غواصات وطوربيدات وحاملات طائرات.. كيف عززت تركيا قدراتها الحربية البحرية؟
بالتزامن مع النجاحات الهائلة التي حققتها شركات الصناعة الدفاعية التركية في العقدين الأخيرين، حظيت البحرية التركية بنصيب جيد من هذه المنتجات، مما منح تركيا بحرية قوية ومتطورة وانتقل بها إلى مستوى منافس على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وفي الوقت الذي انتشرت فيه السفن والمنصات البحرية العسكرية والمدنية التي أنتجت بإمكانات محلية خالصة في المياه الإقليمية التركية وبدأ توقيع عقود تصدير لها إلى الخارج، قفزت تركيا قفزات ملحوظة في تطويرها قطعها البحرية القديمة وبدأت إنتاج سفن هجومية وحاملات طائرات وغواصات وزوارق هجومية مسيَّرة، كما طورت أسلحة وصواريخ فعالة من أجل تزويد قطعها البحرية بها.
فيما تُصنَّف تركيا في طليعة الدول التي تملك قوات بحرية من الأكثر قوة وتجهيزاً في المنطقة، التي بدورها تلعب دوراً بارزاً في حماية السيادة الوطنية والمصالح الحيوية والتكفل بالدفاع عن الجرف القاري لتركيا في مياه الوطن الأزرق، بالإضافة إلى حماية 87% من التجارة الخارجية لتركيا التي تُنقل بحراً.
البداية من “ملغم”
“ملغم (MİLGEM)” اختصار لـ”السفينة الوطنية (Millî Gemi)”، هو الاسم الذي أطلق على مشروع تصميم وإنتاج سفن وقطع بحرية عسكرية بإمكانات وطنية.
ويهدف المشروع، الذي تديره البحرية التركية، وتنفذه رئاسة الصناعات الدفاعية التركية بالتعاون مع شركة (STM) التركية، إلى تطوير طرادات وفرقاطات متعددة الأغراض يمكن استخدامها في مجموعة من المهامّ، بما في ذلك الاستطلاع والمراقبة والإنذار المبكر والحرب المضادة للغواصات والقتال البحري والبري والجوي والعمليات البرمائية.
في عام 2005 بدأت أعمال تصنيع أولى سفن مشروع “ملغم” من فئة “أدا” في ميناء تابع للقوات البحرية التركية في مدينة إسطنبول، وفي عام 2014 اختيرت شركة الهندسة والتكنولوجيا الدفاعية التركية (STM) مقاولاً فرعياً لبناء السفن المتبقية من فئة “أدا”، التي تعاونت بدورها مع 50 شركة محلية أخرى لإتمام هذه المهمة، أبرزها شركتا “Aselsan” و”Havelsan” التركيتان اللتان لعبتا دوراً مهماً في تطوير مكونات وأنظمة القيادة والتحكم وإدارة الحرب الإلكترونية.
قطع محلية متطورة
اعتباراً من عام 2018 شمل مشروع “ملغم” إنتاج 16 سفينة حربية للبحرية التركية، وهي موزعة على النحو التالي: 4 طرادات حربية مضادة للغواصات من فئة “أدا” سُلّمَت للقوات البحرية التركية، وطراد خاص بالعمليات الاستخباراتية، و4 فرقاطات متعددة الأغراض من فئة “إسطنبول”، و7 مدمرات حربية مضادة للطائرات من فئة”(TF2000″، وحاملة الطائرات التركية “TCG Anadolu” التي يُتوقع تسليمها قريباً، بالإضافة إلى 4 طرادات من فئة “بابور” خاصة بالبحرية الباكستانية.
إلى جانب القطع البحرية المختلفة التي طُوّرَت وأُنتِجَت ضمن مشروع “ملغم”، تسابق شركات تركية أخرى الزمن من أجل إنتاج 6 غواصات محلية من طراز “رئيس” بإمكانيات وخبرات وطنية من خلال مشروع التعاون المشترك بين شركة “تيسين غروب” الألمانية ومديرية صناعة الدفاع التركية، الذي دخل حيّز التنفيذ منتصف عام 2011.
وبينما شهدت المركبات البرية والجوية المسيَّرة التركية تطوراً بالغ الأهمية، أقدمت رئاسة الصناعات الدفاعية التركية على عملية تطوير القوارب المسيَّرة البحرية من طراز “سيدا”، وأصبح من الممكن للمركبات المسيَّرة البرية والبحرية العمل معاً بشكل متكامل.
أنظمة أسلحة وطنية
لم تقف مساهم الصناعات الدفاعية التركية على تطوير القطع البحرية وحسب، بل ساهمت أيضاً في توفير تقنيات محلية مهمة في سبيل تحقيق الاستقلال الكامل، وإنهاء الاعتماد على الخارج في مجال الصناعات الدفاعية البحرية.
وفي ظلّ عقوبات “كاتسا” الأمريكية التي دفعت الإيطاليين إلى رفع أسعار المدافع البحرية حتى لا تتمكن تركيا من شرائها، لم تنجح تركيا في تطوير مدافعها البحرية بإمكانيات محلية خلال فترة قصيرة وحسب، بل أنتجتها بأقلّ من نصف سعر تكلفتها، مما جعلها أحد 8 بلدان قادرة على صناعة هذا النوع من المدافع.
ولا تقتصر مساهمة الصناعات الدفاعية التركية على المدافع والصواريخ المحلية، ففي السنوات القليلة الماضية نجح كثير من الشركات التركية في تطوير وإنتاج أنظمة حربية متطورة وحديثة، كأنظمة السونار والاتصالات، بالإضافة إلى نظام إدارة الحرب المحلي (MÜREN) وطوربيد “أكيا” (AKYA) التركي الصنع.