موجة حر غير مسبوقة تجتاح إسبانيا ودولا أوروبية منذرة بالجفاف وحرائق الغابات
تتجه إسبانيا إلى درجات حرارة قياسية في يونيو/حزيران الجاري لم تحدث خلال 4 عقود، ويكافح رجال الإطفاء فيها للسيطرة على حرائق الغابات، وحظرت منطقة في فرنسا المناسبات في الأماكن المفتوحة، وطارد الجفاف المزارعين الإيطاليين، في حين تستعد جمهورية التشيك لاندلاع الحرائق واحتمال تضرر النقل عبر السكك الحديدية.
ففي إسبانيا، يكافح رجال الإطفاء من أجل السيطرة على حرائق غابات محتدمة في عدة مناطق من البلاد اليوم السبت، وسط جفاف ورياح، في الوقت الذي أدت فيه موجة حارة إلى ارتفاع درجات الحرارة لتقترب من مستويات قياسية.
وقالت هيئة الأرصاد الجوية الإسبانية إن البلاد تتجه اليوم السبت نحو تسجيل أعلى درجات حرارة تشهدها في أوائل الصيف منذ عشرات السنين، مع توقع تسجيل درجات حرارة تتراوح بين 40 و42 درجة مئوية في سرقسطة (شمال شرقي البلاد) ومنطقتي نافارا ولاريوخا (شمالا).
وكانت منطقتا سمورة (قرب الحدود مع البرتغال) وكتالونيا (شرقا) من بين أكثر المناطق تضررا من حرائق الغابات، ولم ترد أنباء عن سقوط قتلى أو مصابين.
وقالت الحكومة الإقليمية في قشتالة وليون -حيث تقع سمورة- إن ما يقرب من 20 ألف هكتار من الأراضي احترقت في سلسلة جبال سييرا دي لا كوليبرا، وإن الحرائق “ما زالت مستعرة”. وقال رجال الإطفاء في كتالونيا إنهم يتوقعون أن يكون اليوم السبت “صعبا” بسبب “ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير وهبوب رياح جنوبية قوية”.
ولا تزال فرنسا تشهد موجة حر شديد مصدرها المغرب العربي، وبلغت درجات الحرارة غربي البلاد اليوم السبت مستويات قياسية تجاوزت 40 درجة.
وقال خبير المناخ في مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية ماتيو سوريل أمس الجمعة “إنها موجة الحر الأبكر موسميا التي يتم تسجيلها في فرنسا” منذ 1947، مبينا أنها مؤشر إلى “التغير المناخي”.
كما صرحت وزيرة الصحة الفرنسية بريجيت بورغينيون -أثناء زيارة إلى دار مسنين في جنوب غربي البلاد أمس الجمعة- بأن فرنسا تواجه “موجة حر مبكرة للغاية؛ موجة قوية تستمر أكثر مما هو متوقع”، مضيفة أن “المستشفى وصل بالتأكيد إلى أقصى طاقاته، لكنه يلبي الطلب”.
ويغير السكان عاداتهم للتكيف، مثل دانيال توفالوني (64 عاما) المزارع في دائرة بيرينيه الشرقية قرب الحدود مع إسبانيا، إذ قال إنه غيّر ساعات عمله إلى المساء “قبل حلول الظلام”، في دفيئاته الزراعية حيث يزرع الطماطم.
وأمس الجمعة، تحول ساحل البحر الأبيض المتوسط في فرنسا إلى “جحيم مناخي”، عندما تسببت هبة قوية من الرياح الساخنة في ارتفاع درجات الحرارة إلى 37 درجة مئوية من 22 درجة مئوية خلال 3 ساعات، وهي ظاهرة مناخية نادرة تعرف بـ”الانفجار الحراري”، وفقا لوكالة بلومبيرغ للأنباء.
يذكر أنه في 2015، تسببت 4 موجات حر خلال الصيف في نحو 1700 وفاة، حسب دراسة أجرتها الوكالة الصحية العامة، ونشرت في أبريل/نيسان 2019.
جمهورية التشيك
تستعد جمهورية التشيك لموجة حر استوائية مطلع الأسبوع الجاري، ومن المتوقع أن تصل درجات الحرارة إلى 37 درجة مئوية في بعض الأماكن.
وذكرت إذاعة راديو براغ إنترناشونال أن المسعفين ورجال الإطفاء يقفون على أهبة الاستعداد بسبب الاحتمال المرتفع لاندلاع حرائق، ونصح الأطباء كبارَ السن والمصابين بأمراض مزمنة والأطفال بالابتعاد عن الشمس، وزيادة شرب السوائل وتجنب الإجهاد.
ويحذر الخبراء من تداعيات محتملة للنقل عبر السكك الحديدية، إذ إن القضبان يمكن أن تتضرر بفعل الحرارة الشديدة. وحسب خبراء الأرصاد الجوية فيتوقع أن تنكسر موجة الحر الاثنين المقبل.
البرتغال
وفي البرتغال، قالت وكالة الأرصاد البرتغالية أمس الجمعة إن الشهر الماضي كان الأكثر سخونة خلال 92 عاما، محذرة من أن معظم الإقليم يعاني من جفاف شديد. وتنخفض مستويات المياه في الخزانات بالبرتغال، ويعد سد برافورا (جنوبا) من الأكثر تضررا، إذ يمتلئ بنسبة 15% فقط.
واكتظت المتنزهات وأحواض السباحة بالناس في العديد من الدول الأوروبية. وتشعر دول البحر المتوسط بقلق متزايد بشأن كيفية تأثير تغير المناخ على اقتصادها وحياة مواطنيها.
وأمس الجمعة، دعا الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو -خلال مؤتمر في مدريد بمناسبة اليوم العالمي للجفاف- إلى “التحرك الآن” لمواجهة الجفاف والتصحر من أجل منع وقوع “كوارث بشرية”.
وبالنسبة للعلماء، فإن تكاثر وتكثف وطول أمد موجات الحرارة التي تتفاقم بسبب انبعاثات غازات الدفيئة تشكل إشارة لا لبس فيها إلى ظاهرة الاحتباس الحراري.