كيف تتربّح شركات التمويل العالمية من ديون الدول الفقيرة؟
قالت منظمة “عدالة الديون” الحقوقية، ومقرها لندن، إن شركات التمويل الدولية تتربح من تأخير تنفيذ برنامج الإعفاء من الديون، الذي أطلقته مجموعة العشرين، المخصص للدول الفقيرة، في وقت حثّ فيه البنك الدولي تلك الشركات على تسريع تطبيق الإعفاءات، للآثار الثقيلة لتلك الديون على اقتصادات تلك الدول.
وكانت مجموعة العشرين أطلقت في عام 2020 برنامج إعفاء من الديون يستهدف الدول الفقيرة، ذلك لمساعدتها على إنعاش اقتصاداتها والسيطرة على الآثار الاقتصادية الوخيمة لتفشي فيروس كورونا.
تربُّح من ديون الدول الفقيرة
وفق المنظمة الحقوقية، فإن الموقف المتشدد الذي اتخذه دائنو القطاع الخاصّ يمنع التقدم في تخفيف عبء الدين عن إثيوبيا وغانا وسريلانكا وسورينام وزامبيا الذي يمكن أن يساعد على تخفيف حدة الفقر. هؤلاء الدائنون الذين يمكن أن تصل أرباحهم من هذا الموقف إلى 3 مليارات دولار.
حتى الآن كانت تشاد الدولة الوحيدة التي استفادت من برنامج الإعفاء من الديون الذي أطلقته مجموعة العشرين عام 2020. وقالت منظمة “عدالة الديون” إن الدائنين من القطاع الخاص يؤخرون تنفيذ البرنامج، من أجل تعظيم أرباح حيازاتهم من السندات.
ومن أكبر هؤلاء الدائنين شركة “بلاك روك”، ومقرها الرئيسي في نيويورك. وفي تصريح لـ”الغارديان” قال المتحدث باسم الشركة إن بلاك روك مستثمر في الأسواق الناشئة نيابة عن عملائنا. بصفتنا مؤتمنين، فإن الأموال التي نستثمرها نيابة عنهم ليست أموالنا، إنها في الغالب أموال الأشخاص العاديين الذين يدّخرون للتقاعد، وعلينا التصرف وفقاً لمصالحهم المالية الفضلى في جميع الأوقات.
فيما ترفض المنظمة الحقوقية هذه المبررات، وحسب المديرة التنفيذية لـ”عدالة الديون” هايدي تشاو، فإن المقرضين الخواصّ يطمعون في أكل أكثر من كعكاتهم. لقد استفادوا بالفعل من فرض أسعار فائدة مرتفعة لتغطية مخاطر قروضهم، والآن بما أن الدول لا تستطيع الدفع، فإنهم يريدون أيضاً الاستفادة من السداد الكامل”. وشددت على أنه “يجب إجبار المقرضين على التفاوض بشأن إلغاء الديون، ويمكن للتشريعات الجديدة أن تفعل ذلك بالضبط.
وحثّ كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي شركات التمويل الخاصة، على الاستجابة لتنفيذ برامج الإعفاء من سداد الديون، لما لهذه الأعباء المالية من مخاطر اقتصادية وإنسانية على الدول الفقيرة.
كيف تؤثّر الديون في الدول الفقيرة؟
لتراكم الديون أخطار وخيمة على كاهل اقتصاديات الدول الفقيرة، على رأسها تقليل استفادة الدول من مواردها الطبيعية، لأن جزءاً كبيراً من عائدات تلك الموارد يذهب لسداد تلك الديون، مما ينعكس بالسلب على استثماراتها في القطاعات الأساسية كالتعليم والصحة والبنية التحتية، وبالتالي يعدم فرصها في تحقيق التنمية البشرية.
بالإضافة إلى هذا، يزيد تراكم الديون هشاشة اقتصادات الدول الفقيرة، ويجعلها أكثر عرضة للصدمات الاقتصادية، مثل الكوارث الطبيعية أو التغيرات المفاجئة في أسعار السلع الأساسية كالذي شهده العالم في السنة الأخيرة. فيما يضع عدم الاستقرار الاقتصادي هذه البلدان في دوامة استدانة، تقلّل حظوظها من الخروج منها.
وفوق كل هذا، ولارتهانها بالإنفاق الخارجي، تصبح الدول ذات الاستدانة العالية أقل استقلالية في قرارها السياسي. وفي بعض الحالات قد يضع الدائنون الخارجيون شروطًا للقروض، مثل متطلبات تنفيذ سياسات اقتصادية محددة أو إعطاء الأولوية لمدفوعات خدمة الدين على النفقات الحكومية الأخرى، مثل أزمة الديون التي عصفت باليونان ما بين 2010 و2015.
وكانت مجموعة العشرين أطلقت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، برنامج إعفاء من الديون يستهدف أكثر من 46 دولة، بينها مالي وإثيوبيا وغانا وسريلانكا وسورينام وزامبيا. ويُقدَّر حجم الديون التي يعفي منها البرنامج بنحو 14.2 مليار دولار، لتوجيه الإنفاق في تلك الدول إلى مكافحة التبعات الاقتصادية للأزمة الصحية.