مبادرة قبلية وحكومية في أفغانستان للحد من تكاليف الزواج وغرامة مالية ضخمة على من يخالف
وضع زعماء القبائل البشتون -الجيرغا- مبادرة اجتماعية هي الأولى من نوعها في ولاية بكتيا جنوب شرقي أفغانستان، تعنى بقانون وأسس جديدة للحد من تكاليف الزواج والأعراس.
ويقول زعماء القبائل إن المبادرة جاءت بعد شكاوى عائلات لا تستطيع تزويج أبنائها بسبب غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج.
وباركت السلطات المحلية مبادرة زعماء القبائل باعتبارها مؤشر إصلاح اجتماعي جذري في التقاليد الأفغانية، وألزمت جميع القبائل بتنفيذ قرار الجيرغا المحلية في حالات الزواج، وتغريم من يتجاهل القرارات بدفع مبالغ ضخمة.
المبالغة في المهور
ويعرف أهالي بكتيا بأنهم لا يزوجون بناتهم إلا لمن ينتمي إلى قبائلها ويبالغون في المهور، حيث حرم كثير من الشباب والفتيات من الزواج بسبب العادات والتقاليد التي تعقد الارتباط بفتاة العمر في الولايات المشهورة بغلاء المهور مقارنة مع مناطق أخرى في أفغانستان.
وقد أدت هذه الظاهرة إلى هجرة عديد الشباب البشتون إلى السعودية وقطر والإمارات وإيران لكسب المال للزواج من فتاة من قبيلته، إذ تبلغ تكاليف الزواج في المناطق الجنوب شرقية 50-60 ألف دولار، لذلك قرر زعماء القبائل التدخل بدعم من السلطات المحلية لوضع حد لهذه الممارسات.
وعن ذلك يقول الكاتب والباحث السياسي حكمت جليل: إن والد الفتاة يطالب بمبالغ طائلة، ويصرف 10% فقط على عرس ابنته والباقي يحتفظ به لنفسه، وهذا ما نسيمه البيع، والأدهى أن العائلة التي لا تطالب بهذا المبلغ ينظر إليها نظرة دونية من قبل الآخرين، وأعتقد أن القرار الأخير سيغير نظرة الناس إلى الزواج وتكاليفه.
الحد من ظاهرة العنوسة
وينظر كثير من الشباب إلى قرار زعماء القبائل بشأن خفض تكاليف الزواج والمهور بوصفه “الخطوة المهمة” ويعتقدون أنه يساعدهم ويساعد المجتمع على الحد من ظاهرة العنوسة.
يقول عبد الجبار اندر الذي ينوي الزواج: يجب على الشباب مثلي التفكير قبل الزواج لأن تكاليفه مرتفعة جدا، دعك عن تحمل النفقات لاحقا، والكل يعرف موجة البطالة في عموم البلاد، مثل هذه القرارات الخاصة بوضع حد لتكاليف الزواج جيدة وتصب في مصلحة الشباب إن طبقت كما يقولون، والحقيقة أن الفتاة والفتى يدفعان ضريبة الغلاء على السواء ويصل الأمر أحيانا أن يتزوجا بعد الأربعين، وهذا أمر لا ينظر إليه بالاستحسان في مجتمعنا.
وثيقة القبائل البشتونية في بكتيا
ونصت الوثيقة التي وقعها زعماء القبائل البشتونية والسلطات المحلية في ولاية بكتيا، والتي تنص على تحديد المهر لكل من الفتاة العذراء، والثيب (من سبق لها الزواج) والأرملة والزوجة الثانية، كما يلي:
مهر الزواج التقليدي 4588 دولارا.
مهر الزواج بالأرملة 3488 دولارا.
مهر الزوجة الثانية 6800 دولارا.
ومن يعلن عقد الخطبة بفتاة دون موافقة عائلتها أو موافقتها، مهرها 11627 دولارا.
خطبة فتاة دون موافقة عائلتها أو موافقتها!
ولتوضيح ذلك يقول الزعيم القبلي عبد الكريم طوطا خيل: منذ قرون هناك عادة سيئة جدًا في بعض مناطق أفغانستان، فعندما يرغب شاب بالزواج من فتاة دون موافقتها أو موافقة عائلتها، ويخشى الشاب أن يتزوجها شخص آخر غيره، يطلق الشاب الرصاص في الهواء أمام منزل العائلة، كإعلان بالزواج من الفتاة.
ويضيف خيل: من هنا تبدأ معاناة الفتاة والعائلة على حد سواء، فلا أحد يتجرأ على طلب يدها، وأحيانا كثيرة تبقى عانسًا بسبب الحماقة التي ارتكبها من أراد خطبتها، ويذكر أن عداوات كثيرة تبدأ بين العائلتين، ولوقف هذه العادات تم إلزام من يتورط بهذا الفعل بدفع غرامة قدرها 11627 دولارا، تدفع لعائلة الفتاة، وتزوج الفتاة من شخص آخر من نفس قبيلة مَن دفع الغرامة، ولا يستطيع الخاطب السابق (مُطلق الرصاص) الزواج منها تحت أية ذريعة.
ويرى مؤيدو القرار الجديد بأنه يهدف للحد من ظاهرة العنوسة التي تجتاح المجتمع الأفغاني بسبب استمرار الحرب منذ أكثر من 40 عامًا، والقضاء على العادات والتقاليد القبلية التي تصعب زواج الشباب بسبب غلاء المهور.
تخفيف تكاليف الزواج
ويقول رئيس دائرة الثقافة والإعلام في ولاية بكتيا خالقيار أحمدزي: بعد إعلان قرار الزعماء في ولاية بكتيا ألغيت كافة التقاليد والأعراف القبلية التي تثقل كاهل العائلات بتوفير تكاليف الزواج، ففي السابق كانت العائلة تقدم وليمة بقيمة 5 آلاف دولار أميركي، والآن يمكن للعريس أن يدفع 300 دولار فقط، حتى لا يفني الشاب عمره خارج أفغانستان لتوفير وسداد تكاليف زواجه، وإنما يبقى في وطنه مع زوجته، والحكومة الجديدة ستراقب الوضع في ولاية بكتيا، مع دعوة لمراقبة هذا التوجه لمن لا يلزم بالقرار الجديد.
وما یلفت النظر في القرار أن من يخالف هذا الإجماع سواء كانت العائلة أو العريس يغرم بـ 60 ألف دولار أميركي، ولن يستطيع المأذون كتابة عقد زواجه.
ويطالب الشباب بتطبيق القرار الجديد في بكتيكا وخوست أسوة ببكتيا، فجميع سكان هذه الولايات ينتمون إلى القبائل البشتونية التي ما تزال تتمسك بالأعراف والتقاليد القبلية، ووصف الكاتب والمحلل السياسي أحمد كريم للجزيرة نت القرار “بالعظيم” وقال “يجب أن يقر القرار في جميع أنحاء البلاد للحد من نفقات الزواج المرتفعة، لما له من آثار إيجابية على الاقتصاد العائلي والمحلي.