جدل سياسي في المغرب بعد أحداث تحرّش جنسي وتصريحات بذيئة لمغني راب يروّج للحشيش
يستمر الجدل في المغرب حول تصريحات مغني راب دافع فيها عن تعاطيه للمخدرات، وكذلك حول ما خلّفته حفلة “البولفار” من أحداث عنيفة توزعت بين العنف والسرقة، حيث دخل سياسيون ونقابيون على الخط، فتباينت مواقفهم حسب الاتجاهات السياسية.
البرلماني المعارض عن حزب “الحركة الشعبية”، محمد أوزين، وجّه رسالة مفتوحة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وفضل أن يختتمها بجملة قال فيها أتمنى صادقاً أن تكون الرسالة وصلت وألا تجد طريقها كغيرها وسط النفايات في ظل حكومة الكفاءات.
الجملة الختامية للرسالة لاذعة سبقها العديد من الغمزات، ذكّر فيها أوزين بأنه سبق أن نبّه من خلال سؤال كتابي موجه إلى الحكومة من مغبة التطبيع مع بعض السلوكات الدخيلة على مجتمعنا المغربي، والتي تعد انحرافاً خطيراً وانزلاقاً غير مسبوق من انحلال أخلاقي وخلقي يستهدف الضرب في عمق نسقنا القيمي النابع من تامغرابيت المبنية أساساً على قيم الحياء والاحترام والحشمة وهي القيم التي تجسدها عقيدة الثقافة المغربية.
وأكد أن العنف اللفظي من ساحة السويسي في الرباط، تحوّل إلى عنف جسدي داخل فضاء ملعب الراسينغ الجامعي بمدينة الدار البيضاء. ووجه أوزين سؤالاً لرئيس الحكومة قائلاً: فهل ترضيكم هذه الصور عن شبابكم وصورة بلدكم في حفل ترعاه حكومتكم؟ وهل ما تسبب فيه (فنانكم) من ضرر لحشمة المغاربة لم يكن كافياً لمراجعة برامج تنشيط إحدى وزاراتكم؟ وهل تعتقدون أن توقيت المهرجانات تزامناً مع الدخول المدرسي وبعد العودة من عطلة الصيف هو توقيت موفق في ثقافتكم؟.
وواصل تساؤلاته الموجهة إلى عزيز أخنوش هل تعتقدون أن ما رصدته حكومتكم من ميزانية ضخمة للمهرجانات هي سياسة ثقافية ناجعة في وقت تشتكون فيه من قلة الموارد لدعم القدرة الشرائية للمواطنين. ألستم من اعترف من ذي قبل بكون الميزانية (مثقوبة)؟
وأدلت المجموعة النيابية لحزب “العدالة والتنمية” المعارض في البرلمان بدلوها، حيث طالبت بعقد اجتماع للجنة التعليم والثقافة والاتصال، بحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل، وذلك لمناقشة النموذج الفني والثقافي للوزارة من خلال تنظيم ودعم المهرجانات”. وأكدت في طلبها أن مجاهرة شخص قُدم لجمهور المهرجان الذي نظمته وزارة الشباب والثقافة والاتصال، بالرباط على أنه “مغني راب” بتعاطيه للمخدرات شكّل صدمة للرأي العام الوطني.
وأوضحت أن هذه الواقعة تطرح علامات استفهام حول النموذج الفني والثقافي الذي تدعمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وأن الكلام “البذيء” الذي تلفظ به مغني الراب “طوطو الغراندي” “يعتبر خدشاً للحياء العام، فضلاً عن كونه لا علاقة له بالثقافة وبالفن، ومخالفاً لتوجهات الدستور المتعلقة بالفن والثقافة، إلى جانب مناقضته لما جاء في البرنامج الحكومي في محور الثقافة.
أما فنياً، فقد كانت تصريحات نقيب الفنانين المغاربة بوحسين مسعود تسير في اتجاه معاكس نوعاً ما لرياح السياسيين، حين أكد أن النقاش العمومي حول الموضوع غير بريء سياسياً من جميع الأطراف المحافظة، والتي يمكن اعتبارها حداثية كذلك.
بوحسين مسعود رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الفنون الدرامية، طالب في التصريح ذاته لموقع “هسبريس”، بنقاش حقوقي فني قانوني حقيقي لفهم ما يجري، مشدداً على أنه جرى “خلط أوراق كبير”، حيث إن “البعض جعل الفن وسيلة للاستفزازات المجانية، كما وظفت القوى المحافظة الأمر سياسياً”، وهو ما يعيد إلى الأذهان صراعات مفاهيم “السينما النظيفة، وفق تعبيره.
وحسب مسعود، فإن الفن يمكن أن يناقش قضايا لا أخلاقية، لكن هذا لا يعني أن يصبح لا أخلاقياً، موضحاً أن نقاش أغنية أو فيلم موضوع الدعارة أو (الحشيش)، وباقي الظواهر المجتمعية، أمر عادي، لكن الاحتفاء بها أو التحريض عليها أمر مرفوض.
وحصر بوحسين المشكل الأخلاقي في “التحريض”، وأن الفنان مطالب بالحرص على صورته أمام المجتمع، كما أن الجمهور إن كان يرى فيما قام به فنان معين غير مرغوب فيه فالحل الوحيد هو المقاطعة.