صحيفة الغارديان: العالم يحترق والفرنسيون منشغلون بالبوركيني وما تكشفه النساء من أجسادهن عند السباحة
قالت المعلقة في صحيفة “الغارديان” أروى مهداوي، إن العالم يحترق والفرنسيون منشغلون بقضية لباس السباحة، طويلا كان أم قصيرا.
ورأت الكاتبة أن انشغال الفرنسيين بالموضوع يعكس جذور كراهية الإسلام (إسلاموفوبيا) العميقة في فرنسا. وقالت إنها اخترعت لعبة على غرار “غيت أ غريب برايز” والمخصصة لبلد يقوم بإهانة نفسه على المسرح العالمي من خلال تركيزه على أمر سخيف والعالم يحترق. وقالت إن الجائزة تهتم على ما يبدو بمن فقدوا حسهم ومنظورهم وتحثهم بلطف للقلق على أمر أكثر أهمية.
وتقول إن المرشحين لهذه الجائزة كثر، ولكنها قررت منحها لفرنسا. مشيرة إلى أن الكثير يحدث هناك، إلا أن قطاعا واسعا من الشعب لا يزال يبذل طاقة وجهودا مثيرة للإحراج ويتناقشون حول كمية اللحم التي يجب أن تكشف عنها حتى يسمح لك بدخول حمامات السباحة العامة. وتقول إن الفرنسيين لديهم هوس كبير جدا حول زي السباحة. وبالتحديد بات الفرنسيون يرتدون ملابسهم الداخلية فوق البوركيني. وهو الزي الذي يغطي الجسم من الرأس حتى القدم والمرتبط عادة بالمرأة المسلمة، وتم حظره قبل عدة سنوات في بلدات فرنسية.
ويتم تطبيق الحظر بشدة، ويبدو أنه امتد لكل شخص يضع ملابس أكثر مما ترى الدولة أنه ضروري. وفي عام 2016، تصرفت الشرطة الفرنسية المسلحة بمدينة نيس بطريقة جعلتها تحتل عناوين الأخبار، عندما أجبرت سيدة مسلمة محجبة كانت على الشاطئ، للتخلص من بعض ملابسها وغرّمتها لأنها لم ترتد “اللباس الذي يحترم الأخلاق الجيدة والعلمانية”. وكما يعرف كل علماني، فالطريقة التي تعبر فيها عن أخلاقياتك هي من خلال كشفك أجزاء من جسدك.
وتقول المهداوي إن البوركيني اختفى من المشهد العام بسبب مشاكل أخرى أكثر إلحاحا مثل وباء كورونا والحرب في أوكرانيا. وتضيف: للأسف فإنني أعلن أنه عاد إلى الأخبار، لأن مدينة غرينوبل قررت الشهر الماضي السماح للنساء السباحة بالبوركيني. وحدثت ردة فعل ضد هذا القرار المدفوع بالحس العام.
وأعلنت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان أن البوركيني الأخضر “يعبّر عن الطريقة التي يسيطر فيها الأصوليون الإسلاميون”. وكلامها يثير السخرية؛ لأنه يعني أن علينا منع هؤلاء الأصوليين من خلال منع النساء اللاتي يرتدين ملابس بأكمام طويلة. وفي الوقت نفسه، وصف وزير الداخلية جيرار دارمانان، قرار مجلس غرينوبل المحلي بأنه استفزاز غير مقبول.
وفي حديث مع الراديو الوطني العام في أمريكا، قال عمدة البلدة إن قرار البوركيني “لامس مشاعر حادة جدا للناس”. وتعلق المهداوي بالقول: مع الاحترام، على الناس البحث عن معالج نفسي للتعامل مع هذه المشاعر الحادة، ولو استفزك مشهد امرأة لم تظهر ما يكفي من ساقيها العاريتين في الأماكن العامة، فالمشكلة ليست في الإسلام ولكن فيك.
ولم يؤد تراجع غرينوبل عن قرار البوركيني إلى استثارة المشاعر، بل إلى معركة قانونية كذلك. وقريبا، ستعلن أعلى حكومة إدارية في فرنسا عن قرار يحدد طبيعة زي السباحة المقبول قانونيا: تضييع حقيقي لأموال دافعي الضرائب.
وتعلق أيضا أن النقاش حول البوركيني وإن غُلّف بغلاف الدفاع عن العلمانية (اللائكية) إلا أن ردة الفعل ضده تعبر وبوضوح عن “إسلاموفوبيا عميقة”. وحتى نكون منصفين، فهناك في الموضوع أكثر من الكراهية للمسلمين، بل فكرة غريبة عن النظافة. فشرطة الأزياء الفرنسية ليست منشغلة بمراقبة ما ترتديه النساء، فهي متطرفة بمطالبها من الرجال بارتداء سراويل ضيقة في حمامات السباحة العامة. فقانون يحرّم ارتداء السراويل التي تشبه سراويل لاعبي الملاكمة قائم منذ عام 1903. ورغم ما يعطيه هذا النقاش من منطق، لكن الخوف على النظافة في حمامات سباحة معقمة بالكلور لا معنى له، وهي تنصح الفرنسيين بعمل ما يجيدون عمله، وهو: من فضلك، صديقي، كل جبنة واشرب خمرا وتوقف عن القلق حول ما يرتديه الناس للسباحة.