جمعية القضاة التونسي ترفض مرسوم الرئيس وتدعو المجلس التمسك بصلاحياته
جددت جمعية القضاة التونسيين رفضها لتشكيل مجلس أعلى مؤقت للقضاء خارج مبادئ الشرعية وبما يتعارض مع الدستور، بينما قالت زوجة وزير العدل الأسبق نور الدين البحيري إن الحالة الصحية لزوجها أضحت متدهورة.
وطالبت الجمعية المجلس الأعلى الشرعي بالتمسك بوجوده ومواصلة ممارسة صلاحياته.
ورغم الرفض الواسع محليا ودوليا، فإن الرئيس التونسي قيس سعيّد قد نفّذ قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، وعقب هذا القرار أصدر سعيّد مرسوما رئاسيا استحدث بموجبه مجلسا مؤقتا يحل محل المجلس الأعلى للقضاء الحالي.
وجاء في الجريدة الرسمية أن المرسوم الرئاسي ينص على أن مجلس القضاء المؤقت سيقدم اقتراحات لإصلاح القضاء، وأنه يحق للرئيس الاعتراض على ترقية أو تعيين القضاة، وإعفاء أي قاض يخالف مهامه.
ويحظر المرسوم الجديد على القضاة “الإضراب وكلّ عمل جماعي منظم من شأنه إدخال اضطراب أو تعطيل في سير العمل العادي بالمحاكم”.
وفي بيان لها نشرته الليلة الماضية على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، اعتبرت الجمعية أن هذا المرسوم “عديم السند القانوني والدستوري”، معتبرة أن المساس بوضع السلطة القضائيّة ليس من مقتضيات مرحلة الاستثناء التي يبقى القضاء فيها الضامن الوحيد للحقوق والحريات في ظرف تجمع السلطات لدى السلطة التنفيذية.
وجددت الجمعية تمسكها بـ”المجلس الأعلى للقضاء كهيكل دستوري شرعي منشأ من سلطة تأسيسية لا يمكن لأي سلطة أخرى المساس به”.
واعتبرت أن ما جاء به المرسوم يعدّ إلغاء للسلطة القضائية وإلحاقا لها بالسلطة التنفيذية، وبسطا لنفوذ رئيس الجمهورية على كامل مفاصل السلطة القضائية.
كما أنه يعدّ رفعا للحماية المكفولة للقضاة في مساراتهم المهنية، وتقويضا لدولة القانون التي يطبق فيها القانون قضاة مستقلون.
واعتبرت الجمعية أيضا أن هذا المرسوم يعد تجريدا للسلطة القضائية وللقضاة من سلطتهم الدستورية في حماية الحقوق والحريات، وتهديدا محققا لمكسب الحرية والديمقراطية من خلال تسمية قضاة مطوعين من السلطة السياسية التي تسميهم وتعزلهم.
كما دعت الجمعية للدفاع عن المجلس الشرعي ومواجهة تركيز المجلس المنصب، والاستعداد لمواصلة التحركات من أجل الضمانات الهيكلية والوظيفية المكفولة بالدستور.
ويوم أمس الأحد، خرج آلاف التونسيين في وقفة احتجاجية بالعاصمة تونس دفاعا عن استقلال القضاء وتنديدا بقرارات الرئيس بشأن المجلس الأعلى للقضاء.
ورفع المحتجون شعار “من أجل قضاء مستقل في وطن حر”، وهتف البعض -وهم يتجمعون في وسط العاصمة- بشعارات مناهضة لما وصفوه بالانقلاب، وطالبوا الرئيس برفع يده عن القضاء، ورفع المحتجون شعارات تدعو إلى التضامن مع القضاة والمجلس الأعلى للقضاء في تركيبته قبل قرار الرئيس اليوم، كما رفع المتظاهرون شعارات أخرى مناوئة لإجراءات الرئيس، مطالبين بعزله ومحاكمته.
ونظمت حركة النهضة -أكبر حزب في البرلمان المعلق عمله حاليا- الاحتجاج بتعاون مع حركة “مواطنون ضد الانقلاب”، ورافقت الاحتجاج الذي نُظم في شارع محمد الخامس إجراءات أمنية مشددة فرضتها قوات الأمن.
وتشهد تونس أزمة سياسية حادة منذ 25 يوليو/تموز 2021، حين بدأ الرئيس سعيد فرض إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
وفي سياق متصل، قالت المحامية سعيدة العكرمي زوجة وزير العدل التونسي الأسبق القيادي بحركة النهضة نور الدين البحيري، إن زوجها يعيش على الماء فقط منذ 5 أيام بعد تعذر إمداده بالأمصال الحيوية، وإن حالته جد حرجة.
واتهمت العكرمي وزير الصحة التونسي بأنه شريك في احتجاز البحيري، وقالت إنها ستقدم شكوى ضده حتى يعود زوجها إلى بيته.
وفي 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت النهضة “اختطاف” البحيري من طرف رجال أمن بزي مدني، قبل أن يتم نقله إلى المستشفى في 3 يناير/كانون الثاني الماضي، إثر تدهور صحته جراء إضرابه عن الطعام رفضا لاعتقاله.
وفي اليوم التالي، قالت السلطات إن البحيري قيد الإقامة الجبرية لوجود “شبهة إرهاب”، وهو ما نفاه فريق دفاعه وكذا حركة النهضة، معتبرين الاتهام يحمل “دوافع سياسية”.