استئناف تصدير نفط ليبيا بعد توقف 3 أشهر فهل انتصر الدبيبة؟
أعلنت مؤسسة النفط الليبية، استئناف تصدير النفط بعد توقف دام حوالي 3 أشهر، وسط مخاوف واسعة من انزلاق المؤسسة إلى ساحة الاقتتال الداخلي بين الفصائل، بعد رفض مصطفى صنع الله، إقالته من رئاسة المؤسسة وتعيين فرحات بن قدارة (محافظ البنك المركزي في عهد نظام معمر القذافي، والمحسوب على معسكر الشرق)، خلفا له.
وقالت وسائل إعلام محلية، إن العاصمة الليبية طرابلس تشهد توترا أمنيا بسبب تداعيات قرار رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة تكليف رئيس جديد للمؤسسة الوطنية للنفط والغاز، والذي تسلم مهامه الخميس الماضي، وأعلن الجمعة، رفع حالة القوة القاهرة عن جميع حقول وموانئ النفط في ليبيا واستئناف التصدير.
وفي المقابل، قالت الصفحة الرسمية للمؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إن مجلس إدارة المؤسسة (المقال)، لن يخضع لإجراءات إقالة غير قانونية من حكومة منتهية الولاية، وإن المجلس ماض في أداء عمله وفقاً لما ينص عليه القانون.
وقال إن فترة ولاية الدبيبة انتهت وإنه لا يملك سلطة إقالته، بينما رفض الدبيبة ذلك وقال إن ولايته لا تنتهي إلا بإجراء الانتخابات.
وينذر قرار رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة يوم الثلاثاء، بإقالة مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة، بتفاقم الأزمة السياسية في ليبيا ويهدد بانزلاق المؤسسة الوطنية للنفط إلى ساحة الاقتتال الداخلي بين الفصائل، والذي كانت تتجنبه إلى حد كبير خلال سنوات الصراع، وفقا لوكالة رويترز.
ومن جانبه، قال عميد كلية القانون والعلوم السياسية بجامعة نالوت، إلياس الباروني، في مقابلة، السبت، مع قناة “فبراير”، إن الساحة الليبية تشهد تغيرات متسارعة تستهدف السيطرة على الحكم من خلال الطاقة النفطية.
وقال البروني، وفقا لصحيفة “المرصد” إن “خليفة حفتر (قائد قوات الشرق الليبي) وفتحي باشاغا (رئيس الحكومة الموازية) استخدموا سياسة لي الذراع في قفل الموانئ لخداع حكومة الوحدة الوطنية بالتسليم، وفي نفس الوقت ممارسة الضغط على الشارع الليبي للخروج وبالفعل خرج مطالبا بإسقاط جميع الأجسام الموجودة”.
وأضاف: حكومة الدبيبة استخدمت ذات سياسة الخداع في ما يتعلق بقلب الطاولة على ما يعرف بحكومة الاستقرار والاستفادة من تغيير هيكلية المؤسسة الوطنية للنفط وضخ النفط من جديد لتغيير اللعبة السياسية، وبالتالي فقد حققت الانتصار بضخ النفط إلى جانب إهمال ما يعرف بحكومة باشاغا.
وردا على ما تداوله نشطاء ليبيون بوجود صفقة توصل إليها صدام حفتر، مع ممثل عن الدبيبة، برعاية إماراتية لإسقاط مصطفى صنع الله، من رئاسة مجلس إدارة مؤسسة النفط، وفتح الحقول والموانئ النفطية المغلقة منذ نحو 3 أشهر، فقد نفى الدبيبة ذلك مؤكدا أن هذه الخطوة جاءت بتوافق وتشاور بين مختلف الأطراف السياسية، ودون أي تدخل خارجي.
وبحسب الأناضول، فإن حفتر يدرك أنه لا يمكنه إغلاق النفط لفترات طويلة، لأن من شأن ذلك أن ينفجر في وجهه في شكل غضب شعبي، وضغوط دولية، لذلك فقد سارع للاتفاق مع حكومة الدبيبة، على فتح المنشآت النفطية، مقابل تعيين أحد الموالين له على رأس مؤسسة النفط.
وحول تفاصيل التفاهمات بين حفتر والدبيبة، قالت الأناضول في تحليل نشرته الاثنين، إنها لن تختلف كثيرا على التفاهمات التي جرت في صائفة 2020، بين صدام حفتر، ونائب رئيس المجلس الرئاسي حينها أحمد معيتيق.
وأضافت: “حفتر يريد ضمان حصة من عائدات النفط، ولا يمكنه الصمود أكثر أمام الضغط الشعبي والدولي بقيادة الولايات المتحدة، التي تريد تدفق النفط والغاز الليبيين نحو أوروبا، لتخفيف تداعيات العقوبات الغربية على المحروقات الروسية والتهاب أسعار الطاقة عالميا. بالمقابل، فإن الدبيبة يدرك أن عدم حل أزمة الكهرباء سريعا، أو على الأقل التقليل من ساعات انقطاعه، من شأنه الإطاحة بحكومته شعبيا”.
والاتفاق مع حفتر، لفتح النفط، من شأنه إعادة تدفق الغاز نحو محطات إنتاج الكهرباء، ما سيساعد على تخفيف أزمة الانقطاعات الطويلة، وفقا للأناضول.
واعتبرت الوكالة أن اتفاق الدبيبة وحفتر، على تعيين مدير جديد لمؤسسة النفط مقابل فتح حنفية الإنتاج والتصدير، يعني أن باشاغا، وحكومته لم يعد لهما دور مهم في المرحلة المقبلة، وهو اعتراف ضمني بحكومة الوحدة، التي فرضت تنفيذ قرارها بتغيير مجلس إدارة مؤسسة النفط، رغم معارضة “صنع الله” ومجلسي النواب والدولة وحتى السفير الأمريكي، للقرار.
وأردفت: فبالنسبة لحفتر، لم يتمكن باشاغا، من دخول طرابلس، كما وعد بذلك أكثر من مرة، وتمسكه بالسلمية وعدم استخدام القوة لإزاحة حكومة الدبيبة، لا يخدم أهداف قائد قوات الشرق لإضعاف قوات المنطقة الغربية وتقسيم كتائب مدينة مصراتة، القوة الرئيسية التي أفشلت محاولته اقتحام طرابلس ما بين 2019 و2020.
كما أن مطالبات شعبية برحيل كل من الدبيبة وباشاغا، تعني، وفقا للوكالة، أن الأخير أصبح مرفوضا شعبيا، ناهيك عن عدم قدرة حكومته على ممارسة مهامها من العاصمة منذ آذار/ مارس الماضي، واستقرارها في مدينة سرت (شمال وسط)، وعدم حصولها على أي ميزانية من المصرف المركزي لتنفيذ برنامجها.
وفي حالة تأكد توافق الدبيبة وحفتر، برعاية إماراتية، لمواجهة “الخطر الشعبي” المشترك، فإنه لن يكون أمام باشاغا، إلا خياران، إما الاستسلام للأمر الواقع، وإعلان استقالته وإنهاء حكومته، أو محاولة تغيير هذا الواقع، من خلال السيطرة على طرابلس بالقوة المسلحة، وإعادة التفاوض مع حفتر، وهذا خيار انتحاري ستكون له تداعيات خطيرة على أمن البلاد.