المرشح الرئاسي الجزائري السابق.. رفع عقوبته من 4 إلى 6 سنوات قبل شهر من اطلاق سراحة
بعد أن قضى 4 سنوات كاملة في السجن لم يتبق منها سوى شهر للمغادرة، وجد علي غديري المرشح الرئاسي والعسكري السابق في الجزائر، نفسه أمام حكم قضائي جديد يرفع مدة عقوبته إلى 6 سنوات سجنا نافذا، ما سيجبره على إتمام سنتين إضافيتين، الأمر الذي تسبب في صدمة لدى أنصاره والمتعاطفين مع قضيته.
استمرت المحاكمة الثلاثاء في مجلس قضاء الجزائر لساعة متأخرة من الليل وخرجت تشكيلة القضاة للمداولة في حدود الساعة الثانية صباحا، لتعود وتنطق بإدانة علي غديري بـ6 سنوات سجنا نافذا، وسط ذهول من حضروا المحاكمة من عائلته وأنصاره الذين كانوا ينتظرون بشغف هذه المحاكمة للحصول على رد اعتبار للرجل كما صرحوا بذلك، فتحول الأمر إلى كابوس بعد رفع مدة العقوبة.
وفي ردود الفعل الآنية على المحاكمة، كتبت صفحة، كلنا مع سجين الرأي علي غديري، أن ما حدث ظلم في حق الرجل، بينما قالت محاميته نبيلة سليمي في منشور لها تعقيبا على الحكم، 6 سنوات لعمي الراجل الفحل العزيز علي غديري.. كان من المفترض أن يغادر السجن يوم 13 يونيو القادم، أقل من شهر.. حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم.
وتعد هذه المحاكمة الثالثة لعلي غديري في نفس القضية، فبعد المحاكمة الابتدائية التي حكم فيها عليه بـ4 سنوات سجنا نافذا، جاء الاستئناف الذي أيّد العقوبة، ليقرر دفاعه الطعن أمام المحكمة العليا التي نقضت الأحكام وطلبت إعادة المحاكمة أمام تشكيلة جديدة من القضاة. وبينما كان ينتظر الجميع أن تكون المحاكمة الجديدة بعد خروج غديري من السجن كون عقوبته تنقضي في منتصف حزيران/ يونيو المقبل، تم بشكل مفاجئ برمجتها قبل نهاية الدورة الجنائية يوم 16 أيار/ مايو.
واللافت أن المحكمة العليا في قرارها، قبلت طعن الدفاع رغم تقدم النيابة بطعن كذلك، ما منح مؤشرات تفاؤل لدفاع غديري بأن يكون الحكم الذي سيصدر بعد المحاكمة الجديدة أقل من سابقيه. وما دفع المحكمة العليا لنقض الحكم السابق، رصدها خروقات في الشكل كون القاضي الذي نظر في ملف غديري هو قاض برتبة مستشار، بينما قانون الإجراءات الجزائية في أحكامه ينص على أن يكون القاضي برتبة رئيس، وخروقات أخرى في الموضوع، بسبب افتقاد الجناية المتابع بها غديري لأركانها المادية والمعنوية مما يوجب نقض وإبطال القرار.
وفي تفاصيل الجلسة، جدد غديري لهيئة المحكمة رفضه لكل التهم المتابع بها، وفي مقدمتها تهمة “المشاركة في وقت السلم في إضعاف الروح المعنوية للجيش” التي وصفها بالباطلة، وقال إنه لا يمكن له أن يمس بمؤسسة الجيش التي سخّر لها كل حياته ووهبها اثنين من أولاده يعملان كضباط سامين حاليا في صفوف الجيش، وبالتالي فعلاقته بهذه المؤسسة عاطفية ووجدانية ولا يمكن أن تكون محل شك.
وتوبع غديري بهذه التهمة بسبب حوار صحافي أجراه مع جريدة الوطن الناطقة بالفرنسية قبل أحداث الحراك الشعبي في الجزائر، خاض فيه في مسألة رئاسيات نيسان/ أبريل 2019 ومسؤولية قيادة الجيش في حماية البلاد من خطر التمديد للرئيس المريض في الحكم وهي الأطروحة التي كانت تتداول في ذلك الوقت لتجنيب بوتفليقة عناء الترشح وهو مريض.
وكانت وزارة الدفاع في ذلك الوقت بتوجيه من الراحل أحمد قايد صالح وراء الدعوى القضائية التي رفعت ضد غديري كونه “خرج عن واجب التحفظ” باعتباره عسكري سابق شغل منصبا رفيعا في وزارة الدفاع.
وفي رده على أسئلة القضاة حول هذه المسألة، طلب غديري إعادة قراءة نص الحوار الصحافي أمام المحكمة لتعلم أن غايته كانت واضحة ومحددة، فهو لم يطلب حسبه من الجيش سوى حماية الدستور ورفض ما كان يدعو له من وصفهم بالمغامرين، مشددا على أن ما قاله لجريدة الوطن كان الهدف منه إيجاد حل للأزمة السياسية التي كانت تتخبط فيها البلاد.
ويوجد العسكري السابق في السجن منذ حزيران/ يونيو 2019، حيث تم حبسه في ذروة مظاهرات الحراك الشعبي، بتهمة المساهمة في وقت السلم في مشروع إضعاف الروح المعنوية للجيش قصد الإضرار بالدفاع الوطني، وهي التهمة التي ظل يصر على إنكارها معتبرا أنها تسيء لسمعته وتاريخه وتهمة أخرى تتعلق بتسليم معلومات إلى عملاء دولة أجنبية تمس بالاقتصاد الوطني والتي ألغيت لاحقا.
ولم يبرز غديري كشخصية سياسية إلا سنة 2018، وكان ذلك بعد تقاعده من المؤسسة العسكرية. ولفت الانتباه إليه من خلال سلسلة مقالات نقدية نشرها عبر جريدة الوطن دافع فيها عن فكرة القطيعة مع سياسات النظام، وهي خطوة مهدت بعد ذلك لإعلان ترشحه لانتخابات نيسان/ أبريل 2019 التي أجهضها الحراك الشعبي. وأثار ترشح غديري الحاصل على دكتوراه في العلوم السياسية جدلا واسعا حينها، بعد أن رأى مهاجموه أنه مدعوم من قبل جناح في السلطة لمواجهة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.