مناطق المعارضة الوجهة الأولى للشباب السوري الهارب من التجنيد الإجباري بمناطق النظام
تمكن أحمد العامر من الوصول إلى مناطق شمال غربي سوريا قبل بضعة أيام، وذلك بعد رحلة دامت أياما إثر هروبه من مدينة حماة خشية التجنيد الإجباري في صفوف قوات النظام السوري.
هربًا من الاعتقال، جاء أحمد إلى عائلة شقيقه الذي يقطن في مدينة إدلب بشمال البلاد منذ سنوات، حيث تعيش آلاف العائلات الهاربة من مدينة حماة في مناطق سيطرة المعارضة السورية شمال غربي البلاد.
يقول أحمد العامر: بعد بلوغي 19 عاما وصلتني مذكرات إحضاري من قبل الشرطة العسكرية، وعلى إثرها قررت التواصل مع وسيط لتهريبي إلى مناطق الشمال مقابل 2500 دولار.
وأضاف العامر أن الوسيط ولتلافي أي تفتيش في الطريق يقوم بدفع مبلغ من المال لعناصر الحواجز التابعة للنظام المنتشرة على طول الطريق حتى الوصول إلى مدينة منبج الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وهناك عبرنا باتجاه المعبر الفاصل مع قوات المعارضة السورية، ومن ثم توجهنا إلى مدينة الباب بريف حلب الشرقي وبعدها إلى البلدة التي يقطن فيها أخي بمدينة إدلب.
ووصل خلال المدة الأخيرة عشرات الشبان من مناطق سيطرة النظام السوري باتجاه مناطق سيطرة المعارضة حيث قدر عددهم بـ70 شابا، وفقا لمصادر متقاطعة من المعارضة.
ويتبع الشبان طرقا للتهريب عن طريق حواجز جيش النظام مقابل مبالغ مالية تراوح بين 1500 إلى 4 آلاف دولار.
ويصل الشبان إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية من مدن دمشق وحماة ودرعا والسويداء، ومن ثم عن طريق المعابر إلى مدن حلب وإدلب.
الهروب من جيش النظام
محمد.ض أحد أبناء حي دير بعلبة بحمص، وهو خريج جامعة البعث في المدينة، قال إن تخلفه عن أداء الخدمة الإلزامية في صفوف قوات النظام يشكل حاجزا منيعا أمام حصوله على وظيفة بمجال اختصاصه، وذلك ما دفعه إلى التفكير الجدي بالبحث عن سبيل للخروج من سوريا نحو لبنان أو المناطق المحررة، بالتعاون مع مهربين متعاقدين مع حواجز قوات النظام.
ولفت الشاب السوري إلى أن الخروج نحو مناطق سيطرة المعارضة ومنها إلى تركيا ومن ثم إحدى دول العالم يكلف قرابة 1500 دولار، فضلًا عما يراوح بين ألفين إلى 3 آلاف دولار للعبور من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة إلى تركيا.
وأشار إلى أن ذلك يأتي وسط تعهد المهربين بعدم تعرضي لأي مضايقة على الطريق المؤدي من حمص إلى إدلب من قبل الحواجز التي يتم التنسيق معها قبل ذلك.
تدمير المستقبل
بدوره، أوضح الشاب عبد الله الذي يبلغ من العمر 22 عاما أنه يحاول جاهدا تأمين مبلغ 1500 دولار للوصول إلى مكان إقامة شقيقه في مدينة إدلب، هربا من عمليات الدهم وحملات الاعتقال التي تشمل فئة الشباب الذين بلغوا السنّ القانونية للخدمة العسكرية.
وأضاف أن مجرد التفكير في الالتحاق بصفوف قوات النظام السوري تعني تدمير المستقبل، لأن الشباب سيضطرون إلى قضاء نحو 9 أعوام ما بين الخدمتين الإلزامية المقررة بسنة ونصف، ومدة خدمة الاحتفاظ المقررة بـ6 أعوام.
ولفت إلى أنه سينتهي من الخدمة بعمر يتجاوز 30 عامًا إذا نجح بالبقاء على قيد الحياة بعد زجّه على إحدى جبهات القتال.
نحو أوروبا
ينضم هؤلاء الشباب إلى أسرهم المهجرة في الشمال السوري، ويتجه أغلبهم إلى الأراضي التركية بهدف الحصول على فرصة عمل أو الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي.
الباحث الاجتماعي خالد الخليل أوضح أن شريحة واسعة من أبناء المجتمع المدني لا سيما فئة الشباب منهم يسعون سعيا دؤوبا للخروج بعيدًا عن مناطق سيطرة النظام في الداخل السوري، بحثًا عن واقع أفضل للحياة المعيشية والمهنية على حد سواء، بعد التدهور الكبير الذي تشهده مناطق سيطرته أسوة ببقية المحافظات.
ويضيف الخليل أن العائلات تسعى لإيجاد مدخول يساعدها على تحمل أعباء المعيشة بسبب الغلاء الفاحش، والسبيل الوحيد هو إرسالهم إلى أوروبا، لذلك فإن مناطق سيطرة المعارضة السورية هي السبيل الأفضل لأنها الأقرب إلى تركيا التي عن طريقها وصل آلاف الشبان إلى الدول الأوروبية.
سامر أبو عمار وصل قبل شهر إلى منطقة سرمدا الحدودية مع تركيا شمالي محافظة إدلب، وهو فارّ من الخدمة العسكرية من ريف دمشق، بعد أن قرر البقاء سابقًا عقب التسوية مع قوات النظام السوري وروسيا عام 2018.
ورغم تلك التسوية، يقول أبو عمار إن قوات النظام أخذت شقيقه للخدمة العسكرية وعاد إليهم جثة هامدة بعد أسبوع بسبب المعارك مع تنظيم الدولة الإسلامية في بادية حمص.
ويؤكد أبو عمار أن والدته قامت ببيع مصوغاتها الذهبية من أجل تهريبه إلى شمال سوريا لتحافظ عليه من التنجيد، لأنه سوف يقتل من قبل جيش النظام إن لم يقتله تنظيم الدولة، حسب قوله.