الشرطة الفرنسية تحرس المياه مع اشتداد الجفاف الموسمي
مرتدين سترات واقية من الرصاص و مدججين بالأسلحة، يقف رجال الشرطة الفرنسية وسط الحقول الزراعية، وخلف سياجين مجهزين بكاميرات أمنية.
وتحرس الشرطة حفرة كبيرة تهدف إلى أن تكون بمثابة خزان عملاق لمياه الأمطار.
وكان قادة العالم قد اجتمعوا لمدة أسبوعين في “مؤتمر المناخ COP27 ” في مصر، لمناقشة سبل التخفيف من آثار التغير المناخي والصراعات التي يتسبب فيها.
ولكن في حين أن التنافس على المياه الشحيحة، يرتبط أكثر بالمناطق القاحلة في الشرق الأوسط وإفريقيا، فإن أوروبا ليست محصنة من ذلك أيضاً.
فبعد صيف حار، وصفه علماء المناخ بـ”بطاقة بريدية مروعة من المستقبل”، تخوض فرنسا الآن معركة واسعة حول من يجب أن يكون له الأولوية في استخدام مياهها وكيف.
وحسب ما جاء في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، فقد شرعت الحكومة الفرنسية في خطة لبناء خزانات كبيرة في جميع أنحاء البلاد لخدمة المزارعين خلال فصلي الربيع والصيف القاحلين بشكل متزايد.
ولكن ما تسميه الحكومة “تكيفاً”، يعتبره المعارضون “انحرافاً” وخصخصة المياه لصالح عدد قليل من المزارعين الصناعيين الذين عفا عليهم الزمن.
وقالت الصحيفة إن الآلاف من النشطاء المعارضين لآخر خزان قيد الإنشاء، في المنطقة الغربية من نوفيل-آكيتين، واجهوا مؤخراً حوالي 1600 من ضباط الشرطة العسكرية في وسط حقول بذور اللفت وبقايا القمح الجافة.
وتحول بذلك هذا الريف، الخلاب في العادة، إلى مسرح مواجهة، يقف فيه رجال شرطة يرتدون ملابس مكافحة الشغب، وشاحنات مدرعة تطلق قنابل الغاز المسيل للدموع، ويتصاعد الدخان وتحلق فوقه طائرات الهليكوبتر.
وفي وقت لاحق، قام محتجون بحفر أنابيب المياه وتفكيكها، حتى لا تتمكن من تغذية الخزانات. ووصف وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان ذلك بـ”الإرهاب البيئي”.
وبالرغم من أنه توجد في جميع أنحاء فرنسا، مئات الآلاف من الخزانات، إلا أن الأخيرة أثارت الجدل حولها بسبب حجمها الكبير ومصدر المياه التي تتجمع فيها.
ووفق ما أشارت إليه “نيويورك تايمز” فإن الأعمال ستمتد على مساحة 16 هكتاراً (ما يقرب من 40 فداناً) وستضم ما يعادل 288 حوض سباحة أولمبياً مليئاً بالمياه الجوفية، يجري ضخها بواسطة الأنابيب.
لا يوجد إحصاء رسمي لعدد الخزانات الضخمة الموجودة، لكن النشطاء يقدرون أن هناك حوالي 50 خزاناً، متجمعة في غرب البلاد.
ويدعي المعارضون للمشروع، أنه سيجري تنفيذها بالأموال العامة، وستخصص لها الحكومة الفرنسية نسبة 70% من الميزانية البالغة 60 مليون يورو (62 دولار).
وفي هذا السياق، قال باتريك بيكود، نائب رئيس المنظمة البيئية “إنها كارثة بالنسبة للبيئة، وللأموال العامة وحتى للزراعة”.