اشتباكات بين فصائل محلية ومليشيات موالية للنظام.. ما الذي حدث في السويداء السورية؟
لم تشهد محافظة السويداء جنوبي سوريا أحداثا مماثلة كتلك التي مرت على سكانها خلال اليومين الماضيين، حيث نشبت اشتباكات غير مسبوقة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين فصائل محلية مسلحة ومليشيا “قوات الفجر” التابعة لأمن النظام العسكري انتهت بإقصاء المليشيا، وسط أنباء عن هروب زعيمها راجي فلحوط.
وأمس الأربعاء، احتشد المئات من أبناء مدينة السويداء عند دوار المشنقة الشهير احتفالا بانتصار الفصائل المحلية المسلحة بقيادة حركة “رجال الكرامة” على مليشيا “قوات الفجر” الموالية للنظام السوري، مطلقين الأعيرة النارية في السماء ابتهاجا بإنهاء وجود تلك المليشيا في محافظة السويداء.
ووفق مصادر محلية، تركزت الاشتباكات في بلدة عتيل بريف السويداء عندما شنت الفصائل المحلية بقيادة “رجال الكرامة” هجوما واسعا على منزل راجي فلحوط الذي تحصن مع عشرات العناصر داخل منزله.
وقالت المصادر إن الفصائل قتلت وأسرت العشرات من عناصر “قوات الفجر” التي يتهمها الأهالي بنشر الفوضى في المحافظة عبر عمليات الخطف وابتزاز السكان والاعتقالات التعسفية بتغطية وستار من النظام السوري وقواته الأمنية.
شرارة الاشتباكات
وتعود أسباب التداعيات الميدانية التي شهدتها السويداء إلى يوم السبت الماضي إثر خطف عناصر من “قوات الفجر” الشاب جاد حسن الطويل من مدينة شهبا بريف السويداء بذريعة تلقيه تمويلا من الخارج، الأمر الذي دفع ذويه إلى قطع طريق السويداء دمشق واعتقال ضباط من قوات النظام.
ووفق شبكة “السويداء 24” الإخبارية، فإن اتفاقا عقد بين “قوات الفجر” والأهالي يقضي بإطلاق سراح الموقوفين لدى الطرفين وفتح الطرق، لكن الاتفاق لم يدم طويلا بعد نقضه من المليشيا، الأمر الذي دفع الأهالي والفصائل المحلية إلى الهجوم المسلح.
انتفاضة شعبية
بدوره، قال مدير مدير تحرير شبكة “السويداء 24” الإخبارية ريان معروف إن جذور الأحداث الأمنية تعود إلى عام 2018 عندما قام النظام السوري -ممثلا بالمخابرات العسكرية- بدعم مجموعات مسلحة متورطة بانتهاكات وجرائم قتل لتصبح سلطة أمر واقع على أهالي السويداء.
وأضاف معروف أن تجاوزات المليشيات تفاقمت بشكل كبير من خلال قتل مدنيين أثناء عمليات اختطافهم بذريعة أنهم مطلوبون للنظام السوري، ونشر تسجيلات مصورة لتعذيب معتقلين، بوصفهم جهة أمنية تنفذ القانون.
ويصف معروف ما حدث بأنه انتفاضة شعبية صدمت النظام ولم يتوقع حدوثها “لأنه كان يلعب على وتر أن أبناء الطائفة الدرزية لا يتقاتلون في ما بينهم، لكن ما حدث عكس ذلك من خلال مداهمة مقرات عسكرية محصنة لمليشيا قوات الفجر”.
واستبعد الصحفي السوري المنحدر من السويداء حدوث تصعيد عسكري بين الفصائل المحلية والنظام السوري، معربا عن اعتقاده بأن أهالي السويداء لا يرغبون بذلك، وهدفهم هو المليشيات المدعومة من النظام.
درس قاس
وكانت عائلة الطويل كبرى عوائل مدينة شهبا تكبدت خسائر بشرية دامية تمثلت بمقتل 3 أشخاص منها على يد “قوات الفجر” خلال العام الماضي، وفق ما أكد أحد أفراد العائلة.
وقال المتحدث إن هذه العصابات قتلت أحد أفراد العائلة أيضا العام الجاري وخطفت كثيرين بشكل عشوائي، لكن الانتفاضة التي حصلت مؤخرا كانت درسا قاسيا لهذه العصابات ولكل من يتعامل معها.
“اجتثاث العصابات”
ولا تبدو أن الأحداث الأخيرة هي نهاية المطاف في شأن الملف الأمني والعسكري في المحافظة، إذ تشير المعطيات إلى استمرار عمليات عسكرية قد تستهدف مجموعات أمنية على صلة بالنظام السوري.
وأكد قيادي في حركة “رجال الكرامة” -رفض الكشف عن اسمه- أن “قوات الحركة مستمرة في عمليات اجتثاث أفراد العصابات المتورطين في الجرائم والانتهاكات بحق سكان محافظة السويداء”.
وقال القيادي إن عناصر الحركة عثروا بعد اقتحام مقرات مليشيا “قوات الفجر” التي يقودها راجي فلحوط على وثائق تثبت ارتباطه بالأجهزة الأمنية منها بطاقات أمنية وتسوية، إضافة إلى معدات تستخدم في صناعة حبوب الكبتاغون المخدرة.