احتجاجات مستمرة في طهران ومدن إيرانية أخرى وارتفاع عدد القتلى
تشهد إيران احتجاجات مستمرة في اليوم العاشر منذ بدء المظاهرات المنددة بمقتل فتاة بعد اعتقالها من “شرطة الأخلاق”، في حين تصاعد عدد القتلى على إثر حملة القمع التي تركزت في مدن عدة أبرزها في طهران، وسط حالة غليان ومواجهات مع قوات الأمن.
وبحسب ما أعلنته منظمة حقوقية غير حكومية، الثلاثاء، فإن حصيلة القتلى وصلت إلى أكثر من 76 شخصا، في أعقاب وفاة مهسا أميني.
في حين أن أحدث حصيلة رسمية أعلنتها السلطات، جاء فيها أنه قُتل 41 شخصا، بينهم متظاهرون وعناصر أمن.
وأوقفت السلطات الإيرانية أكثر من 1200 متظاهر، وفق ما أعلن مسؤولون الاثنين، خلال حملة القمع الدامية للتظاهرات التي تواصلت لليلة العاشرة.
وبحسب “لجنة حماية الصحافيين”، تم توقيف 20 صحافيا.
طهران تغلي
وليل الاثنين، نظّمت تظاهرات جديدة في طهران وغيرها من المدن.
وأطلق محتجون في طهران شعارات مناهضة للمرشد الإيراني علي خامنئي (83 عاما)، وهتفوا: “الموت للديكتاتور”.
وذكرت تقارير إعلامية أن طلابا في جامعات طهران والزهراء والشريف نفذوا إضرابا، ورفضوا حضور الصفوف، ودعوا أساتذتهم للانضمام إليهم.
وأظهر تسجيل فيديو، يُعتقد أنه التقط في مدينة تبريز، أشخاصاً يتظاهرون على وقع إطلاق قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، وفق مشاهد نشرتها منظمة “حقوق الإنسان في إيران”، ومقرها أوسلو.
وأعلنت المنظمة غير الحكومية أن 76 شخصا قتلوا في حملة القمع، وكانت حصيلتها السابقة تشير إلى مقتل 57 شخصا.
وعمد متظاهرون إلى رشق الشرطيين بالحجارة، وإحراق سيارات الشرطة والمباني الحكومية.
وأفادت السلطات بأن نحو 450 شخصا تم توقيفهم في محافظة مازندران الشمالية، و700 شخص في محافظة غيلان المجاورة، والعشرات في مناطق أخرى.
وقال المدعي العام في المحافظة محمد كريمي، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”: “في الأيام الأخيرة، هاجم مثيرو شغب مقار إدارات حكومية، وألحقوا أضرارا بممتلكات عامة في بعض مناطق مازندران، بتوجيه من عملاء أجانب مناهضين للثورة”.
ذخيرة حية ضد المتظاهرين
وقال مدير منظمة “حقوق الإنسان في إيران”، محمود أميري مقدّم: “ندعو المجتمع الدولي إلى اتّخاذ خطوات عملية بشكل حاسم وموحد لوقف قتل وتعذيب المتظاهرين”.
وأضاف أن التسجيلات المصورة وشهادات الوفاة التي حصلت عليها المجموعة تظهر أن “الذخيرة الحية تطلق مباشرة على المتظاهرين”.
وعمد عناصر شرطة مكافحة الشغب، الذين كانوا يحملون دروعًا، إلى ضرب المتظاهرين بالهراوات، ومزّق طلاب صورًا كبيرة للمرشد الإيراني خامنئي ولسابقه روح الله الخميني.
وأفادت منظمة العفو الدولية، الاثنين، بأنّ المتظاهرة حديث نجفي، البالغة 22 عاما، قُتلت في 21 أيلول/ سبتمبر في كرج.
وجاء في بيان للمنظمة أن “قوات الأمن أطلقت الخرطوش عليها من مسافة قريبة، فأصابتها في وجهها وعنقها وصدرها”، في تأكيد لروايات تم تداولها سابقا على شبكات التواصل الاجتماعي.
انتشار دائم للشرطة
وقال رئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني إجئي، إن شرطة طهران تنتشر “24 ساعة في اليوم”، شاكرًا العناصر المنهكين وقائد شرطة العاصمة في أثناء زيارة إلى مقرها الأحد، وفق وكالة أنباء السلطة القضائية “ميزان أون لاين”.
وأشار إلى أن العديد من العناصر “لم يناموا الليلة الماضية والليالي السابقة… وينبغي شكرهم”.
وكان قد شدّد إجئي في وقت سابق على “ضرورة التعامل دون أي تساهل” مع المحرضين على “أعمال الشغب”.
لكنّ المرجع الديني الإيراني البارز حسين نوري الهمداني، حليف المعسكر المحافظ المتشدّد، حضّ الاثنين سلطات الجمهورية الإسلامية على “الإصغاء للشعب”.
وجاء في بيان نشره موقعه الإلكتروني، أنّ “القادة عليهم أن يصغوا لمطالب الشعب، وأن يحلّوا مشاكله، وأن يبدوا اكتراثاً بحقوقه”.
توترات مع الغرب
وارتفع مستوى التوتر بين إيران والدول الغربية، إذ أعربت باريس، الاثنين، عن “إدانتها بأشدّ العبارات القمع العنيف الذي يمارسه الجهاز الأمني الإيراني ضدّ التظاهرات” المستمرّة في إيران.
فيما استدعت ألمانيا السفير الإيراني، غداة تنديد الاتحاد الأوروبي بالاستخدام “غير المتكافئ والمعمم” للقوة، واستدعاء طهران السفيرين البريطاني والنرويجي.
وانتقد الاتحاد الأوروبي إيران، وقال إن “الاستخدام غير المتكافئ للقوة في حق المتظاهرين مرفوض وغير مبرر”، على ما جاء في بيان لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل.
وقال بوريل إن الاتحاد الأوروبي “سيواصل درس كل الخيارات المتاحة قبل الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية إزاء وفاة مهسا أميني، والطريقة التي ترد فيها القوى الأمنية الإيرانية على التظاهرات التي تلت”، في البلد الذي فرضت عليه عقوبات على خلفية برنامجه النووي.
من جانبها، استدعت طهران الأحد السفير البريطاني؛ للاحتجاج على ما وصفته بأنه “تحريض على أعمال شغب” تنتهجه شبكة “بي.بي.سي فارسي” التي تبث بالفارسي ومقرها لندن.
كذلك استدعت سفير النرويج على خلفية “تصريحات غير بناءة”، أدلى بها رئيس البرلمان النرويجي على خلفية التظاهرات في إيران.
وسبق أن حيّا الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأسبوع الماضي، المتظاهرين. وأكد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة “التضامن مع نساء إيران الشجاعات اللواتي يتظاهرن من أجل ضمان حقوقهن الأساسية”.