الضرائب تشعل فتيل الغضب بالمغرب
انضم الصيادلة المغاربة إلى المحامين في غضبهم من الإجراءات الضريبية التي وردت في مشروع موازنة 2023، والتي ارتفعت من 10 إلى 20 في المئة.
لم يخرج الصيادلة إلى العلن للاحتجاج وحدهم، بل دعمتهم هيئات مهنية للأطباء، وتم تعميم بيان مشترك انتقد بشدة الإجراءات الحكومية التي تضمنها مشروع موازنة 2023.
وقررت كونفدرالية نقابات الصيادلة تنظيم وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء أمام البرلمان، تعبيراً منها عن رفض هذه الإجراءات الضريبية، مؤكدة أن مهنة الصيدلة تعيش في السنوات الأخيرة على وقع «الإجراءات الحكومية المجحفة»، كما وصفها بيان الهيئة. بالنسبة لنقابات الصيادلة، فهذه الغضبة كانت مناسبة لسرد واقع المهنة كما صوره البيان الجديد، بداية بوصف الإجراءات الحكومية في السنوات الأخيرة بـ «المجحفة» ووصولاً إلى اعتبار أن ذلك ساهم في زعزعة استقرار مهنة الصيدلة.
ولم يفت الصيادلة الإشارة إلى «غلق كل قنوات الحوار واستبعاد أي مقاربة تشاركية مع القطاع، ما جعل العديد من الصيدليات تكابد أوضاعاً اقتصادية غير مسبوقة بسبب هذه السياسة التعسفية»، وفق تعبير البيان.
وفي حديثها عن أسباب نزول تلك الوقفة الاحتجاجية وهذا الغضب، أبرزت كونفدرالية نقابات الصيادلة أن مشروع موازنة 2023 عرف إجراءات ضريبية جديدة على المقاولات الصغيرة، والتي تدخل في حكمها المئات من الصيدليات، وذلك برفع ضريبة الشركات من نسبة 10 إلى 20%، في ظل الأوضاع الاقتصادية الهشة.
البيان أكد أن التراجعات الجبائية من شأنها تهديد التوازنات الاقتصادية للمهن الصحية والصيدلانية، والتي تدخل في إطار المقاولات الصغيرة والصغيرة جداً، إلى جانب تأزيم المقاولات، منها المتصفة بالهشاشة الاقتصادية وإغلاق مرافقها الصحية والصيدلانية.
وبما لا يدع مجالاً للتفاوض، جدد الصيادلة في بيانهم الحالي ما تضمنه البيان المشترك السابق مع هيئات الأطباء عن الرفض التام للمقتضيات القانونية المرتبطة بمشروع موازنة 2023، وخاصة الجانب المتعلق بفرض ضريبة الاقتطاع من المنبع، وهو ما وصفته مرة أخرى بالمجحف.
حديث الهشاشة جعل البيان المشترك السابق يعتبر الإجراءات الضريبية تهدد الطبقة الوسطى، وذلك برفع ضريبة الأرباح على الشركات التي تحقق ربحاً سنوياً أقل من 300 ألف درهم، بعد رفعه من 10 في المائة إلى 20 في المئة.
أصحاب العباءة البيضاء، سبقهم إلى الاحتجاج أصحاب العباءة السوداء في قطاع المحاماة، والذين نفذوا وقفات احتجاجية وإضراب عن العمل للسبب نفسه، وهي الإجراءات الضريبية الواردة في موازنة 2023، فضلاً عن رفض مسوّدة قدّمتها وزارة العدل بشأن تعديل قانون مهنة المحاماة وإقرار امتحان الأهلية لمزاولتها.
غضب قطاع المحاماة قابله تحرك سريع من فرق الأغلبية البرلمانية التي حاولت احتواء الخلاف ووضعت العديد من المقترحات المعتدلة وفق منظورها، بينما اقترحت المعارضة (فريق حزب التقدم والاشتراكية بالبرلمان) إلغاء كل الإجراءات الضريبية من مشروع الموازنة، وهو المطلب ذاته الذي ورد في بيان عممته سكرتارية «المحامين الاتحاديين». وسجل المحامون الاتحاديون في بيانهم بشديد الأسف رفض الحكومة لمقترح الفريق النيابي الاتحادي، وفرق المعارضة، بشأن سحب المقتضيات الضريبية المتعلقة بمهنة المحاماة من مشروع القانون المالي إلى حين صياغة نظام ضريبي يتلاءم مع طبيعة المهنة بشكل تشاركي مع المحامين ومؤسساتهم التمثيلية، ومجاراتها لمقترحات فرق أغلبيتها التي لم تزد الوضع إلا احتقاناً.
في سياق متصل، أصدر «التجمع الوطني للأطباء الأخصائيين للقطاع الخاص» بياناً أكد فيه أن دور الضريبة أساسي ومحوري في تمويل السياسات العمومية من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية والإدماج والتماسك الاجتماعيين على حد سواء، ولا يمكن القبول بأي شكل من الأشكال الالتفاف على هذا الواجب ومحاولة التملص منه.
ولكن المجلس الإداري للتجمع النقابي المذكور ومعه ممثلو «الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة» دعوا إلى «اتخاذ كل الإجراءات لكي يكون النظام الجبائي فعالاً وعادلاً ومنصفاً ومتوازناً»، مؤكدين على ضرورة تحقيق عدالة ضريبية فعلية وفقاً لتوجيهات دستور المملكة بعيداً عن كل أشكال التمييز غير المبررة.
ودعا البيان إلى إعادة النظر في مقتضيات مشروع الموازنة العامة لعام 2023 بخصوص «تضريب» الأطباء، والتشديد على أن إثقال كاهلهم والرفع من الضرائب يخالف التوجهات الكبرى للمغرب من أجل تحقيق الحماية الاجتماعية، التي تتأسس على مفاهيم محورية وعلى رأسها العدالة والإنصاف، الأمر الذي تنتفي ملامحه في هذا المشروع الذي سيرفع من منسوب هجرة الكفاءات خارج أرض الوطن، وفق تعبير البيان.
وأكد على ضرورة سنّ تحفيزات ضريبية بالنسبة للأطباء الذين يفتحون عياداتهم لأول مرة من خلال إعفائهم من الأداء لمدة 3 سنوات، والرفع من هذه المدة حين افتتاح العيادات في الأقاليم الجنوبية وفي مختلف المناطق النائية، بالإضافة إلى الدعوة لأن يتم أداء الضريبة عن الدخول على مرحلتين في السنة (كل ستة أشهر)، وأن يتم اتخاذ كل التدابير التي تحافظ على السلم الاجتماعي وتعزز من منسوبه بما يخدم المصلحة الفضلى للبلاد.