ما مستقبل باشاغا بعد فشل سيطرته على الحكم؟
يجمع محللون ليبيون على أن رئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب، فتحي باشاغا، يغامر بمستقبله السياسي، ويخسر مزيدا من رصيده في أوساط الليبيين، بسبب تحركاته للسيطرة على مقاليد الحكم في البلاد، التي كان آخرها محاولته الفاشلة الأسبوع الماضي لدخول العاصمة طرابلس.
ويرى محللون أن فشل محاولة باشاغا لفرض أمر واقع، والسيطرة على العاصمة طرابلس؛ أثر في صورته أمام مجلس النواب، الذي منحه التكليف، وفي موقف الأطراف الدولية التي رفضت المحاولة، في حين اعتبر آخرون أن فشل دخوله العاصمة طرابلس، يمثل نهاية لحكومته.
وفي آخر تصريح له، أكد باشاغا أنه لا خطط لديه في الوقت الراهن للعمل من طرابلس، بعد أن أثارت محاولته الانتقال إليها الأسبوع الماضي ومخاوف من عودة الصراع على نطاق واسع.
وقال باشاغا، في مقابلة؛ إن حكومته ستباشر عملها من مقرها الرئيس في مدينة سرت، على ساحل البحر المتوسط.
فتحي باشاغا
وبرز باشاغا كوزير داخلية “قوي” في عهد حكومة الوفاق التي كان يرأسها فايز السراج، وكان له دور بارز في حماية الجبهة الداخلية في الغرب الليبي، وإدارة جبهات القتال إبان العدوان الذي شنه اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس في الرابع من نيسان/ أبريل عام 2019، ما منحه صيتا ورصيدا كبيرين في الغرب الليبي، خاصة في ظل مواقفه المعلنة التي عبر فيها عن رفضه لتوجهات حفتر، وللحكم العسكري في البلاد آنذاك.
إلا أن الرجل سرعان ما انقلب على مواقفه، “وفق محللين”، حين انضوى في تحالف مع أعداء الأمس، حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ضمن انتخابات السلطة التنفيذية في جنيف التي عقدت في شباط/ فبراير الماضي، إلا أن هذا التحالف لم ينجح أمام عبد الحميد الدبيبة الذي تمكن من الفوز والصعود إلى السلطة.
ولم يتوقف باشاغا عند هذا الحد، بل إنه قبل أن يشكل حكومة مدعومة من البرلمان في مواجهة حكومة الدبيبة، أملا في إنهاء حكم الأخير لطرابلس، وإزاحته عن المشهد، مستفيدا من علاقاته بالمكونات الأمنية والعسكرية الواسعة في العاصمة، التي بناها حين كان وزيرا للداخلية، إلا أن الأمر لم ينجح، إذ إن هذه المكونات أعلنت صراحة دعمها لمسار الانتخابات العامة، وطالبت في الوقت نفسه، بتحييدها عن الأزمة الناشبة بين الحكومتين.
والأسبوع الماضي حاول باشاغا دخول العاصمة طرابلس، إلا أنه فشل في ذلك، على إثر اشتباكات مسلحة دارت بين قوات تابعة لحكومة الوحدة وأخرى داعمة لرئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب في طبرق، فتحي باشاغا، بعد ساعات من وصوله إلى المدينة لمباشرة أعمال حكومته؛ قبل أن يغادرها.
ومعلقا على محاولته الأخيرة لدخول طرابلس، قال المحلل السياسي، عبد السلام الراجحي؛ إن باشاغ يخوض مسارا بعيدا عن الانتخابات والتوافقات بتحالفه مع القوى في الشرق الليبي، مهملا بذلك مراكز القوة غربا؛ ما سبب انتكاسة له.
تقاسم السلطة
ورأى الراجحي أن باشاغا يخوض هذا المسار أملا في توافقات لتقاسم السلطة، ذلك أنه يعلم أن الانتحار الحقيقي له هو الدخول في الانتخابات، مشددا على أن تحركات رئيس الحكومة المكلف من البرلمان، تعدّ فرصته الأخيرة للعودة إلى السلطة.
وأشار المحلل السياسي إلى أن باشاغا وتحالفه يعملون على إلغاء فكرة الانتخابات، ويركزون على إيجاد “حلول توافقية أو بمعنى أدق تقاسم للسلطة مع حفتر”.
ويعتقد الراجحي أن حظوظ باشاعا ضعيفة في الشارع، حتى قبل أن يتحالف مع حفتر وعقيلة صالح، خاصة مع وجود تيار ثالث يقوده عبد الحميد دبيبة، الذي نجح في اختطاف الشارع الليبي وشعبيته.
التلويح بالحرب
وحذر المحلل السياسي من خوض باشاغ مغامرة عسكرية في الغرب في إطار مساعي الوصول إلى السلطة قائلا؛ إن باشاغا تحدث أكثر من مرة حول خلفيته العسكرية، وقال أنا عسكري وأعرف الحرب وقيادتها.
ويعتقد أن حفتر وعقيلة لن يخسرا شيئا حال فشل باشاغا في توجهاته، فلو استخدم الأخير العنف للسيطرة على مقاليد الحكم وفشل في ذلك، فإن الخاسر طرفي الصراع هما خصوم لمعسكر الشرق، لكن الراجحي شدد على أن الحل يكمن في ممارسة ضغط دولي قوي وحقيقي على باشاغا، لدفعه إلى الانخراط في الانتخابات رغم كل معطيات حظوظه القليلة.
بدوره، قال المحلل السياسي، السنوسي بسيكري؛ إن فشل محاولة باشاغا لفرض أمر واقع في العاصمة في محاولة ثانية وما ترتب عليها من نتائج؛ أثر في صورته أمام مجلس النواب، وفي موقف الأطراف الدولية التي رفضت المحاولة، وعبرت عن رفضها للاستيلاء على السلطة بالقوة.
وشدد بسيكري في حديث متلفز على أن باشاغا وضع نفسه في موقف حرج جدا جراء هذه المحاولة، وجلب لنفسه تحديات وضغطا إضافيا، يجعل من مهامه كرئيس حكومة ليست بعيدة عن تجربة الحكومة السابقة في شرق ليبيا التي كان يرأسها عبد الله الثني.
لعبة قذرة
من جهته، قال الكاتب السياسي الليبي، أسامة كعبار؛ إنه “من المؤسف أن نرى الوضعية التي وصل إليها باشاغا من أجل الوصول للسلطة، فقد تم الزج به في لعبة سياسية قذرة، نجح من خلالها حفتر وعقيلة صالح والمخابرات المصرية في إرباك المشهد في المنطقة الغربية، وحرق ورقة أحد أهم الشخصيات في الثورة الليبية”.
وشدد كعبار على أن طريقة تنصيب باشاغا كرئيس حكومة تخالف الترتيبات الدولية في جنيف بخصوص الملف الليبي.
وتتصاعد في ليبيا المخاوف من انزلاق البلاد لحرب أهلية بعد انقسام حصل على خلفية تنصيب مجلس النواب فتحي باشاغا رئيسا لحكومة جديدة، بدلا من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي وفق برلمان جديد منتخب.