هشام نعمة الله أفندي حفيد آخر العثمانيين في جنوب إفريقيا
لزيارة تركيا هذه المرة طعم مختلف عند هشام نعمة الله أفندي، حفيد العالم العثماني أبوبكر أفندي، مبعوث السلطان العثماني لجنوب أفريقيا عام 1863.
فهي المرة الأولى لهشام أفندي التي يدخل فيها تركيا بوثائق سفر تركية.
يصف هشام أفندي نفسه بأنه: “آخر العثمانيين في دولة جنوب إفريقيا”. فهو حفيد الفقيه العثماني أبو بكر أفندي الذي ابتعثه السلطان الثاني والثلاثين للدولة العثمانية السلطان عبد العزيز، إلى رأس الرجاء الصالح بجنوب إفريقيا، من أجل حلّ القضايا الفقهية للمسلمين، وتعليمهم شعائر دينهم.
وعام 2020 حقق هشام نعمة الله أفندي رغبته الكبرى بالحصول على الجنسية التركية، وتمكّن مع عائلته من الحصول على بطاقات شخصية وجوازات سفر تركية، لكن تعذر عليه السفر في ذلك العام إلى تركيا بوثائق سفره الجديدة بسبب قيود السفر التي شهدها العالم جراء جائحة كورونا.
علم في جنوب أفريقيا
أعرب هشام نعمة الله أفندي، في حديث لمراسل الأناضول، عن شوقه الكبير الذي كان يشعر به منذ سنوات تجاه تركيا، مشيرًا أن قلبه ينبض بحب وطنه الأم ومسقط رأس جدّه أبوبكر أفندي.
وتابع: المحفوظات العثمانية (الأرشيف) تذخر بمعلومات مهمة عن جدّي أبوبكر أفندي الذي ولد ونشأ في مدينة أرضروم (شرقي تركيا). تُظهر هذه الوثائق أن جدّي أبوبكر أفندي كان سيدًا (من سلالة علي بن أبي طالب)، فضلًا عن كونه أستاذًا وعالمًا وفقيهًا وشاعرًا.
أضاف: عندما ذهب جدي إلى إفريقيا، ثقف المسلمين في أمور الدين الإسلامي والشريعة وكان يتقن إلى جانب التركية اللغات الإنجليزية والعربية والفارسية.
شعور مختلف
قال هشام نعمة الله أفندي إنه سعى جاهدًا خلال سنوات حياته في أفريقيا للتعرف إلى المواطنين الأتراك، بينما اعتاد المواطنون الأتراك من زوار كيب تاون على زيارته.
وأضاف: لا أجد كلمات قادرة على وصف السعادة التي كنت أشعر بها عند رؤيتي زوّاري من المواطنين الأتراك. كنا نصبح على الفور أصدقاء مقربين كما لو كنا نعرف بعضنا البعض منذ سنوات.
وأوضح أفندي أنه أتيحت له فرصة المجيء إلى تركيا لأول مرة في عام 1994. وأضاف أنه لم ينس تركيا أبدًا خاصة مسقط رأسه أرضروم.
وقال: على الرغم من أنني لم أكن أملك بطاقة هوية تركية ذلك الوقت، إلا أنني شعرت بالسعادة لوجودي في وطني، حيث لم أشعر بالغربة أبدًا حتى لو لم أكن أتحدث التركية.
وتابع: لقد زرت تركيا عدة مرات حتى الآن. نقضي دائمًا كعائلة عطلاتنا في تركيا، لكن هذه المرة جئت إلى هنا بشعور مختلف. في كل مرة أتيت فيها بجواز سفر جنوب أفريقي، لكن هذه المرة أتيت بجواز سفر تركي. هذا جعلني أشعر بسعادة مضاعفة وفخر عميق.
بدايات جديدة
أكّد هشام نعمة الله أفندي أنه يشعر بالأسف على تأخره في الحصول على الجنسية التركية.
وأضاف: سأظل حزينًا بسبب هذا التأخر، خاصة أني أبلغ من العمر 79 عامًا، ولن أتمكن من تعلم اللغة التركية ولا الاستقرار هنا وإنشاء حياة جديدة بعد هذا العمر.
وتابع: لكنني في الوقت نفسه سعيد جد لأن أبنائي وأحفادي (3 أبناء و5 أحفاد) حصلوا أيضًا على الجنسية التركية ويريدون الاستقرار هنا. من السهل على الشباب إنشاء حياة جديد وتعلم اللغات.
وأشار هشام أفندي إلى أنه تقاعد من إدارة مدرسة ثانوية في جنوب إفريقيا، وأنه خلال سنوات مزاولته مهنة التدريس، سعى إلى نشر معلومات حول تركيا بين طلابه والتعريف بوطنه الأم، مشددًا أن تركيا تعتبر من البلدان القويّة والنامية، وأنه يشعر بالفخر بحركة النهضة التي تشهدها تركيا في مختلف الميادين.
وصف هشام نعمة الله أفندي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالزعيم العالمي الذي ساعد واحتضن اللاجئين، مؤكّدا أن تركيا البلد الأكثر سخاءً في توفير احتياجات اللاجئين وتقديم العون لهم.
تجدر الإشارة إلى أنّ الوثائق العثمانية تؤكد ابتعاث عالم الدين أبو بكر أفندي إلى رأس الرجاء الصالح في زمن السلطان عبد العزيز الأول، من أجل حلّ القضايا الفقهية التي تواجه المسلمين القاطنين فيها عام 1863.
وبقي أبو بكر أفندي في مهمته 17 عاما حتى وافته المنية في 29 أغسطس/آب 1880 بمدينة كيب تاون، ليترك وراءه إرثا كبيرا من المساجد والمدارس التي بناها، إضافة لموروثاته التعليمية التي حفظها عنه طلابه.