صاروخ أطمجة.. آخر خطوات تركيا لتعزيز أسطولها والتخلص من الصواريخ الأمريكية
شهدت تركيا قبل أيام، إجراء تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ “أطمجة” (Atmaca)، في خطوة هي الأحدث من نوعها في إطار بناء تركيا ترسانتها الوطنية من الصواريخ والاستغناء عن نظيراتها الأمريكية المستوردة.
ونشرت وزارة الدفاع التركية، مقطعاً يظهر لحظة إطلاق “أطمجة” ونجاحها في إصابة هدف في البحر الأسود بعد إطلاقه من الأرض، في تجربة كانت الأولى من نوعها التي يُختبَر فيها الصاروخ المضادّ للسفن عبر إطلاقه من منصة برية متحركة.
فبعد نجاحها في تطوير صاروخ “أطمجة” البري بإمكانيات محلية خالصة ونيله اهتماماً بالغاً من خبراء الصناعات الدفاعية، باشرت شركة “روكيتسان” (Roketsan) التركية المختصة بصناعة الصواريخ، تطوير النسخة البحرية من هذا الصاروخ.
والنوع البحري من صاروخ “أطمجة”، الذي يعني بالتركية “الصقر”، هو بمثابة أول صاروخ كروز بحري تركي دقيق بعيد المدى، طُوّر خصيصاً للاستغناء عن استخدام صواريخ “هاربوون” الأمريكية، كما يطلق على الصاروخ الحديث والمتطور الذي يبلغ مداه نحو 200 كيلومتر السيف الفولاذي للوطن الأزرق.
“أطمجة” التركي بديلاً من الأمريكي “هاربوون”
تمتلك القوات البحرية التركية حالياً صواريخ “هاربوون” (Harpoon) المضادة للسفن أمريكية الصنع. ومن المتوقع أن تُستبدل بها صواريخ “أطمجة” (Atmaca) المحلية الصنع، التي تتميز بميزات إضافية متفوقة. فإلى جانب مداها الذي يزيد على 200 كيلومتر، مما يشكّل تهديداً لأهداف بعيدة عن النطاق البصري، تُعتبر صواريخ “أطمجة” فعالة ضد الأهداف الثابتة والمتحركة بفضل مقاومتها التدابير المضادة وإمكانية إعادة المحاولة وإلغاء المهامّ، بالإضافة إلى امتلاكها نظام توجيه ثلاثي الأبعاد متقدماً، بحسب تقرير لـ “TRT عربي.”
وصُمّم الصاروخ ليحلّق على ارتفاع منخفض فوق الماء، ويمكنه الوصول إلى هدفه عبر تحليقه بطريقة خطية وعمودية. باستخدام هذه الميزة يمكن أن يصل الصاروخ إلى ارتفاع أعلى عندما يقترب من الهدف، ويمكنه الهبوط على سفينة مستهدفة من أعلى مباشرة.
يُذكَر أن أعمال تطوير صاروخ “أطمجة” بدأت عام 2009، ووُقّعَت صفقة للإنتاج الضخم بين رئاسة الصناعة الدفاعية (SSB) وشركة الدفاع المحلية البارزة “روكيتسان” عام 2018. من المتوقع استخدام الصاروخ على طرادات بُنيَت في إطار مشروع السفينة الوطنية التركية “MILGEM”، إلى جانب السفن والغواصات الأخرى التي تستخدم حالياً صواريخ “Harpoon”، ومن المتوقع أيضاً استخدام الإصدار الأرضي من الصواريخ لتأمين السواحل.
تركيا ومهمة توطين صناعة الصواريخ
أشعلت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية على تركيا بعد مشاركتها في حرب تحرير قبرص عام 1974، الشرارة الأولى لبدء البرنامج الوطني المختص بالصناعات الدفاعية الحربية في تركيا. وإثر ذلك ومنذ ثمانينيات القرن الماضي تخطو تركيا خطوات سريعة وملموسة في التصنيع الحربي المحلي لتتحول تدريجياً من الاعتماد الكامل على الخارج إلى الاكتفاء الذاتي ثم التصدير.
وفي السنوات الأخيرة شرعت تركيا أيضاً في إنشاء معهد أبحاث وتطوير الصناعات التركية (SAGE) تحت بنية مجلس البحث العلمي والتكنولوجي التركي (TÜBİTAK)، الذي دشّن بدوره بالتعاون مع شركة “روكيتسان” التركية أكثر من برنامج لإنتاج صواريخ فعالة وذكية بإمكانيات وطنية خالصة، دخل بعضها الخدمة ضمن الأسلحة التي تستخدمها القوات المسلحة التركية، فيما يخضع بعضها الآخر للاختبار.
واستكمالاً لنجاحها في توطين ما يقرب من 80% من صناعة الدفاع، يتسارع اختبار تركيا منظومات صواريخ حديثة متنوعة بشتى الأنواع والأحجام، تُصمَّم وتُطوَّر لتتلاءم مع المركبات والأنظمة البرية والجوية والبحرية التي تطوّرها شركات الصناعات الدفاعية في تركيا. علاوة على ذلك اختبرت تركيا مؤخراً منظومة “سيبار” للدفاع الجوي بعيد المدى، التي يتوقّع لها الخبراء أن تكون في مستوى يمكّنها من منافسة منظومة “S-400” الروسية، بعد دخول منظومة “حصار” المحلية مخزون القوات التركية.
ونتاجاً للجهود المبذولة التي تبذلها الحكومة التركية من أجل تشجيع الشركات على الاستثمار في برامج البحث والتطوير دخلت 7 شركات دفاعية تركية قائمة أفضل 100 شركة صناعة دفاعية في العالم لعام 2020، كان من ضمنها شركة “روكيتسان” (ROKETSAN) المختصة بصناعة الصواريخ والمقذوفات بأشكال وأحجام وقدرات تدميرية مختلفة، التي تتمتع بتكنولوجيا عسكرية حديثة ومتطورة.
شركة “روكيتسان”
تأسست شركة “روكيتسان” يوم 14 يونيو/حزيران 1988 في منطقة تشانكايا بالعاصمة التركية أنقرة، بقرار من اللجنة التنفيذية للصناعات الدفاعية (SSİK) بهدف تلبية احتياجات القوات المسلحة التركية من الصواريخ والقذائف من مختلف الأحجام والأنواع والأشكال، وفيما تملك مؤسسة القوات المسلحة التركية (TSKGV) ما نسبته 55.5% من أسهم الشركة، توزعت بقية الأسهم بين شركات تركية أخرى.
وتُنتج الشركة الصواريخ والقذائف بكل الأشكال والأحجام، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع الأرضي والجوي والبحري، كما تصمّم وتبتكر عديداً من الصواريخ الذكية الموجهة بالليزر والأشعة فوق الحمراء والمستشعرات الحرارية، إلى جانب توسُّعها في المجال الفضائي، من خلال تطويرها صواريخ خاصة من أجل إيصال الأقمار الصناعية إلى الفضاء.
وفي عام 2020 احتلت شركة “روكيتسان” المرتبة 91 في تصنيف المجلة الأمريكية لأفضل 100 شركة صناعة دفاع، حسب المجلة الأمريكية “Defense News Top 100” لعام 2020، فيما بلغت ميزانيتها عام 2019 نحو 515 مليون دولار أمريكي، ويُقدَّر عدد العاملين في الشركة بأكثر من 3000 موظف، بين مهندسين وتقنيين وإداريين وعمال.