مناورات عسكرية تركية ضخمة في 3 بحار
في محيط بحري ملتهب، وبالتزامن مع الحرب بين روسيا وأوكرانيا اللتين تربطهما حدود بحرية مع تركيا، وفي ظل الخلاف الحدودي مع اليونان، ومع استمرار هدف التنقيب عن الموارد في شرق المتوسط وجهت أنقرة “رسائل حربية” من خلال إجراء مناورات بحرية واسعة وضخمة تحمل اسم “الوطن الأزرق 2022″، على نحو متزامن في 3 بحار هي: الأسود وإيجة والمتوسط، انطلقت يوم 11 أبريل/نيسان الجاري وتستمر حتى 21 من الشهر نفسه.
ووفقا لبيان وزارة الدفاع التركية، تشارك 122 سفينة و41 وحدة جوية، مع 12 ألف عنصر في هذه المناورات، مكونة من 10 فرقاطات و6 طرادات و17 زورقا هجوميا، و11 غواصة و8 سفن لصيد الألغام البحرية و32 سفينة من فئة السفن المساعدة و12 سفينة دورية و25 زورق إنزال وسفينة اختبار وتدريب.
كما تشارك القوات البرية والجوية وقوات الدرك، بالإضافة إلى عشرات السفن والمروحيات والطائرات التابعة لخفر السواحل التركي.
وفي المناورات الجارية تستخدم الذخيرة الحية وتنفذ ضربات بحرية وجوية لمركبات غير مأهولة وعالية السرعة كأهداف، من أجل خلق بيئة حرب حقيقية.
من جانبه، أوضح مدير التمرين وقائد العمليات البحرية التركية، الأدميرال يوسف أكيوز، في اجتماع عسكري بمدينة قوجالي (شمال غربي تركيا)، أن المناورات تهدف إلى “زيادة مستوى الجاهزية للقوات للقيام بأي عملية بحرية في أي وقت، واختبار الكفاءة الإدارية والتنظيمية لقيادة القوات البحرية والقيادات التابعة لها”.
يشار إلى أن الأسطول التركي يحتل المرتبة الـ20 عالميا في عدد القطع البحرية ويضم 149 قطعة بحرية، وتعدّ الفرقاطات القوة الضاربة الأساسية في القوات البحرية التركية، إلى جانب 12 غواصة، و16 زورقا حربيا، وأنواع مختلفة من السفن الحربية.
وفي السياق، قال الجنرال التركي المتقاعد إسماعيل حقي “جيشنا يهدف إلى حماية مصالح الجمهورية ومكتسباتها البحرية، ومن خلال المناورات الحالية نعلن جاهزيتنا وتصميمنا على حمايتها ونحمل شعار: أقوياء في وطننا الأزرق.. آمنون في وطننا”.
ويقول الجنرال حقي:”لدينا مشاريع للتنقيب عن الغاز والنفط في المتوسط، وتوجد حرب روسية أوكرانية على مشارف دولتنا في البحر الأسود حتى إن ألغام تلك الحرب وصلت إلى مياهنا المحلية، فضلا عن الخلاف المستمر مع اليونان على جزر واقعة بين الدولتين في بحر إيجة، لذلك تركيا تنذر وتؤكد أنها جاهزة لكل السيناريوهات، ومن ثم فالتدريبات رسالة مهمة في هذا الإطار.
ويلفت إلى أن المناورات تشكل فرصة لاختبار الأسلحة المحلية الصنع التي دخلت الخدمة أخيرا وللتأكد من جاهزيتها، خصوصا أن تركيا تخوض غمار الصناعة الدفاعية البحرية، وفي المدة الأخيرة حققت قفزة كبيرة في موضوع تصنيع سلاحها ذاتيا.
وفي استعراضها للقوة عند حدود مياهها الإقليمية، فضلت تركيا التركيز على استخدام الأسلحة والأنظمة الدفاعية والهجومية المحلية الصنع، وهو ما قرأ فيه كثيرون رغبة أنقرة في تأكيد الشوط الكبير الذي قطعته في مجال التصنيع العسكري، فقد باتت تصنع نحو 75% من احتياجاتها العسكرية.
الوطن الأزرق
كتلة مائية شاسعة تحف خريطة تركيا من الشمال عبر البحر الأسود، ومن الغرب من خلال بحر إيجة، ومن الجنوب بواسطة البحر المتوسط، يسمونها “مافي وطن” (Mavi Vatan) أي “الوطن الأزرق”، نسبة إلى زرقة مياه البحر، ولتمييزه عن “الوطن الترابي” الذي تتشكل منه الجمهورية التركية.
تسعى تركيا عبر خطة “الوطن الأزرق” للتوسع في المياه البحرية المحيطة بها، التي يقصد بها المنطقة الاقتصادية الخالصة، والجرف القاري والمياه الإقليمية المحيطة بتركيا، التي تتيح حرية استخدام جميع الموارد البحرية الموجودة فيها.
وتعادل مساحة “الوطن الأزرق” نصف المساحة البرية لتركيا، حسب ما يذكره موقع “آيدنلك” (Aydınlık) التركي.
وتنص نظرية الوطن الأزرق، حسب الأدميرال التركي المتقاعد جيم جوردنيز الذي ابتكر النظرية، على بسط السيادة التركية على مساحات شاسعة من شرق البحر المتوسط وبحري إيجة والأسود، وهذه النظرية لا تزال مسيطرة على العقيدة البحرية التركية. ويرى جوردنيز أن البحرية التركية هي الأولى في شرق المتوسط، لذلك على تركيا أن تكون أكثر طموحا.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق إن “البحر المتوسط لا يشكل سوى 1% من المحيطات والبحار في العالم. يجب أن تذهب تركيا أبعد من هذه النسبة.. ينبغي أن يكون لتركيا حضور في البحر الأحمر وبحر العرب والمحيط الأطلسي، كرمز لنفوذ متزايد”.
وفي سبتمبر/أيلول من العام 2019 نشرت وسائل إعلام تركية صورة للرئيس رجب طيب أردوغان، وخلفه خريطة “الوطن الأزرق” خلال زيارته للمدرسة الحربية التابعة لوزارة الدفاع التركية. وأثارت الصورة حفيظة اليونان، وقال وزير خارجيتها، نيكوس ديندياس آنذاك، “لا يمكن لأحد البلدان رسم خريطته بناء على رغباته السياسية”.
ووفقا للقوانين الدولية، تبدأ المياه الإقليمية من الشاطئ البحري وتمتد على 12 ميلا بحريا، تمارس فيها الدولة سيادتها وتزاول اختصاصاتها الحكومية، وتشمل كلا من النطاق الجوي وقاع البحر وما تحته من طبقات.
أما المنطقة الاقتصادية الخالصة فتمتد إلى 200 ميل بحري، وتتيح للدول الملاصقة ممارسة نشاطات في تلك المياه والاستفادة من الخيرات الموجودة هناك، بشرط الإعلان عن تلك المشاريع والحصول على موافقة.