ما قصة قبر العاشقة البولندية في جنوب العراق؟
حكاية قد تبدو طريفة لقصة أغرب وقعت أحداثها في جنوب مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار (جنوبي العراق)، حيث يصادف العابرون من هذا المكان قبرا وسط الصحراء لفتاة بولندية تدعى “تالا” جاءت إلى العراق لمقابلة حبيبها “جاكوب” الذي كان يعمل في شركة لإكساء الطرق، وتوفيت في حادث سير.
القبر قريب بعض الشيء من الشارع العام الواصل بين مدينتي الناصرية والبصرة، وهو على ارتفاع لا يتجاوز المتر الواحد، وقد حفر على سطحه علامة الصليب وأوّل حرف من اسمي العاشقين، ولا ترى أو تسمع بالقرب منه سوى هبوب الريح التي تثير العواصف الرملية والترابية التي تشتهر بها المنطقة، فقد مرّ أكثر من 40 عاما على الوفاة، ولم يزل القبر يشير إلى تلك القصة.
تفاصيل القصة
ويقول مدير مفتشية آثار محافظة ذي قار، عامر عبد الرزاق، إن شركة بولندية كانت تنفذ مشروعا لإكساء الطريق السريع بين الناصرية والبصرة عام 1982، وكان العاملون في الشركة يقيمون في منطقة يطلق عليها “تل اللحم”، وهي منطقة صحراوية تقع عند مثلث البصرة وذي قار والمناطق المحاذية للحدود السعودية، وكان في تلك الشركة مهندس بولندي له حبيبة أو كما يسميها أهل المنطقة “العاشقة”.
ويتابع عبد الرزاق حديثه للجزيرة نت أن “المهندس البولندي جاكوب كان يتبادل الرسائل مع حبيبته بانتظار الزواج، وحين حانت أعياد رأس السنة في ذلك العام أرادت تالا مفاجأته بالسفر إلى العراق ليحتفلا معا وتكون قريبة منه، لكن القدر كانت له كلمة أخرى، إذ تعرضت لحادث سير وهي في طريقها من بغداد إلى الناصرية لمقابلته، وتوفيت على إثر ذلك”.
وأشار إلى أن العاشق البولندي دفن حبيبته في مكان الحادث على الطريق السريع، وتحوّل قبرها إلى مزار يومي له مدة تزيد على 8 سنوات، حتى أنهت شركته العمل في المشروع عام 1990 قبل حرب الخليج، وغادرت العراق، وظل القبر وحيدا غريبا كما يطلق عليه الأهالي، وصار رمزا للوفاء والتفاني.
وطالب عبد الرزاق الجهات المختصة في ذي قار باستثمار المكان وتحويله إلى معلم سياحي للسياح الأجانب الذين سيتوافدون على المدينة لزيارة مدينة “أور” الأثرية وغيرها من آثار وأهوار، معتبرا أن ذلك سيكون مصدرا اقتصاديا مهما ويسهم في تشغيل مزيد من الأيدي العاملة.
فقيدة العشق
ويتحدث الروائي حسن عبد الرزاق عن الموضوع بطريقة من يكتب سردا، فيقول “رمال تل اللحم الذارية تخفي ملامح الوجوه، وقبرها لم يتجمّل بصورتها، لكني أتخيلها تشبه وجه الحب، مشرقا، وديعا، ومزوقا بلون الورد”.
ويضيف أن قبرها “على جانب الطريق الساخن أبدا لفرط نيران الحروب، يلوّح هناك منذ أن طارت على جناح العشق ذي حنين، آتية نحو جنوب العراق لتسقي قلبها الظامئ من عيون الحبيب”، ويعتقد أن القدر “اختار لها هذا السرير الأبدي عندما رماها قتيلة على الرمال الغريبة”.
لكنه يرى أن القلوب الرقيقة مذ عرفت بحكايتها “صارت تزرع حول مقامها زهور القصائد وتقيم للجمال بين حين وآخر طقوسًا بقربه”، لذا فهو يعدّها فقيدة العشق؛ “استقبلتها أرض الجنوب بصدق قلب عندما دسّوا جسدها فيها، وقد احتضنت علامة الصليب، لتؤكد أن هذا التراب يجيد منح الحب لكل البشر”، لذا فهو يطالب بتحويل قبرها إلى مزار “تقصده الأرواح العاشقة حاملة إليه نذور الحب الصادق العفيف”.
غناء الشعراء
ويقول رئيس التجمع الثقافي في مدينة سوق الشيوخ الأديب علي مجبل إن القبر تحوّل إلى “رمز للوفاء مثلما هو رمز للحب”، مشيرا إلى أن الناس كانوا يذهبون لزيارة القبر حتى وقت قريب سواء في أعياد السنة أو أعياد الحب حيث يضعون الشموع ويرشّون الماء على سطح القبر “كما يفعلون عند زيارة قبورهم”.
ويرى مجبل أن هذا “يعني أن العراقيين لا يفرقّون بين الأديان ومتسامحون مع أنفسهم”، منوّها إلى هذه القصة الغريبة والفريدة لهذه المرأة المسيحية التي أصبح قبرها في العراق يتغنّى به الشعراء وحتى كتّاب السرد من أدباء المنطقة على وجه الخصوص.
ويطالب مجبل بتحويل القبر إلى مكان سياحي، وإحاطته بصندوق زجاجي، وإدخاله في موسوعة خرائط الخطة السياحية في العراق.
تعليق جريدة العربي الأصيل:
الضاهر أنا لمجوس لم ينتبهوا لهذا القبر، ولكن بعد أن علموا سيأتي قريبا أحد الأئمة المجوس ويبني على هذا القبر قبة ويسميه “قبر السيدة عاشقة الحسين” وهي سليلة الأمام الأكبر الغائب “عجل الله فرجة”، كان في بولندا وتزوج أمها، ويغير اسم المنطقة إلى “قمامة المقدسة”، ثم يأتي المغفلين الشيعة ويزورونه ويدفعون النذور والخمس ويلطمون وهم يزحفون للقبر.