ما مصير حكومة باشاغا بليبيا بعد تراجع المشري
طرح رفض رئيس مجلس الدولة الليبي، خالد المشري، خيار تشكيل حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا ومطالبة الأخير بالتراجع، بعض التساؤلات حول تداعيات الخطوة وفرضية فشل الحكومة المكلفة من قبل البرلمان قبل أن تولد.
وقال المشري قبيل انعقاد جلسة البرلمان المقررة لمنح الثقة للحكومة إن “مشروع الحكومة المقترحة برئاسة باشاغا، بمثابة إدخال للمعتدين على العاصمة من النافذة بعد فشلهم في دخولها بالقوة من الأبواب، مخطابا باشاغا: أتمنى على أخي وصديقي فتحي باشاغا، الذي كان له الدور الأبرز في الدفاع عن العاصمة الانتباه لهذا الأمر جيدا”.
حكومة ترضيات
في سياق متصل، قال عضو البرلمان المقرب من رئيس المجلس، إبراهيم الدرسي إن “الأعضاء اجتمعوا مع “عقيلة صالح” في بيته وتناولوا الغداء ثم اتفقوا على تقسيم الوزارات والوكالات والهيئات بالتراضي على كل النواب، واتفقوا على منح الثقة للحكومة حزمة واحدة”.
ولاقت تصريحات الدرسي ردود فعل غاضبة كونها خالفت ما صرح به مكتب باشاغا الإعلامي بأن الحكومة تم تشكيلها عبر التشاور مع البرلمان ومجلس الدولة وأنها حكومة كفاءات وليست محاصصة.
فهل سيسهم رفض المشري وكشف آلية تشكيل الحكومة في ولادة سلطة تنفيذية ميتة حتى في حال منحها الثقة؟
خلافات وزارية
من جهته، قال عضو مجلس النواب عن الجنوب الليبي، محمد دومة إن “مشاورات الأمس لاقت عدة خلافات حول بعض الوزارات مثل وزارة الصحة ووزارة الدفاع وأنه حتى الآن لم تصل التشكيلة الوزارية النهائية للحكومة رسميا للأعضاء”.
وأضاف: منح الثقة للحكومة يحتاج نصابا بواقع 50%+1 أي 86 عضوا، ومن الصعب معرفة العدد الحقيقي المتواجد الآن قبل الجلسة، لذا فالجميع ينتظر مخرجات الجلسة حال انعقدت.
تشكيلة مخيبة للآمال
في حين رأى عضو مجلس الدولة الليبي، محمد الهادي أن “المشري لم يكن داعما بشكل كبير لباشاغا ولا متمسكا بالدبيبة بل كان يحاول إحداث تغيير للوصول إلى توافق مع مجلس النواب أو شراكة حقيقية كما يظن هو ومع ذلك يراهن على قوة شخصية باشاغا ودوره في الثورة وصد العدوان عن العاصمة”.
وأوضح أن “ترشيحات باشاغا لوزارات حكومته كانت مخيبة للآمال على مختلف الصعد وبالأخص على مستوى المنطقة الغربية والمدن المحسوبة على الثورة والنزاعات التي حدثت بسبب هذه الترشيحات مما بدد الآمال في هذه الشخصية وفي الحكومة المنتظرة”، وفق تقديراته.
وتابع: وسينعكس هذا على كافة المواقف الدولية والمحلية وخصوصا الإقليمية والتي استطاع الدبيبة توظيفها لصالحه، ومن هناك نستطيع القول بأن المشري في ظل هذه الظروف صار لزاما عليه أن يحافظ على التوازن في موقفه وأيضا للحفاظ على العلاقات مع أغلب الأطراف ومنها الحليف التركي.
مراوغة وحيل جديدة
وقال وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر إن “مجلس الدولة بقيادة المشري كان يتواصل مع عقيلة صالح لتطبيق الاتفاق السياسي وعرض مشروع الدستور وإجراء تعديل دستوري وانتخابات تشريعية ورئاسية جادة لكن عقيلة لم يرد لذلك أن يحدث وراوغ كعادته من أجل إزاحة الدبيبة وحكومته”.
وأوضح أن “عقيلة يريد تنصيب باشاغا والوصول إلى السيطرة التامة مع حفتر لاكتساب الشرعية والحكم، وقد يتمكن عقيلة فعليا من منح حكومته الشرعية الشكلية لكنها ستظل مرفوضة في غرب البلاد، لكن التخوفات من تغير المواقف أمام الإغراءات والمال كما حدث لأعضاء البرلمان”.
موقف براغماتي
ورأى الأكاديمي الليبي، عماد الهصك في تصريح أن “تراجع المشري عن موقفه في دعم حكومة باشاغا، وتبنيه موقفا مضادا جاء نتيجة ضغوط محلية من تيار لديه قوة فاعلة في الغرب الليبي، واستجابة أيضًا لضغوط دولية متخوفة من هيمنة تيار مضاد لها قد يفقدها الكثير من النفوذ في ليبيا، كما أن المشري قد عُرف عنه براغماتيته السياسية فهو دائمًا يذهب إلى الخيار الذي يضمن بقاءه في السلطة”، حسب كلامه.
وبين أن “حكومة باشاغا إذا مُنحت الثقة ستمارس عملها من طرابلس؛ لأن بقاءها في العاصمة هو الذي سيعطيها الزخم والدعم الدوليين اللذين يضمنان لها البقاء والاستمرار؛ لأن باشاغا لو اختار مدينة أخرى مقرًا لحكومته، فستصبح حكومة موازية، وهذا يفقدها الكثير من مكانتها المحلية والدولية، كما يفقدها الكثير من أدوات صنع القرار التي لا تتوفر إلا لمن يسيطر على العاصمة، ومن تلك الأدوات: المصرف المركزي، والمؤسسة الوطنية للنفط”، كما رأى.
وتابع: ثم إن موقف المشري لا نستطيع من خلاله الحكم على فشل حكومة باشاغا، ففشل الحكومة من عدمه متعلق بمدى قدرتها على بسط نفوذها على كافة الأراضي الليبية، والسيطرة على مؤسسات الدولة السيادية، ولجم جماح التشكيلات العسكرية، لكن طريقة اختيار الحكومة، واستجابة باشاغا لضغوط النواب كان خطأً فادحًا أفقده نسبة كبيرة من التعاطف الشعبي والمناصرة المحلية.