الجيش المصري الباسل يتراجع عن بيع الكبدة بعد تعليقات محرجة
لليوم الثاني على التوالي تصدر هاشتاغ #كبدة_الاختيار مواقع التواصل في #مصر في أعقاب افتتاح مطعم كبدة يحمل اسم المسلسل الشهير “الاختيار” بمنفذ بيع تابع للقوات المسلحة بمدينة نصر شرق القاهرة.
وتحت وقع الانتقادات والسخرية والتعليقات السلبية على مواقع التواصل الاجتماعي اضطرت صفحة منفذ القوات المسلحة بمدينة نصر إلى رفع إعلان “كبدة الاختيار” من على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك ولم يعد متاحا.
وكان منفذ البيع الخاص بالقوات المسلحة المصرية قد أعلن، قبل يومين، افتتاح مطعم كبدة الاختيار تيمنا بمسلسل الاختيار الذي أنتجته الأجهزة الأمنية وتم عرضه على عدة أجزاء في ثلاثة مواسم رمضانية تقدم وجهة نظر السلطات المصرية لما بعد انقلاب تموز/ يوليو 2013 وحقق انتشارا واسعا وأشاد به رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة.
مادة دسمة للتهكم
جاء افتتاح مطعم “كبدة الاختيار” بمدينة نصر، بأحد منافذ القوات المسلحة لبيع الخضروات واللحوم، عقب إغلاق أشهر محلات الكبدة في القاهرة “البرنس” الذي يرتاده المشاهير ويعمل منذ ثلاثين عاما بسبب مخالفات تتعلق بالتعدي على حرم الطريق رغم أنه يفعل ذلك منذ سنوات دون اعتراض السلطات.
وقال مالك المطعم الكائن بمنطقة إمبابة بالجيزة بعد إغلاقه، ناصر البرنس، في تصريحات متلفزة، إنه منذ 30 سنة يفترش الشارع أمام المحل، مضيفا أنه لو أخطأ فمن المفترض أن تزيل أجهزة المحافظة المخالفات لا أن تغلق وتشمع المحل، على حد قوله.
وبات افتتاح أحد منافذ القوات المسلحة لمطعم الكبدة واسمه مادة دسمة للسخرية والتهكم للصحف والمواقع الإخبارية الإقليمية والعالمية، في حين التزمت المواقع والصحف المحلية الصمت خوفا من بطش الأجهزة الأمنية، بحسب ما أكده محرر صحفي بأحد المواقع المحلية.
وأضاف الصحفي: في مثل هذه الحالات لا يمكن لأي موقع محلي تناول مثل هذه القصص التفاعلية التي قد تحصد مشاهدات وقراءات واسعة لأنها تمس القوات المسلحة المصرية وقد تستدعي التحقيق والحبس والفصل من العمل.
تطور طبيعي
وانتقد نشطاء ومغردون على مواقع التواصل الاجتماعي انخراط القوات المسلحة المصرية في جميع الأنشطة الاقتصادية بما فيها المطاعم ومحلات بيع الخضار والفاكهة والألبان والأجبان وكل مواد البقالة واللحوم وغيرها من المنتجات.
ووصف البعض ما يجري بأنه تطور لأعمال القوات المسلحة في ظل غياب المدنيين عن الساحة والمنافسة وإقصاء قطاع منهم لحساب شركات الجيش في إشارة إلى شركات مثل جهينة للألبان والعصائر الشهيرة، والتوحيد والنور للملابس والأجهزة والأدوات المنزلية.
تعهدات الحكومة لإفساح المجال
ويتناقض ذلك مع تعهدات السلطات المصرية مؤخرا بالتخارج من القطاعات الاقتصادية أو تخفيف تواجدها بها لصالح القطاع الخاص المدني بعد أن تراجع دورها في الاقتصاد المصري لحساب اقتصاد القوات المسلحة المصرية وشركات القطاع العام التابعة للدولة.
وكانت الحكومة المصرية في أيار/ مايو الماضي قد تعهدت بزيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي: “نستهدف في السنوات الثلاث القادمة أن ترتفع نسبة مشاركة القطاع الخاص، لتصبح 65 بالمئة من إجمالي الاستثمارات المنفذة” في البلاد من حوالي 30 بالمئة في الوقت الحالي.
وعلق الباحث المتخصص في العلاقات المدنية العسكرية والدراسات الأمنية ومدير وحدة الرصد والتوثيق بالمعهد المصري للدراسات، محمود جمال في تغريدة له بالقول: “ناصر والسادات ومبارك كانت استراتيجيتهم مختلفة عن #السيسي، المؤسسة العسكرية في العهود الثلاثة كانت لاعبا رئيسا وكبيرا في الحياة الاقتصادية، ولكن كانت تترك جزءا للمؤسسات الأخرى وجزءا للمدنيين، أما السيسي فحول وضع الجيش من كونه لاعبا كبيرا إلى وضعية الفاعل المهيمن المسيطر على الاقتصاد كليًا”.
هيمنة الجيش مستمرة
في نيسان/ أبريل الماضي، كشف معهد مالكولم كير-كارنيغي في الشرق الأوسط في دراسة حديثة، أن صندوق النقد الدولي قد كسر صمته السابق تجاه السلطات العسكرية في مصر، وبات عليه تحسين نهجه من أجل معالجة الدور الاقتصادي للمؤسسة العسكرية المصرية بطريقة أكثر استهدافا وثباتا.
وتتيح اقتراحات صندوق النقد الدولي ومبادرات الحكومة المصرية الفرصة لتوطيد هيكلة ملكية الشركات العسكرية المتنفّذة سياسيا في مصر ضمن أطر تنظيمية واضحة، ما يسمح بالحدّ من تأثيراتها السلبية على الإنتاج الاقتصادي، والمالية العامة، وتنمية القطاع الخاص، بحسب الدراسة.