قوى التغيير في موريتانيا تدعو لتوافق وطني عاجل لمواجهة أزمة تهدد البلاد
دعت أحزاب ائتلاف قوى التغيير الديمقراطي في موريتانيا اليوم الشعب الموريتاني، وعلى وجه الخصوص جميع القوى السياسية الوطنية من كافة المشارب، للعمل على استباق التهديدات التي تواجهها موريتانيا من خلال تجاوز الخلافات والتناقضات الثانوية، ورص الصفوف والسير على الطريق الصحيح لتحقيق توافق وطني، مهما كان شكله.
جاء ذلك ضمن تصريحات أدلى بها قادة أحزاب ائتلاف قوى التغيير الديمقراطي الذي يضم أحزاب اتحاد قوى التقدم، وحزب التناوب الديمقراطي، وتكتل القوى الديمقراطية، خلال مؤتمر صحافي نظمته هذه الأحزاب اليوم.
وحذر محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم والرئيس الدوري لائتلاف قوى التغيير من أن عوامل عدم الاستقرار قائمة اليوم في موريتانيا، ومن أخطرها الوضعية الاجتماعية التي جعلت البلد على فوهة بركان نائم لا أحد يعرف متى ينفجر.
وأضاف ولد مولود أن من أبرز عوامل عدم الاستقرار في البلد الأزمة الاجتماعية والاقتصادية المتمثلة في وضعية المواطن الذي لم يعد يؤمن قوته اليومي بسبب انهيار قدرته الشرائية والصعود الجنوني للأسعار والبطالة، والشعور بانعدام الأمن، إضافة إلى تفشي الفساد والمحسوبية، على حد قوله.
وأكد ولد مولود أن الانتخابات المقبلة إذا تمت في هذا الجو المشحون بالاصطفافات العرقية والقبلية، فإنها ستكون خطيرة على الاستقرار وعلى الأمن وعلى الديمقراطية، مبرزا أن الحل يكمن في التفاهم بين الطبقة السياسية على أساس إصلاحات وطنية أساسية ومستعجلة، على حد وصفه.
وأضاف الائتلاف في بيان وزعه على هامش المؤتمر الصحافي أن المشهد السياسي الموريتاني يتميز اليوم بوجود تصدع عميق وخطير، سيكون من الخطير أيضًا تنظيم انتخابات في هذا المناخ السيء.
وزاد: إن التوافق هو الوحيد الذي سيمكننا من تفادي الأخطار التي تتهددنا، فالأوضاع العامة تتطلب منّا وضوح الرؤية والجرأة، للمُضي قدما في الانسجام، والوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، والديمقراطية.
وعرض الائتلاف في بيانه لوحة قاتمة عن الأوضاع السياسية في موريتانيا، حيث أكد “أن المشهد السياسي الوطني يتسم عشية الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية، باستمرار وتسريع عوامل الخطر الجسيمة التي تهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي، ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستمرة منذ سنوات، في سياق عالمي وإقليمي غير مستقر وخطير”، لافتة إلى أن المتلازمة المالية البوركينابية يجب أن تكون مصدر قلق لجميع بلدان الساحل، حاليا.
لقد كان المشهد السياسي، يضيف البيان، منقسمًا، خلال عشرية الفساد، إلى معسكرين رئيسيين متعارضين: نظام استبدادي، مناهض للديمقراطية وفاسد للغاية، ومعارضة ديمقراطية، ذات تركيبة متعددة، توحدها رغبة جامحة في الدفاع عن الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، ولكنها معارضة باتت تتصدع يوما بعد يوم؛ وقد بدأ هذا الوضع يتطور منذ وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى السلطة.
وتابع الائتلاف: إن قبول الأغلبية البرلمانية لاقتراح المعارضة بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للتدقيق في تسيير الحسابات العامة خلال العشرية الماضية، واتباع نهج تشاركي بين المعسكرين حول مواضيع أخرى، مثل كوفيد- 19، يؤكد نجاعة سياسة التهدئة التي اتبعها رئيس الجمهورية والمعارضة الديمقراطية، رغم بعض الهفوات والتناقضات، حيث سمح هذا المناخ السياسي والاجتماعي الجديد باعتماد خارطة طريق لحوار وطني شامل، لا يستثني أحدا ولا موضوعا للنقاش.
وأضاف: لقد واجه الحوار الوطني عقبات من طرف دوائر في الأغلبية والمعارضة، ممّا شكّل ذريعة لتعليقه، مما يُعتبر بمثابة أكبر إخفاق في الرهان على انطلاقة ديمقراطية وتوافقية جديدة للبلد؛ وأمام الحاجة إلى إجراء بعض المشاورات بين مختلف القوى السياسية في البلاد، دعت وزارة الداخلية واللامركزية الأحزاب إلى الاتفاق على تنظيم انتخابات توافقية ذات مصداقية.
وبينما كانت الطبقة السياسية تسعى، في غالبيتها، إلى تعميق وتقوية مناخ التهدئة، من أجل إصلاحات توافقية، يضيف الائتلاف، قامت بعض الأطراف الدخيلة على المعارضة بمناورات بهدف إنشاء استقطاب سياسي جديد، يتمحور حول الخيار بين المواجهة والعودة إلى العشرية المشؤومة ونتائجها الكارثية أو خيار التغيير السلمي في جو هادئ، حيث اتخذ هذا الاستقطاب شكل محاولات لتشكيل تحالفات سياسية وانتخابية تفرق المعارضة.
وأكد ائتلاف قوى التغيير أن استمرار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة فيما يتعلق بتدهور الظروف المعيشية للمواطنين (ارتفاع الأسعار، والبطالة) وأخطاء وتعثر الحكامة، وما ينجم عن ذلك من شعور بالإحباط لدى فئات عريضة من الشعب، والمجموعات الوطنية التي تعبر عن عدم رضاها بالتهميش والإقصاء، تُشكل أرضية صالحة لكافة أنواع الانحراف والتلاعب من طرف المغامرين السياسيين، كما تعزز الأخطار المحدقة بالبلد، لا سيما فيما يتعلق باستقراره وحتى بكينونته، نظرًا لما يعيشه محيطنا الإقليمي من فوضى، ستؤثر تفاعلاتها بقوة على مستقبلنا القريب.
وبهذه التصريحات وهذا البيان تخرج أحزاب المعارضة التقليدية التي كانت مهادنة لنظام الرئيس الغزواني، عن المعارضة الناعمة لتبدأ عودتها لمعارضة التشدد، وهو ما سيضفي توترا جديدا على المشهد السياسي، بل إنه قد ينهي جو التهدئة الذي بناه الرئيس الغزواني منذ وصوله للسلطة عام 2019.
وسيؤثر هذا التطور الجديد على المشهد السياسي الموريتاني، وعلى أجواء ما قبل الانتخابات، بل إنه قد يعيق الاستحقاقات المقررة منتصف العام المقبل، إذا ما تلاقت أطراف المشهد المعارض بمختلف تشكيلاتها واتفقت على البرنامج الذي دعا اليوم ائتلاف قوى التغيير الديمقراطي.
وحذر من أن استمرار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة فيما يتعلق بتدهور الظروف المعيشية وأخطاء وتعثر الحكامة، وما ينجم عن ذلك من شعور بالإحباط لدى فئات عريضة من الشعب، تعزز الأخطار المحدقة بالبلد.
وقال الائتلاف، إن بعض الأطراف الدخيلة على المعارضة قامت بمناورات بهدف إنشاء استقطاب سياسي جديد، يتمحور حول الخيار بين المواجهة والعودة إلى العشرية المشؤومة (فترة حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز) ونتائجها الكارثية أو خيار التغيير السلمي في جو هادئ.
واعتبر أن هذا الاستقطاب “اتخذ شكل محاولات لتشكيل تحالفات سياسية وانتخابية تفرق المعارضة” في إشارة إلى اجتماع عقدته بعض الأحزاب السياسية والشخصيات المعارضة في إطار التنسيق للتحضر للانتخابات القادمة.
وحضر الاجتماع الذي يشير إليه الائتلاف المعارض، ممثلون عن حزب “التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” (ثاني أكبر حزب ممثل في البرلمان) وحزب “الرباط الوطني” وحزب “تحالف العيش المشترك” والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية النائب المعارض بيرام الداه أعييد.