المعارضة المغربية غاضبة بسبب تهرب الوزراء من المساءلة البرلمانية
شهدت بداية الأسبوع في المغرب عودة جلسات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، حيث عبّرت فرق المعارضة عن غضبها واستيائها من تغيب الوزراء عن أولى جلسات المجلس، واعتبرته تهرباً من المساءلة.
ولم تبخل المعارضة في توجيه نقدها اللاذع لوزراء حكومة أخنوش، بعد أن تغيب بعضهم عن الجلسات العامة واجتماعات اللجان الدائمة للغرفة الأولى للبرلمان، وكانت جلسة أول أمس الإثنين مجرد نموذج من بين جلسات أخرى غاب عنها بعض المسؤولين الحكوميين.
المعارضة لم تكتف في نقدها اللاذع للحكومة، على التغيب عن الجلسات، بل شملته حتى ملاحظاتها على تجاوب الوزراء مع أسئلة النواب واعتبرته ضعيفاً.
وكانت مداخلة رئيس الفريق النيابي لحزب “الحركة الشعبية” إدريس السنتيسي صارمة في توجيه دفة الغضب إلى التغيب الوزاري عن البرلمان وجلساته العمومية وحتى اجتماعات لجانه الدائمة.
وحسب النائب، فإن غياب قطاعات حكومية عن الجلسات العمومية للبرلمان، ليس بالخبر الجديد، كما أن أعمال لجان تم تأجيلها بطلب من الحكومة في مناسبات عدة.
وتوقف عند غياب وزيرة الاقتصاد والمالية، مؤكداً أنه كان في إمكان الوزيرة نادية فتاح العلوي، الحضور إلى البرلمان وعقد اجتماع لجنة المالية لتنوير الرأي العام والكشف عن الحلول الواجب اتخاذها لمواجهة غلاء الأسعار، مضيفاً أنه للأسف هناك وزراء يحضرون للمجلس وآخرون يرفضون.
وفي تساؤل حول الأسباب التي جعلت وزراء يغيبون عن جلسة البرلمان، أكد إدريس السنتيسي النائب الحركي المعارض، أن غياب أعضاء الحكومة منذ بداية العمل في البرلمان سنة 1963، كان يتم وفق أسباب ثلاثة لا غير، إما لحضور نشاط ملكي أو بسبب المرض، أو مهمة خارج الوطن.
صوت المعارضة لم يكن السنتيسي فقط، بل انضم إليه النائب المهدي الفاطمي عن الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، الذي ركز في مداخلته على ضعف تجاوب الوزراء مع أسئلة البرلمانيين.
وبالأرقام، أعطى النائب الاشتراكي ما يشبه الحصيلة، حيث إنه بعد مضي 6 أشهر من عمر الحكومة النواب لم يتوصلوا سوى ب 50 بالمئة من أجوبة الوزراء.
جلسة الإثنين العمومية في مجلس النواب عرفت تداول نقطة نظام تناوب عليها نواب المعارضة، وكانت عبارة عن اعتراض على عدم تجاوب وزراء حكومة أخنوش مع أسئلة البرلمانيين.
ولم تتوان المعارضة في نقطة النظام التي تناوبت عليها، في وصف عدم تجاوب الوزراء بـ “التهرب من المساءلة البرلمانية”، وهو ما يؤكده حسب تدخلاتهم غياب تام لأجوبة الوزراء على أسئلة مقدمة قبل ستة شهور، ما اعتبروه غياباً للتواصل الجاد والهادف لوزراء الحكومة.
وحسب نواب المعارضة فإن وزراء الحكومة الحالية “يتقنون” ما وصفوها بـ “سياسة النعامة والتجاهل”، مؤكدين أن أسئلتهم تتمحور في الغالب حول غلاء الأسعار وارتفاع الأثمان ودور الحكومة في الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.
في سياق متصل، تعقد لجنة “البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة” في مجلس النواب المغربي، اليوم الأربعاء، اجتماعاً لمناقشة موضوع “الارتفاعات المتتالية لأسعار المحروقات بالسوق الوطنية في الآونة الأخيرة”، وذلك بطلب من جميع فرق ومجموعة المعارضة.
وأفادت صحيفة “بيان اليوم” أن هذا الاجتماع الذي كان من المفترض أن يعقد يوم 4 آذار/ مارس المنصرم، يأتي عقب سلسلة من احتجاجات النقابات وأحزاب المعارضة على تأجيله من قبل الحكومة بدون تحديد تاريخ بعد ذلك، لا سيما وأن أسعار المحروقات قفزت إلى مستويات قياسية. وانعكس لهيب أثمان المحروقات بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين الذين يكتوون بهذه الزيادات التي تبررها الحكومة بالسياق الدولي الذي يشهد حرباً بين روسيا وأوكرانيا، إلى جانب تداعيات أزمة وباء کورونا.
صحيفة “المساء” المغربية علقت على هذا الاجتماع المرتقب بالقول إن الحكومة تخلت أخيراً عن تعنتها ورضخت لضغوط المطالبين بالجلوس إلى طاولة الحوار لإيجاد مخرج من أزمة الارتفاعات المتتالية لأسعار المحروقات وما ترتب عنها من التهاب الأثمنة جل المواد الاستهلاكية الأساسية التي انعكست بالسلب على القدرة الشرائية للمغاربة، باعتبار أن النقل يعد من أهم ركائز تركيبة الأسعار.
وكتبت في افتتاحيتها أمس الثلاثاء أن الاجتماع “خطوة إيجابية كان على الحكومة اتخاذها منذ فترة عوض نهج سياسة الهروب من الواقع الذي يجمع الكل على أنه يسير نحو الهاوية”، معربة عن أملها في أن تسفر مثل هذه الاجتماعات عن وضع تصور واضح، قابل للتطبيق، من أجل التخفيف من الانعكاسات السلبية التي طالت الاقتصاد المغربي جراء الزيادات المهولة في أسعار المحروقات، من خلال ارتفاع أسعار مجموعة من المواد الأساسية وارتفاع نسب التضخم وتفاقم عجز الميزانية وتراجع نسب النمو الاقتصادي على المستويين المتوسط والبعيد.
وأكدت الصحيفة نفسها أن موجة الغلاء غير المسبوقة التي يعرفها المغرب خلال الفترة الأخيرة، مع ارتفاع أسعار المحروقات، تؤثر بشكل كبير على العديد من الخدمات والمواد الاستهلاكية وتضرب بالتالي القدرة الشرائية لأغلبية المواطنين، ما ينذر باحتقان اجتماعي وتفاقم الأوضاع لدى شرائح واسعة من المجتمع.