أمريكا تضغط على تركيا لمنع الطيران الروسي من التحليق في أجوائها
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده جاريد ماسلين، قال فيه إن الولايات المتحدة باتت تضغط على تركيا من أجل منع الطيران الروسي من التحليق في أجوائها.
ويأتي الضغط الأمريكي من أجل اختبار إمكانية تنفيذ العقوبات، وذلك حسب مسؤولين على معرفة بالمحادثات، مما يعني دفعة جديدة من واشنطن لإقناع الدول كي تنفذ العقوبات على موسكو، التي فرضت بعد غزو أوكرانيا.
وتقول الصحيفة إن المسؤولين الأمريكيين البارزين، حذروا في الشهر الماضي تركيا من إمكانية تعرض أفراد للسجن أو الغرامات أو حرمانهم من مميزات التصدير وإجراءات أخرى، في حال قدّموا خدمات مثل الوقود أو قطع الغيار للطائرات التي تحلق من وإلى روسيا وبيلاروسيا، فيما يرونه خرقا لقواعد التصدير التي فُرضت العام الماضي. وتشير الصحيفة إلى أن مساعدة وزير التجارة الأمريكي، ثيا روزمان كيندلر، هي من قام بنقل الرسالة إلى المسؤولين الأتراك، وذلك في زيارة خلال كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وتقول الصحيفة إن التحذير لتركيا هو المفتاح لقدرة أمريكا وحلفائها على عزل روسيا على المدى البعيد، ومعرفة إن كانت موسكو ستعثر على طرق لمواصلة نشاطاتها الاقتصادية. ولم ترد وزارة الخارجية التركية على طلب للتعليق.
وقالت إيميلي كيلكريز، المساعدة السابقة للممثل التجاري، والزميلة حاليا في المركز للأمن الأمريكي الجديد: “في نقطة ما، كان عليهم اتخاذ تحرك لفرض العقوبات”، وإلا لتداعت كل الأمور لو تبين أن لديهم معرفة ولم يكونوا قادرين على معالجتها.
وقالت وزارة التجارة إنها لا تستطيع التعليق على أمور محددة. فيما قال المتحدث باسهما، إنّ مكتب فرض الصادرات حذّر في الفترة الماضية شركات الملاحة الجوية في الخارج بضرورة الالتزام بقوانين التحكم الأمريكية بالصادرات، التي تقتضي خدمات للطائرات الروسية والبيلاروسية والإيرانية. وقال المتحدث إن التحرك والتواصل المستمر مثل زيارة مساعدة الوزير، كيندلر، مفيدة للجهود الأمريكية، والتأكد من فهم قواعد التحكم وتشجيع الشركاء على الالتزام والتشارك في المعلومات.
وفي شباط/ فبراير الماضي، فرضت إدارة بايدن عقوبات تقضي بمنع روسيا من استخدام الطائرات الأمريكية الصنع. وبحسب العقوبات، فإن أي طائرة مصنوعة في أمريكا أو تحتوي على أكثر من 25% من قطعها، ممنوعة من السفر إلى روسيا وبيلاروسيا إلا في حالة حصولها على تصريح من مكتب دائرة التجارة والصناعة والأمن الأمريكية.
وظلت الطائرات الروسية من نوع “بوينغ” عاملة في تحد لجهود الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لمنعها من دخول الأجواء الغربية، بما في ذلك العقوبات والقيود على الطائرات المشغلة في روسيا. وكذا حظر تزويدها بقطع الغيار وإلغاء عقود استئجار الطائرات.
وتقول الصحيفة إن الأساطيل الجوية التابعة لروسيا وبيلاروسيا بما فيها طائرات شركة “إيروفلوت” قامت منذ الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، بـ2.100 رحلة جوية إلى تركيا مستخدمة قطع غيار أمريكية، منها قطع غيار لبوينغ لطائرات من طراز 777 و737 وذلك بحسب شركة تحليل الملاحة الجوية “سيريوم”، وتضم رحلات عادية من موسكو إلى وجهات تركية بما فيها إسطنبول وإزمير وأنطاليا.
ويأتي التحرك الأمريكي بعد عام تقريبا على بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تحضّر واشنطن حزمة جديدة من العقوبات بما فيها دفع دول على علاقات تجارية قوية مع روسيا مثل تركيا والإمارات لعمل المزيد والتقيد بالعقوبات التي تهدف لحرمان الحكومة الروسية من الأموال والتكنولوجيا الضرورية لشن حرب.
وتقول الصحيفة إن استمرار الطيران الروسي في التحليق، أثار قلقا حول معايير السلامة، لأن واشنطن تمنع تصدير قطع الغيار الضرورية لإصلاح الطائرات المدنية الروسية. وتستخدم روسيا طائرات مدنية مصنعة من شركتيْ بوينغ وإيرباص، واستأجرت معظمها من أيرلندا وبيرمودا. وفي آذار/ مارس، العام الماضي، وقّع الرئيس فلاديمير بوتين قانونا جديدا سمح بإعادة تسجيل الطائرات في روسيا، مما جعل استرجاعها أمرا صعبا.
وقامت طائرات تحلق من وإلى تركيا بتغيير أرقام رخصها، حسب سجلات الملاحة الدولية. ومن بين الطائرات التي تحلق إلى تركيا، طائرات تملكها شركة أيرلندية قالت في العام الماضي إنها ألغت كل تعاملاتها مع روسيا، بشكل يدعو لاستعادتها بشكل فعلي. وكانت آخر رحلة للطائرات من نوع بوينغ 737 إلى تركيا في 13 كانون الثاني/ يناير حيث هبطت في أنطاليا، بحسب البيانات التي أعدتها خدمات المتابعة للملاحة الجوية، فلايت رادار 24.
ويقول رئيس بوسفورس أوبزيرفر، يوروك إشيك، إن “هذه الطائرات مسروقة من الناحية الفنية”. وتشير السجلات إلى أن نفس الطائرات التي تحلق إلى تركيا قامت برحلات إلى تايلاند والهند ودول أخرى. إلا أن الرحلات إلى تركيا ستكون محل رقابة نظرا لعضوية أنقرة في حلف شمال الأطلسي، ولأنها مركز سياحي مهم.
ويُعتبر مطار إسطنبول من أكثر المطارات حركة في أوروبا، ومعبرا مهما للروس الذين لا يستطيعون السفر مباشرة إلى دول القارة الأوروبية أو أي مكان آخر في العالم. وحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعميق العلاقات الاقتصادية مع روسيا لمساعدة اقتصاد بلاده المترنح. ومن جهة أخرى، حاول لعب دور الوسيط بين روسيا والغرب وأوكرانيا. ومن ملامح النشاط الاقتصادي، وصول الأثرياء الروس الذي هبطوا بطائراتهم الخاصة ويخوتهم في تركيا، واشتروا عقارات بالملايين، مما أثار مخاوف واشنطن من عدم فعالية العقوبات.
وتقول تركيا إن فرض العقوبات ليس وسيلة لحل الأزمات، وأنها تلعب دور المحاور مع روسيا. وقال إشيك إن تركيا تفحص الأجواء مرة أخرى.
وعلقت شركة “إيروفلوت” كل رحلاتها الجوية إلى تركيا في آذار/ مارس 2022 بعد الغزو، ثم استأنفتها في أيار/ مايو، حيث سافر ملايين الروس إلى تركيا إما كسياح أو هاربين من التجنيد أو من قمع المعارضة.
ويمثل المهاجرون والسياح الروس أهم مصدر للعملة الصعبة لتركيا التي واجهت عام 2021 مشكلة في العملة، ويمثل الروس ثاني أكبر مجموعة سياحية زارت تركيا في الفترة ما بين كانون الثاني/ يناير إلى آب/ أغسطس العام الماضي، وهي زيادة بنسبة 23% عن العام السابق، وفق الأرقام التركية.