مدنيون يحفرون بالفؤوس لإنقاذ ذويهم في شمالي سوريا
الأيدي العارية والفؤوس الصغيرة في مواجهة كتل خراسانية ضخمة، هكذا بدون نوم مدة يومين متواصلين، يسابق أهالي ضحايا الزلزال المدمر في شمال سوريا الزمن لإنقاذ من تبقى تحت الأنقاض أو على الأقل العثور على جثثهم.
وعلى غرار باقي سكان المنطقة، يحمل مصطفى العبدو (28 عاما) فأسا ومعولا ويجتهد -بما تبقى له من جهد- في البحث عن ناجين في منطقة بسينا شمال غرب إدلب قرب الحدود السورية التركية.
العبدو يواصل عمله منذ ما يقارب 50 ساعة، لكن يبدو أن الأمل هو ما يمنعه من السقوط تعبا، حيث يبحث عن أبويه و3 من إخوته تحت أنقاض المباني، وذلك بعد أن كتب القدر له النجاة بالنوم خارج المنزل ليلة الكارثة.
بوجه شاحب يبدو على الشاب المكلوم الألم والحرقة، خنقته العبرات وهو يخبر الجزيرة نت أنه لم يعد يسمع أصوات أفراد عائلته من تحت الأنقاض منذ ما يقارب 12 ساعة.
يمسح دموعه المختلطة بالعرق والطين، ليقول: لن أفقد الأمل في خروجهم أحياء حتى لو عملت شهرا كاملا، كانت أصواتهم تقتلني عجزا ولا أستطيع سوى أن أحفر لعلي أرى بصيص أمل، نعم لم أعرف النوم منذ يومين وتناولت فقط لقيمات يقمن صلبي، لكن كل ذلك يهون في سبيل أن أراهم أحياء.
الأدوات المطلوبة
لا يختلف الوضع كثيرا مع أحمد الياسين (31 عاما)، حيث جمع أصدقاءه من مخيمات منطقة سرمدا شمال إدلب، حاملين معدات بدائية للحفر، وتوجه قسم منهم إلى مدينة حارم شمال إدلب، في حين توجه آخرون إلى بلدة بسنيا شمالي غرب إدلب.
ويؤكد الياسين أن الدفاع المدني بات عاجزا عن مساعدة كل العالقين تحت الأنقاض، لذلك تم تفعيل مبادرات شعبية، التي نجح بعضها في إنقاذ عائلة كاملة من تحت الركام.
ويوضح الباسين أن ما ينقصهم في الوقت الحالي هو تأمين الطعام ومياه الشرب لفرق الإنقاذ، كذلك تأمين معدات للحفر لأن الكثير من الشبان يرغبون بالعمل، ولكن لا يوجد معدات.
وعن تفاصيل المعدات المطلوبة، أوضح أنها مقصات الحديد، وآلات الحفر بين الأنقاض، ومولدات كهربائية، ومعاول إزالة الركام، فضلا عن أجهزة تتبع الصوت تحت الحطام.
الأضرار الطبية
على الجانب الطبي، يوضح مدير التنسيق الطبي في معبر باب الهوى بشير إسماعيل، أنه بسبب الزلزال قضى 10 صيادلة وطبيبان، بالإضافة إلى عدد من الكوادر الصحية التمريضية، مؤكدا أن المشافي تعاني من نقص الكوادر الطبية، فضلا عن نقص في الأسرة، وكذلك التخصصات والجراحة العصبية والجراحة العظمية.
وشدد إسماعيل على أن المشافي بحاجة إلى كوادر طبية ومستهلكات طبية عاجلة، ومسكنات الألم وأجهزة العناية المشددة وأسرة مجهزة.
وفي هذا السياق، حذّرت منظمة الصحة العالمية من أن عدد ضحايا كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا قد يتضاعف 8 مرات، بعد بقاء عشرات المدنيين تحت الأنقاض.
وقالت مديرة الحالات الطارئة في المكتب الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية، كاثرين سمولوود، “هناك احتمال مستمر لانهيارات إضافية، وغالبا ما نرى أرقاما أعلى بـ8 مرات من الأرقام الأولية”.