وقف إطلاق نار روسي جديد وأمريكا ترفض عرض بولندا منح أوكرانيا مقاتلات حربية
أعلن الجيش الروسي أنّه سيلتزم مجدداً، الأربعاء، في بعض أنحاء أوكرانيا وقف إطلاق نار لإجلاء مدنيين عبر ممرّات إنسانية، في حين رفضت واشنطن مقترحاً من وارسو يقضي بتسلّم الجيش الأمريكي مقاتلات بولندية من طراز MiG-29 سوفييتية الصنع ليتولّى بعد ذلك تسليمها إلى أوكرانيا.
وقالت وزارة الخارجية البولندية في بيان إنّ “سلطات جمهورية بولندا وبعد مشاورات بين الرئيس والحكومة مستعدّة لنقل كلّ طائراتها من طراز MiG-29 إلى قاعدة رامشتاين ووضعها في تصرّف حكومة الولايات المتحدة”.
وسارعت واشنطن إلى رفض العرض البولندي. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية ستيف كيربي في بيان: “سنواصل التشاور مع بولندا ومع حلفائنا الآخرين في حلف شمال الأطلسي حول هذه المسألة وحول ما تطرحه من تحديات وصعوبات لوجستية، لكنّنا لا نعتقد أنّ مقترح بولندا قابل للتطبيق”.
واعتبر كيربي أنّ وضع مقاتلات بتصرّف الولايات المتحدة وانطلاقها من قاعدة أمريكية لقوات حلف شمال الأطلسي وتحليقها في مجال جوي متنازع عليه مع روسيا هو سيناريو “يثير قلقاً جدّياً لدى حلف شمال الأطلسي بأسره”.
وقف إطلاق النار
من ناحيتها أعلنت روسيا وقفاً لإطلاق النار في التاسع من مارس/آذار اعتباراً من الساعة العاشرة بتوقيت موسكو.
وأوضحت موسكو أنّ هذا الاقتراح سيحال إلى السلطات الأوكرانية التي عليها التأكيد بحلول منتصف الليل، بشأن مواقع الممرات الإنسانية والتوقيت الذي يمكن تفعيلها فيه.
وأقيمت صباح الثلاثاء أولى ممرات إجلاء المدنيين خصوصاً في سومي في شمال شرق أوكرانيا. ووصلت الدفعة الأولى من هؤلاء المدنيين “بأمان” حسب الرئاسة الأوكرانية.
ويفرّ آلاف المقيمين في المدن التي تتعرض للقصف والتطويق أمام هجوم القوات الروسية.
ودفع الغزو الذي شنّته موسكو في 24 فبراير/شباط أكثر من مليوني شخص إلى مغادرة أوكرانيا واللجوء إلى الخارج بغالبيتهم إلى بولندا، حسب الأمم المتحدة. وتتوقع أوروبا وصول خمسة ملايين لاجئ.
تعليق واردات الغاز الروسي
وأعلنت الولايات المتحدة، الثلاثاء، تعليق وارداتها من النفط والغاز الروسيين في ما يشكل مرحلة جديدة من العقوبات المفروضة على موسكو منذ بدء غزوها لأوكرانيا.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنّ هذا الإجراء اتّخذ “بالتنسيق الوثيق” مع حلفاء واشنطن بهدف “توجيه ضربة قوية جديدة إلى (فلاديمير) بوتين”.
أما المملكة المتحدة فستوقف بحلول نهاية السنة الحالية شراء النفط الخام والمنتجات البترولية من روسيا.
في المقابل امتنع الأوروبيون باستثناء بريطانيا عن اتخاذ إجراءات إضافية في هذا المجال خصوصاً أنهم يعتمدون بنسبة 30% على المحروقات الروسية.
وفي أوسلو كرّر رئيس الوزراء السويدي يوناس غار ستور الثلاثاء القول إنّ بلاده، ثاني مورّد للغاز إلى الاتحاد الأوروبي بعد روسيا، تنتج بكامل طاقتها ولا يمكنها زيادة شحناتها.
واستمرت القوات الروسية بالانتشار حول المدن الكبيرة وبتكثيف عمليات القصف في اليوم الثالث عشر من الهجوم على ما أفاد مسؤولون أوكرانيون.
رتل روسي جديد
وقالت الولايات المتحدة، الثلاثاء، إن رتلاً روسياً جديداً يتقدم نحو كييف من شمال شرق العاصمة الأوكرانية، مشيرة إلى أن الرتل الرئيسي لقوات موسكو الآتي من الشمال متوقف منذ عدة أيام.
ودارت معارك عنيفة في مدينة إيزيوم (شرق) لكنّ القوات الروسية تراجعت بعدما جرى صدّها، حسب هيئة الأركان العامة الأوكرانية، فيما دمّر المستشفى المركزي كلياً على ما أفادت رئيس البلدية.
من جانبها، أكد ت وزارة الدفاع الأوكرانية أن الجنرال الروسي فيتالي غيراسيموف قتل قرب خاركيف، في معلومة لم تؤكدها موسكو ولا يمكن التحقق منها على الفور من مصدر مستقل.
وقدّر مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الثلاثاء أن “ألفين إلى 4 آلاف” جندي روسي قُتلوا في أوكرانيا منذ بدء الغزو.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمام البرلمان البريطاني الثلاثاء “سنقاتل حتى النهاية”.
وتحدث الرئيس الأوكراني وإلى جانبه علم بلاده عبر الفيديو خلال مداخلة غير مسبوقة تهدف إلى الحصول على مزيد من الدعم لبلاده بعد الغزو الروسي، وسط تصفيق حار من قبل النواب البريطانيين.
وقال بايدن الثلاثاء “قد تستمر روسيا في تحقيق التقدم بثمن مروع. لكن يتضح من الآن أن أوكرانيا لن تشكل أبداً انتصاراً لبوتين. قد يتمكن بوتين من السيطرة على مدينة لكنه لن يتمكن من الاستيلاء على البلد” برمته.
زيلينسكي مستعد لتسوية
وفي مقابلة مع محطة “ABC” التلفزيونية الأمريكية قال زيلنسكي إنّه تخلّى عن الإصرار على انضمام بلاده إلى حلف شمال الأطلسي وهي من المسائل التي تحجّجت بها موسكو لتبرير غزوها.
وأعرب زيلينسكي عن استعداده “لتسوية” حول وضع المناطق الانفصالية في شرق أوكرانيا التي اعترف بوتين باستقلالها من جانب واحد.
وفي باريس توافق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على مواصلة الضغط على بوتين لوقف الحرب في أوكرانيا، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية.
وخلال احتفال أقيم في قصر الإليزيه تكريماً لنساء ينشطن في الدفاع عن حقوق الإنسان تعهّد ماكرون الثلاثاء أن تفضح بلاده “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” التي يرتكبها الجيش الروسي في أوكرانيا وأن تسعى من أجل أن يخضع مرتكبو هذه الانتهاكات “للمحاكمة والمعاقبة”.
وقال ماكرون إنّ “الحرية ليست مضمونة أبداً، هذا ما يذكّرنا به بكل مأساوية العدوان الروسي في أوكرانيا، والذي لا يمثل إنكاراً غير مقبول للقانون الدولي فحسب” بل يمثل أيضاً “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.
نورد ستريم 2 “ميت ولا مجال لإحيائه”
وفي واشنطن، اعتبرت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي فيكتوريا نولاند أنّ خط أنابيب نورد ستريم 2 الذي يربط روسيا بألمانيا والمستهدف بتدابير عقابية فرضتها برلين وواشنطن ردّاً على الغزو الروسي لأوكرانيا، بات “ميتاً” ولا مجال لـ”إحيائه”.
وخفّضت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني تصنيف الديون السيادية الروسية من “B” إلى “C”، في قرار يعني أنّ تخلّف موسكو عن سداد ديونها أصبح بنظرها “وشيكاً”.
وقرّرت صحيفة “نيويورك تايمز” إخراج صحافييها من روسيا بعدما أقرّت موسكو قانوناً “يجرّم التغطية المستقلّة والتي تعكس واقع الحرب في أوكرانيا”، بحسب ما أعلنت الصحيفة الأمريكية في رسالة تلقتها وكالة فرانس برس الثلاثاء.
والثلاثاء، أعلنت القناتان التلفزيونيتان الدوليتان الناطقتان بالفرنسية “TV5MONDE” و ” FRANCE 24″ أنّ بثّهما توقّف منذ نهاية الأسبوع الماضي عبر شبكة الكابل الروسية، لكنّه ما زال متاحاً عبر الأقمار الصناعية.
وأعلنت منظمة السياحة العالمية عزمها على تعليق عضوية روسيا فيها.
وأعلنت شركة النفط البريطانية العملاقة “شل” نيّتها الانسحاب من مشاريع النفط والغاز الروسيين “تدريجياً، تماشيا مع التوجيهات الجديدة للحكومة البريطانية” فيما أعلنت سلسلتا المطاعم والمقاهي الأمريكيتان ماكدونالدز وستاربكس إغلاق مؤسساتهما موقتاً في روسيا.
كذلك علقت شركة “كوكا كولا” الأمريكية للمشروبات الغازية نشاطها في روسيا، في حين أعلنت منافستها بيبسيكو عزمها على تعليق بيع المشروبات في روسيا والاستمرار بالمقابل في بيع الأغذية فيها.
كما أعلنت شركة مستحضرات التجميل العالمية العملاقة “لوريال” أنّها “ستغلق مؤقتاً” المتاجر “التي تديرها” في روسيا و”المنصّات التي تديرها مباشرة في المتاجر الكبرى” في هذا البلد، لكنّ مصنعها الواقع بالقرب من موسكو سيواصل الإنتاج.
بدوره أعلن الاتحاد الدولي للسكك الحديدية تعليق عضوية شركة السكك الحديد المملوكة من الدولة الروسية RJD ونظيرتها المملوكة من الدولة البيلاروسية BCh، مشيراً إلى أنّه شكّل مجموعة عمل لتسهيل خدمة الشركات الأوروبية للاجئين الأوكرانيين.
قلق على الأطفال
وفي ستراسبورغ، أعربت مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي إيلفا يوهانسون عن قلقها بشأن مصير الأطفال الأوكرانيين الذين يغادرون بلدهم غير مصحوبين بذويهم ويواجهون بالتالي خطر الوقوع ضحايا لشبكات الاتجار بالبشر.
وخلال جلسة نقاش في البرلمان الأوروبي حول وضع اللاجئين الأوكرانيين الذين يفرون من بلدهم إلى دول الاتحاد، قالت يوهانسون إنّها تلقت “معلومات تفيد بأنّ مجرمين يأخذون الأطفال من دور الأيتام ويعبرون بهم الحدود متظاهرين بأنّهم أفراد أسرة واحدة، ثم يستغلونهم في الاتجار بهم”.
وأبلغت كييف الأمم المتحدة أنها قرّرت إعادة كتيبتها العسكرية العاملة في إطار قوات حفظ السلام في جمهورية الكونغو الديموقراطية والبالغ عددها 250 عسكرياً، مشيرة إلى أنّ القرار يشمل إعادة العدة والعتاد على حدّ سواء.
وفي بريشتينا دعا رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي، كلاً من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي إلى تبسيط إجراءات الانضمام إليهما بسبب الوضع الاستثنائي الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال كورتي لوكالة الصحافة الفرنسية إنّه “في هذا الوضع الاستثنائي لا يمكننا أن نتصرّف كما في الأوقات العادية. لذلك لا يمكن أن تظلّ إجراءات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي على حالها”.
وفي مبادرة تضامنية، حجز عشرات الآلاف من مستخدمي “إير بي إن بي” أماكن إقامة في أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي، ليس بقصد الذهاب والإقامة فيها بل من أجل مساعدة السكّان المحليّين، بحسب ما أعلنت منصّة التأجير السياحي للمساكن.
وقالت المنصّة لفرانس برس إنّه خلال يومي 2و3 مارس/آذار الجاري جرى حجز 61 ألف ليلة إقامة في أوكرانيا بقيمة إجمالية بلغت حوالى مليوني دولار، مشيرة إلى أنّ هذه الظاهرة بدأت تتجسّد منذ قرّرت “إير بي إن بي” الأسبوع الماضي التوقف مؤقتاً وحتى إشعار آخر عن جباية الرسوم عن المساكن التي تستأجر عبرها في أوكرانيا.
وفي ألمانيا يواجه المستشار الأسبق غيرهارد شرويدر المقرّب من بوتين شكوى قضائية بتهمة ارتكاب “جرائم ضدّ الإنسانية” بسبب صلاته بقطاع النفط الروسي، لكنّ قبول هذه الشكوى من عدمه يعود إلى النيابة العامة في كارلسروهي التي ستفصل فيها قريباً.