أزمة الطاقة تعصف بأوروبا وتضخم وارتفاع الأسعار وشتاء صعب
مع اقتراب حلول فصل الشتاء، الذي يأتي بعد صيف كان لهيبه حارقاً في أوروبا إذ أدت درجات الحرارة إلى حرائق وجفاف منقطع النظير كان له تأثير هائل على الاقتصاد، تستعد الدول الأوروبية وبريطانيا لمواجهة أزمة الطاقة التي تعصف بها من جهة، وموجة ارتفاع الأسعار والتضخم من جهة أخرى.
في أوروبا تتصاعد المخاوف من أزمة وشيكة في قطاع الطاقة، بعد أن وقفت روسيا ضخ الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 قبل أيام.
وفي تصعيد لحرب الطاقة بين روسيا والغرب، أعلنت موسكو أنها ستُبقي خط الأنابيب الرئيسي الذي ينقل إمداداتها من الغاز إلى ألمانيا مغلقاً، وقالت دول مجموعة السبع إنها قررت وضع حد أقصى لسعر صادرات النفط الروسية.
وتأتي المواجهة بشأن صادرات الغاز والنفط الروسية في إطار تداعيات الهجوم الروسي على أوكرانيا، المستمر منذ ستة أشهر، ما يبرز الخلاف العميق الذي سبّبه الهجوم بين موسكو والدول الغربية.
شتاء صعب
وطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأوروبيين بأن يتوقعوا شتاءً صعباً إذ أدى الهجوم الروسي على بلاده إلى أن تقلص موسكو صادرات النفط والغاز.
وأدلى زيلينسكي بهذا التصريح مساء السبت وقال في خطابه اليومي عبر الفيديو: روسيا تستعد لضرب جميع الأوروبيين في مجال الطاقة بشكل حاسم هذا الشتاء.
ورجعت موسكو سبب تعطل إمدادات الطاقة إلى العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الهجوم على أوكرانيا ومسائل فنية. واتهمت الدول الأوروبية، التي قدمت دعماً دبلوماسياً وعسكرياً للحكومة الأوكرانية، روسيا باستخدام إمدادات الطاقة سلاحاً.
ويقول بعض المحللين إن نقص الإمدادات وارتفاع تكاليف المعيشة مع اقتراب فصل الشتاء يهدد بتقليص الدعم الغربي لكييف فيما تحاول الحكومات التعامل مع السكان الذين يشعرون بالغضب.
وقالت موسكو الأسبوع الماضي إنها ستُبقي خط أنابيب نورد ستريم 1، وسيلتها الرئيسية لتزويد ألمانيا بالغاز، مغلقاً.
ألمانيا.. أوقات صعبة
في السياق، أعلن الائتلاف الحاكم في ألمانيا الأحد أن البلاد سوف تستثمر 65 مليار يورو إضافية، في جولة جديدة من الاجراءات التي تهدف إلى تخفيف حدة التضخم وارتفاع أسعار الطاقة للمستهلكين.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس إن ألمانيا تقف متحدة في أوقات صعبة.. كدولة سوف نجتاز هذا الوقت الصعب.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مع قادة من حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر المؤيد للأعمال، وهما شريكان في تحالف يسار الوسط الحاكم.
ومن بين الإجراءات التي جرى الإعلان عنها، دفعات إضافية لمرة واحدة لمساعدة المستهلكين في تغطية تكاليف الطاقة، وتحديد سقف للسعر مخطط لمقدار أساسي من استهلاك الطاقة للعائلات والأفراد.
وقال شولتس إنه “مدرك تماماً” أن عديداً من الألمان يكافحون للتعامل مع ارتفاع الأسعار وأن الحكومة مستعدة للمساعدة، مضيفاً: إننا نأخذ هذه المخاوف على محمل الجد للغاية.
بالإضافة إلى مدفوعات 300 يورو المعلنة سابقاً للعمال للمساعدة في تعويض تكاليف الطاقة، تخطط الحكومة لتقديم مدفوعات لمرة واحدة لمجموعات أخرى. سيحصل المتقاعدون على 300 يورو على سبيل المثال فيما سيحصل الطلاب على 200 يورو.
وللحفاظ على انخفاض تكاليف الطاقة للأفراد والعائلات، أعلنت الحكومة عما وصفته “بمكابح سعرية” فيما يتعلق بأسعار الطاقة، قائلة إنها تخطط لتقديم كمية أساسية يجرى تحديدها من الطاقة للجميع بسعر أقل.
وستطور الحكومة أيضاً خطة تسمى “تذكرة 9 يورو”، وهي تذكرة وطنية تسمح بالسفر غير المحدود في وسائل النقل العام المحلية والإقليمية.
إيطاليا.. إنفاق متزايد على الطاقة
وفي إيطاليا، قال وزير الاقتصاد دانييلي فرانكو إن صافي تكاليف واردات الطاقة الإيطالية سيقترب من 100 مليار يورو (99.5 مليار دولار) هذا العام، مما يقضي على صافي الفائض في المبادلات مع بقية العالم الذي سجلته البلاد في السنوات الأخيرة.
وأضاف فرانكو أن إيطاليا اعتمدت العام الماضي على الواردات في 75% من استهلاكها للطاقة. ويبلغ صافي كلفة واردات الطاقة 43 مليار يورو.
وقال فرانكو في منتدى أمبروسيتي السنوي للأعمال في تشيرنوبيو: إننا ننقل الثروة إلى الخارج.
وتابع قائلاً إن مبلغ 100 مليار يورو يصل الى ثلاث نقاط مئوية من الناتج المحلي الاجمالي والذي ننقله الى دول منتجة للطاقة.
وذكر أن الحكومة أنفقت 33 مليار يورو منذ بداية العام لتبديد أثر ارتفاع أسعار الطاقة على الاقتصاد، لكن هذه الاستراتيجية مكلفة جداً ولا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية.
وقال: ما يهم هو معالجة أداء سوق الطاقة الأوروبية (…) من أجل توصيل أسعار الغاز والطاقة إلى مستويات محتملة.
بريطانيا.. المدارس تستعد لشتاء قارس
في مواجهة الارتفاع الشديد في كلفة الطاقة، يزداد الوضع صعوبة على المدارس الحكومية البريطانية التي تبحث عن حلول جذرية تسمح بتجنيب التلاميذ البرد الذي قد يضطرهم إلى ارتداء معاطفهم خلال الدروس في الشتاء المقبل.
وتعاني المملكة المتحدة من تضخّم تخطّى 10%، وهو المستوى الأعلى بين دول مجموعة السبع، فيما من المتوقع أن يزداد الوضع سوءاً في ظل الزيادات المتوقّعة في أسعار الطاقة.
وفي حين تبدو الأُسر محمية بسقف سعر تفرضه السلطات العامة، سيزيد بنسبة 80% في أكتوبر/تشرين الأول، لا إجراء مشابه يتعلّق بالشركات والمؤسّسات العامة. وتؤثر الأزمة على جميع القطاعات، من الحانات إلى المستشفيات.
وبعد عامين طغت خلالهما جائحة كورونا على العودة المدرسية، بات على مديري المدارس الآن التعامل مع أزمة جديدة في ظلّ ميزانيات جرى تحديدها قبل الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة.
وتبدو وزارة التعليم “على علم بالضغوط التضخّمية التي تواجه المدارس”. فقد أعلنت الحكومة في بيان أنها “زادت التمويل بمقدار أربعة مليارات جنيه استرليني هذه السنة”. كما قدّمت توصيات للمدارس بشأن عروض إمدادات الطاقة.
أزمة تكلفة المعيشة
في بريطانيا أيضاً، تعهدت ليز تراس، التي يُتوقع على نطاق واسع أن تصبح رئيسة الوزراء الجديدة هذا الأسبوع، بمعالجة أزمة تكلفة المعيشة التي فاقمها ارتفاع فواتير الطاقة المرتبطة بالحرب في أوكرانيا.
لكن تراس رفضت، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” الأحد تقديم أي تفاصيل عن الإجراءات التي ستتخذها، مشيرة إلى أنه سيكون من الخطأ مناقشة سياسات محددة لحين تولّي مهام رئاسة الوزراء. لكنها شددت على أنها تتفهم حجم المشكلات التي تواجه بريطانيا.
وقالت تراس، وزيرة الخارجية الحالية، أريد أن أطمئن الناس بأنني عازمة تماماً على حل هذه المشكلة، وسأقدم أيضاً في غضون شهر خطة محكمة لخفض الضرائب وانتعاش الاقتصاد البريطاني والبحث عن سبيل للخروج من هذه الأوقات العصيبة.
ووعدت تراس بزيادة الإنفاق الدفاعي وخفض الضرائب وزيادة إمدادات الطاقة، لكنها رفضت تقديم تفاصيل حول كيفية استجابتها لأزمة تكاليف المعيشة.