قتلى وجرحى في أحداث عنف في السودان غرب دارفور
أعلنت لجنة أطباء ولاية غرب دارفور عن مقتل وإصابة 32 شخصاً، خلال أحداث عنف في منطقة “جبل مون” التي تبعد حوالي 50 كيلومتراً، شمالاً من مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
وتشهد محلية جبل مون، الغنية بالموارد المعدنية، أحداث عنف متواصلة، منذ نوفمبر/تشرين الأول الماضي، بالتزامن مع انقلاب عسكري نفذه العسكريون في السودان.
وأكدت لجنة اطباء ولاية غرب دارفور مقتل 16 شخصاً وإصابة 16 آخرين، خلال أحداث العنف الأخيرة، في منطقة “صليعة” عاصمة محلية جبل مون. وحسب شهود عيان تحدثوا لـ”القدس العربي”، بدأت الأحداث منذ الأحد الماضي واستمرت ليومين، في وقت لا تزال الأوضاع غير مستقرة حتى الآن.
واندلع النزاع بين مجموعات قبلية، الأحد الماضي، تطور إلى أحداث عنف، هي الثالثة من نوعها، في المنطقة منذ الانقلاب العسكري، يقول شاهد عيان، مشيراً إلى تدخل مجموعات عسكرية في النزاع.
وفي وقت تتهم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين مجموعات عسكرية وشبه عسكرية بالهجوم على المدنيين هناك، بهدف تهجير المواطنين الأصليين من مناطقهم والاستيلاء عليها.
وقال المتحدث الرسمي باسم منسقية النازحين واللاجئين، آدم رجال، لـ”القدس العربي” إن ما يحدث في منطقة جبل مون ليس نزاعاً قبلياً، وإنما هجمات ضمن خطط، المقصود منها ترويع المواطنين، لإخراجهم من أراضيهم الغنية بالموارد المعدنية. وأضاف: “الوضع الأمني، في المنطقة خطير للغاية، والسلاح في كل مكان، بينما أصبح الكثيرون يحملون بطاقات عسكرية”، مؤكداً على ضرورة هيكلة الجيوش وبناء دولة القانون.
وقال المدير التنفيذي لمحلية جبل مون، يحيى إبراهيم، حسب موقع “دارفور24” إن القوات الأمنية عثرت على 14 جثة في المناطق التي شهدت أحداث عنف بجبل مون. ورغم الطابع القبلي للنزاع في جبل مون، قال ناشطون تحدثوا لـ”القدس العربي”، إن نافذين وشركات أجنبية متورطون في النزاعات هناك، مشيراً إلى تقديرات لحجم الذهب في الجبل تصل لعشرات الأطنان فضلاً عن المعادن الأخرى.
في وقت تسيطر على منطقة الجبل حركات مسلحة، غير موقعة على اتفاق السلام الذي وقعت عليه الحكومة الانتقالية وعدد من الحركات المسلحة في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وقال ناشط في المنطقة، فضل عدم ذكر اسمه: المجموعات المسلحة الموالية للحكومة شاركت في عدد من الهجمات على جبل مون، وتورطت في إحراق 42 قرية حول الجبل، نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث قتل أكثر من 50 شخصاً ونزح الآلاف.
ومنذ بداية أحداث العنف في المنطقة، في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قتل العشرات في جبل مون، بينما فر أكثر من 10000 شخص، لجأ 2000 منهم إلى دولة تشاد المتاخمة للحدود الغربية للسودان، معظمهم من النساء والأطفال، حسب إحصاءات الأمم المتحدة.
وحذرت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين، من تردي الأوضاع الأمنية في إقليم دارفور، في ظل استمرار انتهاكات حقوق الإنسان.
واتهمت في بيان مساء الثلاثاء، سلطات الانقلاب ومجموعات مسلحة وكوادر في النظام السابق، بالتورط في أحداث العنف والانتهاكات في إقليم دارفور.
وقالت إن الانتهاكات و”الجرائم الجسيمة” التي تحدث في دارفور قنبلة موقوتة يتوقع أن تنفجر في إي لحظة، مشددة على أن الوضع الأمني هناك يسير من سيئ إلى أسوأ، بدرجة أكبر مما كانت عليه عند اندلاع حرب دارفور في العام 2003.
وأضافت: “العالم صامت حيال هذه الجرائم الفظيعة التي ترتكبها “ميليشيات الجنجويد” التي كونها النظام السابق للقضاء علي النازحين وتهجير المدنيين من مناطقهم وتفكيك معسكرات النازحين” في إطار خلق بيئة مواتية لتنفيذ المخططات الرامية لإخفاء معالم جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها النظام السابق، حسب البيان.
واتهمت السلطات السودانية بالعجز عن وقف أحداث القتل الجماعي والفردي والاغتصاب والتشريد والحرق لمعسكرات النازحين وعدد من مناطق وقرى دارفور، متهمة الحكومة السودانية بالتواطؤ مع الميليشيات المسلحة ودعمها بالمال والعتاد وتوفر لها الحصانة من المساءلة القانونية.
وحملت المنسقية الحكومة مسؤولية الأحداث والجرائم والانتهاكات التي تقوم بها ميليشيات قالت إنها تابعة للحكومة، من قطع للطرقات أمام حركة البضائع والمواطنين المسافرين.
وطالبت مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ودول الترويكا باتخاذ قرارات جدية وحاسمة لحماية النازحين والمدنيين العزل في إقليم دارفور، وإرسال قوة أممية، تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لحماية المدنيين هناك.
ودعت المنسقية، المحكمة الجنائية الدولية والمنظمات الحقوقية العالمية لمتابعة الوضع الأمني المتردي في السودان خاصة في إقليم دارفور.
وأضافت: “أصبح إقليم دارفور تحت رحمة “ميليشيات الجنجويد” بعد انسحاب البعثة المشتركة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد)، في وقت عجزت الحكومة السودانية عن حماية النازحين والمدنيين.
ويشار إلى أن “يوناميد”، أنهت تفويضها في إقليم دارفور في ديسمبر/كانون الأول 2020، بعد 13 عاماً من العمل هناك، شملت مهامها، حماية المدنيين دون المساس بمسؤولية حكومة السودان وتيسير إيصال المساعدات الانسانية فضلاً عن الوساطة بين الحكومة والحركات المسلحة والتوسط في نزاعات المجتمعات المحلية.
وفي الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2020، وقعت الحكومة الانتقالية وعدد من الحركات المسلحة والتنظيمات المسلحة اتفاق سلام، لإنهاء حرب استمرت لحوالي 18 عاماً في إقليم دارفور ومناطق أخرى.
إلا أن تحديات كبيرة، تواجه الاتفاق بعد فشل الأطراف الموقعة عليه في عملية التنفيذ، وفق المصفوفة الزمنية المحددة، خاصة بنود الترتيبات الأمنية الخاصة بدمج وتسريح الجيوش.
يتم هذا في وقت دعمت بعض الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام الانقلاب العسكري، مما تسبب في مزيد من التعقيدات. ويتوقع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، حسب تقارير، احتياج حوالي 6.2 ملايين شخص في جميع أنحاء دارفور، أي نصف السكان، إلى مساعدات إنسانية خلال العام 2022، بينهم 2.4 مليون شخص من النازحين داخلياً، و840 ألفاً من العائدين و234 ألفاً من اللاجئين و2.7 مليون شخص من السكان الضعفاء.
ولفتت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين إلى تردي الأوضاع الصحية والإنسانية، في إقليم دارفور، حيث يعاني الأطفال من سوء التغذية الحاد الذي تفشى بصورة كبيرة، نسبة لعدم وجود غذاء كاف، خاصة في معسكر كلمة جنوب دارفور. وشددت على أن التصنيف الذي يستخدمه برنامج الغذاء العالمي، أخرج 80% من النازحين من برنامج صرف الغذاء في ظل أوضاع إنسانية هشة.
وأوضحت في بيان أن برنامج الغذاء، صنف متلقي الخدمات إلى أربع فئات، حددتهم وفق كروت بالألوان الصفراء والخضراء والبرتقالية والحمراء، من الأقل إلى الأشد حاجة وفق تصنيف البرنامج، مشيرة إلى استبعاد اصحاب الكروت الصفراء والخضراء من صرف الحصص الغذائية تماماً، بينما أصحاب الكروت البرتقالية ينالون حصص كل 6 أشهر والحمراء كل شهر.
وأضافت: هذا التصنيف المعيب تم وضعه منذ العام 2017، وبموجبه تم استبعاد أكثر من 80% من النازحين من صرف الحصص الغذائية، وتركوا للمعاناة في ظل الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الرئيسية، مما ترتب عليه خلق أوضاعاً إنسانية كارثية داخل مخيمات النزوح.
وتابعت أن النازحين في معسكرات دارفور يواجهون أوضاعاً أمنية وصحية واقتصادية بالغة السوء، في ظل استمرار الانتهاكات التي تهدد حركة النازحين الباحثين عن العمل خارج المعسكرات خاصة النساء، حيث يتعرضن للاغتصاب والتحرش الجنسي والعنف اللفظي والجسدي حال خرجن للأعمال الهامشية مثل جمع القش والحطب وغيره، حسب بيان للمنسقية العامة للنازحين واللاجئين.
وطالبت بالتدخل العاجل للمنظمات الإنسانية والحقوقية الإقليمية والدولية لتقديم الخدمات الطارئة للنازحين خاصة الغذاء والدواء والكساء والمأوى ومياه الشرب النقية المطلوبة لإنقاذ حياة الملايين هناك، فضلاً عن متابعة ورصد الانتهاكات والجرائم المتكررة ومحاسبة مرتكبيها تحت إشراف دولي.