تسجيل 6 آلاف مدرسة رسميا.. تعرف على إستراتيجية طالبان في التعليم الإسلامي
في العام الأخير، اختار الأفغاني خليل جان إرسال 3 من أبنائه إلى “مدرسة الإمام أبي حنيفة للعلوم الدينية” بمدينة جلال آباد، شرقي أفغانستان. وبينما ينتظم طفلاه عبد الحفيظ وعبد الشكور في الصف الثالث، يدرس نجله الأكبر عبد الكبير في الصف الرابع.
ويعمل الأب في سوق الخضار بالمدينة، ويعيل أسرة من 9 أفراد. ويقول: بالكاد أتمكن من توفير لقمة العيش لهم، وإرسال الأولاد إلى هذه المدارس يساعد عائلاتنا.
وبالنسبة لخليل جان، وللكثير من العائلات الأفغانية التي تعيش الظروف ذاتها، فإن المدارس الإسلامية مهمّة لأنها توفر التعليم الإسلامي وكذلك المأكل والمأوى لأبنائها.
وإلى جانب توفير السكن و3 وجبات يوميا، فإن عددا من هذه المدارس تمنح مساعدة مالية بسيطة لطلابها، وهو ما يشجّع العائلات الفقيرة لتخفيف العبء المالي عنها، وفي الوقت نفسه توفير التعليم الديني لأبنائها.
زيادة كبيرة
ومنذ طردت طالبان الجيش الأمريكي وسيطرت على السلطة بأفغانستان في أغسطس/آب الماضي، تُسجل الجهات الرسمية زيادة بنسبة 40% في المدارس الإسلامية، وهذا بعد إعلان الحكومة الجديدة فتح مدارس جديدة في جميع الولايات الأفغانية.
وتبعا لوزارتي التعليم والأوقاف في الحكومة الأفغانية، فإن نحو 6 آلاف مدرسة تعلم الإسلام أصبحت مسجلة رسميا في أنحاء البلاد، إضافة إلى 15 ألفا و716 مدرسة ودار تحفيظ للقرآن الكريم غير مسجلة.
وتتلقى المدارس المسجلة رسميا تمويلها من ميزانية الحكومة، بينما تحصل المدارس والمراكز غير المسجلة عن دعم وهبات من جهات خاصة أو جمعيات خيرية.
ويقول رئيس قسم المدارس الإسلامية في وزارة التربية والتعليم الأفغانية، عبد الرزاق صديق: إن الإمارة الإسلامية قررت فتح مدرسة إسلامية رئيسية في كل ولاية، توفر السكن لنحو ما بين 500 إلى ألف طالب، وسنفتح في كل مديرية من 5 إلى 10 مدارس صغيرة وفق الضرورة وحاجة الناس.
الكتاب والسنة واللغة العربية
ونسبة كبيرة من هذه المدارس تُدرّس منهج جامعة دار العلوم الإسلامية “ديو بند” في شمال الهند (تأسست عام 1867). ويقوم هذا المنهج على “تعليم الكتاب والسنة وتدريس اللغة العربية”.
ويستلهم الأفغان المناهج الإسلامية من المؤسسات الإسلامية التعليمية في الهند وباكستان خاصة، لقربها منهم. وكانت المدارس الباكستانية وجهة مهمّة لهم خاصة بعد الاجتياح السوفياتي للبلاد عام 1989.
مصدر تعبئة لطالبان
وتعرف المدارس الإسلامية خلال العقود الأربعة الماضية كحاضنة أساسية لتعليم النشء الدين الحنيف، والعزة والكرامة، والدفاع عن الإسلام وأهله. وكان للمدارس الإسلامية في باكستان وأفغانستان دور مهم في صد القوات الأجنبية والحكومة الأفغانية الخائنة السابقة.
وينظر المراقبون إلى اهتمام الحكومة الجديدة بالمدارس الإسلامية وسيلة لتربية جيل مقرّب من الإسلام.
ولا يخفي مصدر بوزارة التعليم الأفغاني، هذا التوجّه، إذ يقول/ إن الإستراتيجية التي وضعتها الحكومة الجديدة للقطاع التعليمي تؤكد على نقل أيديولوجيتها الإسلامية إلى الأجيال القادمة.
ويمتد التركيز على التعليم الإسلامي إلى الجامعات أيضا؛ حيث جرى زيادة عدد حصص مادة الثقافة الإسلامية.
تهديد للحكومات السابقة
وكانت الحكومة الأفغانية العميلة السابقة تنظر إلى المدارس الإسلامية كتهديد لحكمها، وظل محتوى ما تدرّسه وجودته موضوع نقاش وانتقاد كبير في وسائل الإعلام الأفغانية والأجنبية الصليبية.
ولذلك لجأت الحكومة الأفغانية عام 2006، إلى وضع خطة شاملة لتغيير مادة التربية الإسلامية في المدارس والجامعات الأفغانية، مع تغيير المدارس الإسلامية حتى لا يتوجه الأفغان إلى مثيلاتها في باكستان.
ويقول المتحدث السابق لوزارة التربية والتعليم، أمان الله إيمان “وضعنا خطة شاملة لتطوير المناهج الإسلامية بدءا بتسجيل المدارس وتخصيص الميزانيات لها، بهدف ألا يتوجه الأفغان إلى المدارس الإسلامية خارج البلاد”.
وأضاف إيمان: أردنا أن يحصل الشباب على ما يفيدهم في حياتهم اليومية لأن المناهج الدينية تقليدية جدا، وتركز على أمور لا يستفيد منها الطالب مثل مادة المنطق وقواعد اللغة العربية التي لا تمكّن الطالب من الحديث بالعربية كما ينبغي.
وكانت الحكومة الأفغانية السابقة التابعة للأمريكان تشرف على 1300 مدرسة دينية فقط من أصل 13 ألف مدرسة لم تكن خاضعة لسيطرتها.
وكان عدد المدارس الإسلامية المسجلة مع وزارة الأوقاف 5025 مدرسة في عموم أفغانستان. ووصل عدد الذين التحقوا بها خلال 9 أشهر من حكم طالبان إلى 4035 طالبا جديدا.