مصر تقلص سنوات الدراسة في كليات الطب
قررت مصر تعديل عدد سنوات الدراسة في كليات الطب البشري؛ بهدف توفير عدد أكبر من مقدمي الرعاية الطبية في المستشفيات الحكومية في ظل التراجع الكبير في أعداد الأطباء نتيجة زيادة موجة الاستقالات للعمل في الخارج أو القطاع الخاص.
وأعلن المجلس الأعلى للجامعات في مصر، الأحد، تعديل مدة الدراسة في كليات الطب لنيل درجة البكالوريوس في تخصص الطب والجراحة العامة لتصبح 5 سنوات، على أن يعقبها سنتان للتدريب الإجباري في مواقع العمل.
سوف يدخل القرار حيز التنفيذ، بحسب قرار المجلس، على الملتحقين بالكلية في العام الدراسي 2023-2024، وستكون الدراسة بنظام الساعات أو النقاط المعتمدة، وتعتمد على قدرات الطالب في تحصيل أكبر أو أقل عدد ساعات ممكن.
يبلغ المعدل العالمي للأطباء عبر العالم 23 طبيبا لكل 10 آلاف مواطن، فيما تبلغ النسبة في مصر 8.6 بالمئة من المعدل العالمي، بحسب دراسة صادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالتعاون مع وزارة الصحة في عام 2019.
وخلال العام الماضي استقال أكثر من 4300 طبيب مصري يعملون بالمنشآت الصحية الحكومية، وهو العدد الأكبر خلال السنوات السبع الماضية، بمعدل يصل إلى 13.5 طبيبا كل يوم، بحسب أرقام نقابة الأطباء، التي أكدت أن العدد يزيد سنويا، إذ تضاعف 4 مرات من 1044 استقالة عام 2016 إلى 4127 استقالة عام 2021.
أرجعت النقابة العامة للأطباء سبب الاستقالات إلى أن الوضع بات أسوأ وأن عزوف الأطباء عن العمل بالقطاع الحكومي في تزايد من أجل الهجرة خارج مصر، مشيرة إلى استقالة أكبر عدد من الأطباء في عام 2021 حيث استقال 4127 طبيبا، مقارنة باستقالة 1044 طبيبا في عام 2016، أي أنها تضاعفت أربع مرات.
واحتلت مصر المرتبة الثالثة بين أكثر الدول التي يهاجر منها الأطباء إلى بريطانيا، بحسب تقرير أصدرته سلطات القوى العاملة البريطانية العام الماضي (2022)، التي أشارت إلى أن أعداد الأطباء المصريين المهاجرين إلى بريطانيا ارتفعت بنسبة 202 في المائة منذ عام 2017.
ماذا وراء تعديلات سنوات الطب؟
عن أسباب تعديل سنوات الدراسة بكليات الطب في مصر، قال عضو مجلس النقابة العامة للأطباء الدكتور رشوان شعبان إن التعديل هو مقترح من داخل المجلس الأعلى للجامعات بناء على مطالب الجامعات المختلفة، على أساس أن الكثير من جامعات العالم تطبق نظام 5+2 بدلا من نظام 6+1.
وأضاف: النقابة لم يتم أخذ رأيها في تعديل نظام الدراسة، لكننا نحرص على أن تكون فترة التدريب الإلزامي (سنتان) في صلب العملية الطبية، ويتم الاستفادة منها بشكل حقيقي حتى لا تأتي بنتائج عكسية، ولن يحصل الدارس على ترخيص مزاولة المهنة إلا بعد إتمام فترة التدريب العملية في المستشفيات.
وبشأن ما سوف يترتب على التعديلات الجديدة علميا، أوضح رشوان: لا يمكن الحكم المسبق على نتائج التعديلات الجديدة إلا بعد أن تخضع للتجربة بالفعل وتخريج أول دفعة من كليات الطب حتى يتم تقييمها بشكل علمي صحيح، ولكن يبدو أن الهدف منها هو زيادة فترة التدريب والممارسة، وعلى المستوى المادي سوف يستفيد الطالب من الحصول على أجر منذ التحاقه بالتدريب.
تعزيز الجانب التطبيقي في الطب
من جهته، قال المستشار الطبي لـ”المركز المصري للحق في الدواء” الدكتور محمد عز العرب إن “مثل هذه التعديلات لا تتم إلا بعد دراسة كاملة للموضوع، والاطلاع على تجارب الدول الأخرى التي اعتمدت مثل هذا النظام، حيث أن الاتجاه العالمي الآن هو الاهتمام بالجانب الإكلينيكي (التطبيقي) والممارسة الفعلية، ولعل وزارة الصحة حاولت تعظيم هذا الاتجاه من خلال ما يعرف بالزمالة المهنية التي تركز على التدريب وحقق نجاحات”.
ورأى أن اختصار مدة الدراسة النظرية إلى 5 سنوات يهدف بلا شك لزيادة الجانب التطبيقي أكثر من الجانب النظري، والتدريب الإجباري هو ممارسة فعلية لمهنة الطب ولكن دون ترخيص حتى ينتهي من السنتين تحت إشراف أطباء من مختلف التخصصات، وهذا يجب أن يساهم في تطوير المنظومة الصحية في البلاد.
وأكد عز العرب أنه في ظل عصر ثورة المعلومات أصبح الطب يتطور ليس كل 5 سنوات كما كان يحدث في الماضي بل سنويا، وأصبحت الثروة المعرفية الطبية متاحة على الإنترنت للباحثين والدارسين والراغبين في تطوير أنفسهم؛ بالتالي نحن مع اتجاه زيادة فترة التدريب العملي والمساعدة في توفير أكبر عدد من الأطباء المدربين بشكل جيد.