تَعرَّفْ على “مسار ليكيا” الساحر بتركيا
يعدّ “مسار ليكيا” الممتد بين ولايتَي موغلا وأنطاليا جنوب غربي تركيا بطول 540 كم، من أجمل 10 مسارات لهواة المشي حول العالم، إذ يجمع سحر الطبيعة وعمق التاريخ في آن واحد.
ويمتد المسار بين قضاء فتحية الشهير في ولاية موغلا وولاية أنطاليا عبر مناظر خلابة مطلة على البحر الميت، ليمر بعد ذلك بطرق التجارة، وموطن الحضارات القديمة في أحضان الطبيعة.
ويضع المسار المشاء في آلة للزمن يشهد خلالها أطلال الأقوام والحضارات الغابرة حيث يبلغ عدد المدن القديمة على المسار 19 مدينة قديمة.
ومن البحر الميت ومناظره الآسرة للقلوب يحل المشاء ضيفاً على “كَلَبَك واديسي” (وادي الفراشات) الشهير على سفوح جبل باباداغ، تليه عدة قرى، ليصل بعدها إلى مدينة ليتاؤون القديمة عاصمة منطقة ليكيا سابقاً، والمصنفة ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو”.
وبالسير لمدة ساعتين يجد المشاء نفسه أمام مدينة “كانثوس” الأثرية القديمة ضمن حدود قضاء كاش التابع لولاية أنطاليا جنوب غربي تركيا، وتسمى أيضاً “مدينة المآسي” لما شهدته من حروب، كما تحتوي على آثار معمارية تعود إلى عهود ما قبل وبعد المسيحية.
وقبيل وصول المشاء إلى باتارا عاصمة ليكيا يمر بمدن قديمة عاشت آلاف السنين في تلك المنطقة.
وتستضيف باتارا مبنى برلمان ليكيا الذي أنشئ في الفترة الهلنستية (323-146 ق.م) وبات رمزاً للديمقراطية الليكية، إضافة إلى مدرج تاريخي ومسرح وساحة للمبارزات القتالية.
وبعد التجول بين أروقة التاريخ والطبيعة في باتارا تأتي مدينة قاش التي تحتضن ساحل كابوتاش المصنف من أجمل سواحل العالم.
وعند المرور بمدينة “دمره مريا” القديمة، يجد المشاء الفرصة لزيارة ميناء أندرياكا أحد أهم المواني في العهد الليكي، ومدرج المسرح هناك الذي كان يعد الأكبر بين أشباهه حينذاك والذي يتسع لـ11 ألفاً و500 شخص.
ومن الميزات الهامة لمدينة “دمره مريا” هي أنها موطن القديس نيقولاس المعروف بـ(بابا نويل) والذي عاش وفق مصادر تاريخية في الفترة بين (270-343 م).
ويتابع السائر طريقه بعد “دمره مريا” ليصل إلى أوليمبوس إحدى أهم المدن الساحلية الليكية، والتي كانت تعرف بأنها “موطن القراصنة” آنذاك.
وتجتمع في هذه المدينة أطلال العهود الهلنستية، والرومانية والبيزنطية.
وبعد مرور شهر واحد على بداية المسير من قضاء فتحية، يصل المشاء إلى مدينة “فاسيليس” القديمة، إحدى المدن التجارية الساحلية الهامة في العصور القديمة، إلى أن ينتهي به المسير في حي حصار تشاندر عند مدخل ولاية أنطاليا.
ويعد المسار وجهة عالمية لهواة المشي يقصدونه من كل أنحاء العالم، في الشهر الثالث والرابع والخامس والتاسع والعاشر والحادي عشر.
ويقول الزوجين الألمانيين فانيا وكريستيان بعد عودتهم إلى المكان بعد 10 أعوام من رحلتهم الأولى، إنهما عادا هذه المرة برفقة طفلهما ميلان ذي العامين ونصف العام.
وقال كريستيان: وزن طفلي 15 كيلوغراماً والمشي سيكون متعباً، ونفضل المشي عبر مسار ليكيا كل يوم على حدة.
أما فانيا فأعربت عن إعجابها الشديد بمسار ليكيا قائلة: مشينا في كثير من المسارات بعدة دول منها المغرب وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، ولكن هذا المسار حتماً هو المفضل لنا.