إدارة بايدن تخشى تصدّع التحالف الغربي ضد روسيا
تعهدت الولايات المتحدة بعواقب كارثية إذا استخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسلحة النووية، ولكن الرئيس الأمريكي جو بايدن رفض تقديم أي تفاصيل بشأن طبيعة الرد، وتضاربت تعليقات مسؤولين أمريكيين بشأن الرد الأمريكي إذا سلك بوتين الطريق النووي.
وقال محللون أمريكيون إن الغموض في رد البيت الأبيض يمنح إدارة بايدن المرونة المناسبة، وأكدوا أن توضيح واشنطن بأنه ستكون عواقب، بدون تحديد أي تفاصيل، قد يساعد على الردع.
وفي الواقع تعلم رؤساء الولايات المتحدة درساً قاسياً بشأن وضع “الخطوط الحمراء” وقال محللون إن الكلمة مخيفة في واشنطن بعد فشل الرئيس الأسبق باراك أوباما في “خطوطه الحمراء” بسوريا، حيث ألقى خطاباً في عام 2012 متعهداً بالتدخل في الحرب السورية إذا استخدم رئيس النظام بشار الأسد الأسلحة الكيميائية، ولكنه لم ينفذ تعهده على الرغم من نشر تلك الأسلحة بعد عام من الخطاب.
وأكد خبراء أن بوتين يعرف جيداً أن حلف شمال الأطلسي سيدخل “المسرح” إذا استخدم السلاح النووي، لذلك لا يزال من الحكمة ترك مجال للمناورة، على حد تعبير مجلة بوليتيكو.
ولاحظ محللون وجود قيمة للمناقشات المنفصلة مع روسيا حول حدود ومخاطر أنشطتها في أوكرانيا لإدارة مخاطر التصعيد.
وأوضحت موسكو خطوطها الحمراء في المعركة، إذ حذّرت من نشر الصواريخ الأمريكية بعيدة المدى بالقرب من الحدود الروسية، وحذرت أيضاً من ردّ “يوم القيامة” إذا تعرّضت شبه جزيرة القرم لهجوم.
وفي الفترة الأخيرة قالت إنها لن تتسامح مع أي اعتداء على المناطق التي ضمتها مؤخراً، وحتى الآن لم يحفز الدعم الأمريكي والغربي لأوكرانيا أي رد استثنائي من روسيا، ولكن الخبراء حذروا من عدم الاستخفاف بتهديدات الكرملين النووية مع استمرار خسائر روسيا في الحرب التقليدية.
وتوقعت مجموعة من المحللين أن تكون تعليقات بوتين بشأن استخدام الأسلحة النووية مجرد “خدعة معقدة تهدف إلى بث الخوف والذعر في عدو غربي ضعيف الإرادة”، ولكنهم قالوا إن الأحداث في أوكرانيا واحتمال وقوع خسائر عسكرية روسية كبيرة قد يقلب الحسابات.
وأكد رئيس المخابرات الأمريكية السابق أن القوى الغربية تأخذ تهديدات بوتين النووية على محمل الجد، مشيراً إلى تصريحات مستشار الأمن القومي جيك سوليفان بأن مسؤولين أمريكيين حذروا موسكو بأنها ستواجه عواقب كارثية إذا استخدمت أسلحة نووية في أوكرانيا.
وقال بترويس إن الرد سيكون من خلال قيادة حلف شمال الأطلسي عبر جهد جماعي سيؤدي إلى القضاء على القوة الروسية التقليدية في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم وكل السفن الروسية في البحر الأسود.
وقال مسؤول كبير في حلف الناتو الأربعاء الماضي إن أي استخدام روسي للأسلحة النووية سيجلب بكل تأكيد رد فعل مادياً من عدد من الحلفاء، وقال وزير الدفاع الأمريكي الأسبق ليون بانيتا إن الولايات المتحدة لن تشعر بأنها مقيدة لتقديم الدعم المباشر لأوكرانيا للانتصار في المعركة إذا استخدم بوتين الأسلحة النووية.
وتحدّث الرئيس الأمريكي جو بايدن لساعات في الأشهر الأخيرة مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، وغيرهما من القادة الأجانب الذين لم يدعموا دائماً التحالف الغربي لدعم أوكرانيا وحثهم على الوقوف بحزم ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست التي كشفت أن البيت الأبيض فوجئ عندما واجه مودي، الذي بذل جهوداً كبيرة ليظل محايداً في الصراع الروسي-الأوكراني، بوتين في قمة الشهر الماضي ليقول له إن “عصر اليوم ليس حرباً” وإن على بوتين “الانتقال إلى طريق السلام”.
وبالنسبة إلى محللين فإن هذه المناقشات تُظهر ضغوط بايدن بقوة من أجل الحفاظ على ما أصبح مهمة مركزية لرئاسته: الحفاظ على التحالف العالمي والمحلي الداعم لأوكرانيا.
ومع اقتراب الحرب من أول شتاء يواجه حلفاء الولايات المتحدة رياحاً اقتصادية، بينما أعرب بعض الجمهوريين في الداخل عن شكوكهم بشأن مليارات المساعدات الموجهة إلى أوكرانيا.