لوموند أن روسيا تدعم صربيا لتحقيق أهداف إستراتيجية عديدة، بينها إضعاف المعسكر الغربي، مستغلة عدم اعتراف 5 أعضاء من الاتحاد الأوروبي بكوسوفو كدولة مستقلة، وهي كل من إسبانيا واليونان ورومانيا وسلوفاكيا وقبرص، علما بأن كل هذه الدول -باستثناء قبرص- أعضاء أيضا في حلف الناتو.
كوسوفو دولة صغيرة تحيط بها صربيا والجبل الأسود ومقدونيا وألبانيا، ويبلغ عدد سكانها -بحسب وكالة الإحصاء الكوسوفية- نحو 1.8 مليون نسمة.
وقد أعلنت استقلالها عام 2008، وتعترف بها 100 دولة، ولا تزال صربيا ترفض الاعتراف بها.
وبعد انتهاء قصف حلف الشمال الأطلسي “ناتو” (NATO) صربيا وقواتها في كوسوفو واضطرار الرئيس السابق سلوبودان ميلوسيفيتش إلى إعلان الانسحاب من كوسوفو مقابل وقف ضربات الناتو عام 1999 وقّع في يونيو/حزيران 1999 على معاهدة سلام سميت “كومانوفو”، ونصت على تعويض القوات الصربية بقوات دولية، فانسحبت القوات اليوغسلافية، وأعيد مليون ألباني و500 نازح، فيما استقرت الأقلية الصربية في شمال كوسوفو.