أكثر من 100 تريليون متر مكعب.. هل يروي غاز موريتانيا المكتشف ظمأ أوروبا؟
رغم أن موريتانيا لا تنتج حالياً سوى 5 آلاف برميل يومياً من النفط وقليل من الغاز، فإنها تستعد لدخول نادي الدول المصدرة للغاز العام القادم بعد اكتشاف كميات كبيرة منه على شواطئها.
وينتظر أن تبدأ موريتانيا تصدير أولى شحنات غازها المكتشف العام القادم، إذ وصلت نسبة تقدم الأشغال في حقل غاز “السلحفاة” المشترك مع السنغال إلى 70% وفق تصريحات لمسؤولين حكوميين.
وحسب معطيات أعلنها وزير البترول والمعادن والطاقة عبد السلام ولد محمد صالح يوم 24 مايو/أيار الماضي فإن احتياطيات الغاز المكتشف في موريتانيا تقدر بأكثر من 100 تريليون متر مكعب.
وأشار الوزير إلى أن هذه الاحتياطات من ضمنها حقل “السلحفاة” الذي تتقاسمه موريتانيا مع جارتها السنغال والذي تقدر احتياطياته بـ25 ترليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي عالي الجودة، فيما توجد باقي الكمية في المياه الإقليمية الخاصة بموريتانيا.
ويرى مختصون أنه مع بدء استغلال احتياطيات الغاز المكتشف ستصبح موريتانيا الثالثة إفريقيّاً بعد نيجيريا والجزائر في مجال تصدير الغاز.
وتقول الحكومة الموريتانية إنها أكملت مخططات استغلال حقولها الخالصة من الغاز.
اكتشافات الغاز الموريتاني الهائلة فتحت شهية الشركات العالمية والأوروبية بشكل خاص، إذ تصاعدت خلال الفترة الأخيرة أنشطة الشركات العاملة بالنفط والغاز بموريتانيا.
ومن بين الشركات التي ترتبط بعقود مع الحكومة الموريتانية في مجال التنقيب عن النفط والغاز “بريتش بتروليوم” البريطانية وشركتا “كوسموس إنرجي” و”إكسون موبيل” الأمريكيتان، و”توتال” الفرنسية.
الغاز الموريتاني المكتشف أقنع أيضاً بريطانيا بفتح سفارة لها في نواكشوط سنة 2018 هي الأولى منذ أن أقام البلدان علاقات دبلوماسية في ستينيات القرن الماضي.
فاعل أساسي على خريطة الطاقة
يرى المدير التنفيذي المساعد للإنتاج والعمليات لدى شركة “بريتش بيتروليوم” البريطانية جوردون بيرل أنه مع بداية استغلال الغاز ستصبح موريتانيا فاعلاً أساسياً على خريطة الطاقة العالمية.
وأضاف بيرل خلال ندوة بنواكشوط يوم 24 مايو/أيار الماضي أن البلاد ستصبح مورداً للغاز للعالم في وقت تشتد الحاجة إليه، وفي وقت يرتفع الطلب على الغاز وتنخفض القدرة على الإمداد” حسب قوله.
“هذا المشروع كبير وعالمي المستوى وأفضل ما يميزه أن لديه القدرة على إحداث تغيير حقيقي في هذا البلد وفي التحول العالمي الجاري في مجال الطاقة، لذلك نعلم وجود توقع للنجاح وهذا ما سوف نحققه بالفعل”.
ويرى الباحث الاقتصادي الموريتاني خالد ولد أحمدو أن الموقع الاستراتيجي لحقول الغاز الموريتانية وقربها من أوروبا، بخاصة إسبانيا، يجعل منها وجهة مفضلة للشركات المستثمرة في مجال الغاز.
وأضاف ولد أحمدو: “الظروف العالمية الحالية مواتية لتبدأ موريتانيا الاستثمار في حقولها المكتشفة، خصوصاً في ظل البحث عن بدائل للغاز الروسي في أوروبا”.
ولفت ولد أحمدو أن بعض الشركات لا تزال تبحث عن الغاز في الحوض الساحلي الموريتاني، بخاصة شركة “توتال” الفرنسية التي جدّدت لها الحكومة رخصة البحث قبل أسابيع، ما يعني أنه قد تتوافر اكتشافات جديدة من الغاز.
بديل محتمل لغاز روسيا
وأشار الباحث ولد أحمدو إلى أن الغاز الموريتاني قد يشكل بديلاً محتملاً لتعويض الإمدادات الأوروبية من الغاز الروسي، إذا تمكنت السلطات الموريتانية من الاستثمار بشكل سريع في هذا القطاع.
وأضاف: موريتانيا يمكن أن تكون ضمن البدائل التي توفِّر الغاز لأوروبا إلى جانب بدائل أخرى، بخاصة إذا بدأ استغلال حقول الغاز الخالصة في المياه الموريتانية، وهو ما سيجعل من إنشاء خط أنابيب بين موريتانيا وأوروبا عبر إسبانيا أمراً مجدياً من الناحية الاقتصادية.
ولفت إلى أنه في الوقت الحالي يجري التخطيط لتصدير الغاز الموريتاني على الشكل المسال.
ويتطلع الموريتانيون إلى أن تساهم عائدات ثروة البلاد من الغاز في تحسين ظروفهم المعيشية وتوفير فرص عمل للشباب العاطلين عن العمل، إذ تصل نسبة البطالة إلى 30% في هذا البلد العربي البالغ عدد سكانه نحو 4 ملايين نسمة.