إدارة بايدن تفكر بملاحقة رجل أعمال مقره الإمارات لتحايلهم على العقوبات وخلط النفط العراقي والإيراني
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا قالت فيه إن الولات المتحدة باتت تفكر بملاحقة شبكة دولية تعتقد أنها تساعد إيران على تجنب العقوبات وشحن نفطها. وفي التقرير الذي أعده إيان تيلي قال فيه إن واشنطن تفكر بفرض عقوبات على رجل أعمال مقره في الإمارات العربية المتحدة وشبكة من الشركات المشتبه بمساعدتها النفط الإيراني، كجزء من جهود واسعة لزيادة الضغط الدبلوماسي على طهران، في وقت تدفع فيه واشنطن باتجاه التوصل إلى اتفاقية بشأن المشروع النووي الإيراني. وقالت الصحيفة إن الشركات والأفراد الذين تدرس حالاتهم قاموا باستخدام المياه الواقعة بين إيران والعراق لنقل النفط من سفينة لأخرى ثم تزوير الوثائق لإخفاء مصدر الشحنات، وذلك بحسب وثائق شركات اطلعت عليها “وول ستريت جورنال” بالإضافة لبيانات الشحن البحري وأشخاص على معرفة بالموضوع. ومن خلال نقل النفط على أنه من العراق، فإن المشاركين فيه يتجنبون العقوبات على النفط الإيراني.
وتشير الصحيفة إلى أن هناك خلافات داخل إدارة الرئيس جوي بايدن حول خطط استهداف هؤلاء الذين يشبته بتحايلهم على العقوبات. فالإدارة تريد إحياء الإتفاقية النووية كطريقة للحد من البرنامج النووي الإيراني وكذا التعامل مع معارضي الإتفاقية النووية والرد على الآثار الإقتصادية الناجمة عن حرب روسيا في أوكرانيا والعقوبات التي فرضت عليها. وفرضت الإدارة منذ تجمد المحادثات النووية هذا العام جولتين من العقوبات على الشركات التي يزعم أنها تقوم بتهريب النفط الإيراني، وكانت بمثابة تصعيد يذكر إيران بالثمن الذي ستدفعه على فشلها في التفاوض. إلا أن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين يرون أن إدارة بايدن تجنبت تنفيذ حملة واسعة من العقوبات على إيران من أجل إحياء الإتفافية النووية التي خرج منها الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.
وقال مسؤول بارز في الإدارة إنه طالما لم تقبل إيران العرض على الطاولة وتعود إلى خطة العمل المشتركة الشاملة، فتوقعاتي هي أننا سنظل نشاهد فرض هذا النوع من تحركات التنفيذ من الأن وصاعدا وعلى قاعدة منتظمة. وقام مجلس الأمن القومي بإرسال مجموعة من الأسئلة إلى وزارة الخارجية، وقال المتحدث باسم الوزارة: أي تكهنات بأن الإدارة تعلق العقوبات على إيران وتجنب تضخيم الأثار هي خاطئة بنفس القدر.
وقال روبرت غرينوي، الذي أشرف على سياسة إيران، كمسؤول بارز عن سياسة الشرق الأوسط بمجلس الأمن القومي أثناء إدارة ترامب إن عمليات التحايل على العقوبات عبر العراق- بما فيها المزج بين النفط النفط العراقي والإيراني الأصل، يمثل نسبة 25% من صادرات إيران عندما كان في مجلس الأمن القومي عام 2020. وأضاف غرينوي الذي يعمل حاليا زميلا في معهد هدسون: “هذا مهم وبشكل كبير لطهران، وبسبب تعرض إيران لضغوط مهمة من السوق الدولية”. وتعلق الصحيفة أن معظم النفط الممزوج ومصدره إيران هو خام ومكرر ويباع معظمه لزبائن في آسيا، ولكن شركات غربية مثل إكسون موبيل كورب وكوتش إندستريز إنك وشل بي أل سي مشاركة في العقود حسب وثائق وموظفين سابقين. وربما قامت هذه الشركات الغربية بعقود لشركات متورطة في خلط النفط أو تصرفت كطرف ثالث في عملية سمسرة النفط أو اشترت النفط المخلوط.
ولا يوجد ما يشير إلى اتهام هذه الشركات انها قامت بخرق نظام العقوبات الدولية عمدا. ورفضت إكسون وكوتش التعليق. وقالت كيرتس سميث، المتحدث باسم شركة شل إن الشركة تقوم بفحص البيانات من أجل تقييم كيف أثرت هذه الممارسة على سفن الشحن التابعة لها، مضيفا إلى أن الشركة ملتزمة وبشكل كامل بالإلتزام بكل القوانية الدولية المعمول بها وضوابط التجارة والعقوبات.
وقال المسؤولون الأمريكيون العارفين بالأمر إن الشخص الذي يقف وراء عملية خلط النفط هو سليم أحمد سعيد، وهو عراقي مولود في بريطانيا وعدد من الشركات التي تشترك في عنوان إلكتروني وعنوان في سجل الشركات مع شركاته بمن فيها “العراقية لخدمات الشحن وتجارة النفط أو إيسوت. وفي رد على أسئلة الصحيفة، قال سعيد في رسالة إلكترونية نفى فيها أي علاقة بالشركة المذكورة او أن تجنب العقوبات ضد العقوبات عبر الشركات التي يملكها أو يديرها. وقال “أنا مالك آيكون بتروليوم ورين للشحن ولست مالكا لشركة إيسوت”. وأضاف: لم تشحن شركاتي النفط الإيراني وخرقت العقوبات على الإطلاق وكل تجارتي مع العراق هي شرعية.
ويعتقد المسؤولون الغربيون أن عمليات التحايل على العقوبات التي قام بها سعيد تعود إلى فترة قصيرة بعدما أعلنت إدارة ترامب في منتصف عام 2017 أنها تفكر بفرض عقوبات واسعة على إيران وإجبارها للتوقيع على اتفاقية نووية وأمنية جديدة. وفي ذلك الوقت ساعد وزير النفط العراقي في حينه، جبار علي حسين اللعيبي على إنشاء شركة جديدة، لكي تكون المصدر الوحيد لنفط البلاد. وكانت إيسوت هي عملية مشتركة ما بين شركة ناقلات النفط العراقية والشركة العربية البحرية لنقل البترول، والتي كانت تملكها عدة دول في الخليج، حسب عدد من الأشخاص والوثائق. وقال اللعيبي في ذلك الوقت أن العملية المشتركة ستجعل العراق لاعبا دوليا في قطاع شحن الطاقة.
ويقول مسؤولون أمريكيون وعراقيون، حاليون وسابقون إن العملية كانت من أجل من مساعدة النفط الإيراني. وقال مسؤول غربي على معرفة بإيسوت: كانوا يصدرون منتجات الطاقة العراقية، ولكن الدخل الحقيقي كان 5-10% من الصادرات النفطية الإيرانية، صادرات الوقود- النفط وغير ذلك من الصادرات.
وفي بيان لإيسوت عام 2020 قالت فيه إنها أو أي من الشركات التابعة لها لم تشارك في أنشطة خاضعة للعقوبات، بما في ذلك التجارة وتصدير النفط الإيراني، واعتبرت الإتهامات بأنها “لا تقوم على معلومات صحيحة”، ورفضت الشركة التعليق على المقال. وبحسب الوثائق فلم يرد اسم سعيد كمسؤول في إيسوت أو أنه مالكها. لكن موظفين سابقين عملوا بمواقع بارزة قالوا إنه هو الذي يدير الشركة.
وقال محمد علوان إن سعيد “هو الذي يدير العرض كله”، مضيفا أن سعيد عينه لإدارة عمليات إيسوت في العراق حتى منتصف عام 2020. وقال علوان إن سعيد أخبره عن مصلحة إيرانية في ملكية إيسوت. وقال آخر على معرفة مباشرة بالشركة: “سليم (سعيد) كان الرئيس”. وتشمل مصالح سعيد التجارية شركة إيكون بتروليوم وكان لديها عقود مهمة مع عمليات إيسوت وشاركتها عنوانها والإدارة الرئيسية، حسب موظفين سابقين وأوراق الشركات وسجلات الملكية. وتم استخدام شحنات النفط العراقي لبيع النفط الإيراني سرا.
ولم ترد لا بعثة إيران في الأمم المتحدة ولا السفارة العراقية في واشنطن أو شركة الشركة العربية البحرية لنقل البترول واللعيبي الذي تم الإتصال به عبر إيسوت والشركات التي تملكها على أسئلة الصحيفة. وتقول إن إيسوت والشركات التابعة لسعيد والتي تشترك بنفس العنوان الإلكتروني وعناوين الشركات بمزج النفط العراقي والإيراني من سفينة إلى سفينة في المياه الواقعة بين العراق وإيران، حسب أشخاص ووثائق. وتقوم السفن بوقف بث موجاتها وهي في الطريق عبر مياه الخليج ثم تستخدم وثائق مزورية لكي تثبت أن الشحنة هي عراقية، حسب موظفين سابقين، تقارير شحن خاصة اعتمدت على بيانات أقمار اصطناعية ووثائق تسجيل للشحن.
وقال علوان إن معظم النفط المخلوط هو إيراني وتم إخفاء مصدره من خلال وثائق ملفقة. وقال علوان، الموظف السابق: “يحصل المهربون على وثائق عراقية أو عمانية للنفط الإيراني المهرب”. ومن السفن التي شاركت في العملية، واحدة اسمها بابل والتي تكشف بيانات الشحن أنها عملت ما بين 2017- 2020 وشغلتها شركة رين للملاحة والتي يملكها سعيد. واستأجرت إيسوت السفينة لعملياتها، حسب أشخاص مطلعين ووثائق. وفي آذار/مارس 2020 حملت سفينة بولاريس-1 الإيرانية 231.000 برميل نقط قيمتها 9 ملايين دولار، في بابل. وفي نفس الشهر حملت بابل النفط في شركة تابعة لواحدة مملوكة من الدولة في الصين وهي دا لي هو.
وبدأت إيسوت تتعرض للفحص بعدما شن مجلس مكافحة الفساد في العراق حملة في منتصف عام 2019. وقررت بالو أنترناشونال شيبنغ ريجستري في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2020 سحب رخصة الشحن من بابل لأنها قامت بإغلاق جهاز الإستقبال والإرسال وتحميل نفط من بندر عباس الإيراني. وقال بانوس كيرنيدس، مدير بالو إن بابل خرقت العقوبات التي فرضها الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وفي شباط/فبراير 2020 أوقفت الحكومة العراقية اتفاقها المشترك مع إيسوت، مع أن السجلات تظهر إن شركة تسويق النفط العراقي ظلت تتعامل مع إيسوت حتى عام 2021.