نذر الحرب تتصاعد.. روسيا تستدعي أخطر غواصاتها وأوكرانيا تتسلم صواريخ أميركية حديثة
واصلت روسيا تعزيز قدراتها في البحر الأسود من مختلف أساطيلها البحرية في ظل التوتر المتصاعد مع الغرب، والحديث عن غزوها المحتمل لجارتها أوكرانيا خلال أيام، رغم إصرار موسكو على النفي.
وفيما تسلمت أوكرانيا من ليتوانيا شحنة من صواريخ ستينغر الأميركية المضادة للطائرات، حذرت واشنطن من اختلاق روسيا ذريعة للهجوم على جارتها الغربية.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، إن العالم يجب أن يكون مستعدا لرؤية روسيا تختلق ذريعة للهجوم على أوكرانيا، وأضاف في مقابلة تلفزيونية أنه يمكن لموسكو أن تختار المسار الدبلوماسي لكن الطريقة التي حشدت بها قواتها تدفع إلى أن هناك احتمالا واضحا بأن يكون هناك عمل عسكري كبير قريبا.
وأشار سوليفان إلى أنه لا يمكن التنبؤ باليوم الذي يمكن أن يحدث فيه غزو روسيا لأوكرانيا، وجدد استعداد واشنطن لفرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية المحتملة التي ستضرب النخبة الروسية، حسب تعبيره.
في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن احتمال قيام روسيا بعمل عسكري ضد جارتها الغربية بات وشيكا وعاليا بما يكفي لسحب الكثير من موظفي السفارة الأميركية بالعاصمة الأوكرانية كييف، وهو ما أعلنته وزارته في وقت سابق.
وقال بلينكن -في مؤتمر صحفي عقده في هاواي حيث التقى نظيريه الياباني والكوري الجنوبي- إن المسار الدبلوماسي مع روسيا بشأن قضية أوكرانيا لا يزال مفتوحا، وأوضح أن المطلوب هو أن تعمل موسكو على تهدئة الأوضاع.
وجاءت تصريحات بلينكن بعد ساعات من تحذير الرئيس جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين -خلال اتصال هاتفي بينهما أمس السبت- من أن واشنطن وحلفاءها سيكبّدون روسيا بشكل فوري كلفة باهظة إذا غزت أوكرانيا، وأن الغزو سيسفر عن معاناة إنسانية واسعة ويقلل من مكانة موسكو.
وقال البيت الأبيض في بيان إن بايدن بحث مع بوتين -خلال الاتصال الذي استمر ساعة- مستجدات الوضع بأوكرانيا، في خطوة لنزع فتيل التوتر بشأن هذا الملف.
من جهته، قال الكرملين إن الرئيس بوتين اتفق مع بايدن على مواصلة الحوار، وأضاف أن الحوار بينهما كان متوازنا وعمليا، مشيرا إلى أن بوتين استنكر خلال الاتصال ما وصفها بالمعلومات المزيفة حول الغزو المزعوم لأوكرانيا.
التقديرات الأميركية
ومع توالي التحذيرات الغربية بشأن قرب الهجوم المحتمل، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن واشنطن أبلغت تل أبيب بأن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يبدأ بعد غد الثلاثاء، أو الأربعاء.
وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن السلطات سرّعت جهودها لإجلاء الإسرائيليين من أوكرانيا، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية أبلغتها بأن الاجتياح الروسي قد يبدأ الثلاثاء على أقرب تقدير.
ومن جانبها ذكرت “يديعوت أحرونوت” أن أمام إسرائيل فرصة حتى الأربعاء لإجلاء مواطنيها من أوكرانيا، بحسب الإشعارات التي تلقتها من واشنطن.
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان قد صرّح، الجمعة، بأن التقديرات تشير إلى أن القوات الروسية قد تجتاح أوكرانيا قبل انتهاء الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين يوم 20 فبراير/شباط الجاري.
وتؤكد واشنطن وحلفاؤها أن روسيا نشرت نحو 130 ألف جندي حول أوكرانيا وفي بيلاروسيا، استعدادا لمهاجمة جارتها الغربية، وهو ما نفته موسكو مرارا.
في هذا السياق، واصلت روسيا تعزيز قدراتها في البحر الأسود من مختلف أساطيلها البحرية في بحر البلطيق وبحر الشمال والمحيط الهادي.
وعبرت الغواصة “روستوف نا دونو” (Rostov-na-Donu) من طراز “كيلو” (Kilo) -التي تعتبر من أخطر الغواصات غير النووية في العالم- مضيق الدردنيل اليوم، للانضمام إلى أكثر من 130 قطعة بحرية روسية، تشمل مدمرات وفرقاطات وكاسحات ألغام وسفن إنزال، لتنفيذ تدريبات واسعة النطاق للبحرية الروسية.
وحسب موسكو، ستقوم السفن والطائرات الحربية والقوات الساحلية التابعة للأسطول الروسي، خلال التدريبات، بتنفيذ عمليات رمي مدفعي وصاروخي على أهداف بحرية وساحلية وجوية.
مراقبون يغادرون دونيتسك
أفادت وكالة رويترز صباح اليوم بأن الفريق الأميركي المشارك بمهمة “منظمة الأمن والتعاون في أوروبا” بدأ الانسحاب بالسيارات من مدينة دونيتسك الأوكرانية (شرق) التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لموسكو، مع تصاعد المخاوف من الاجتياح الروسي المحتمل.
من جهتها، أكدت السلطات الانفصالية مغادرة عدد من مراقبي المنظمة، وصرح دينيس بوشيلين رئيس “جمهورية دونيتسك الشعبية”، المعلنة من طرف واحد، بأن تحركات مراقبي المنظمة تشير إلى إمكانية انسحابهم.
بدورها أعربت روسيا عن قلقها من قرار بعض الدول سحب موظفيها من بعثة مراقبي منظمة الأمن والتعاون الأوروبية العاملة في إقليم دونباس.
وقالت الخارجية الروسية إن واشنطن تتخذ بعثة مراقبي منظمة الأمن والتعاون أداة استفزاز. واعتبرت أن أنشطة بعثة المراقبين مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت، في ظل ما وصفته بالتصعيد المفتعل.
ودعت موسكو رئاسة منظمة الأمن والتعاون في أوربا إلى اتخاذ موقف حازم، لمنع محاولة استغلال بعثة المراقبين لأهداف استفزازية، وفق تعبيرها.
وينتشر المراقبون الغربيون في أوكرانيا منذ عام 2014، في إطار بعثة مدنية غير مسلحة تابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وقالت القوات الأوكرانية اليوم إنها سجلت 4 خروقات لوقف النار من قبل الانفصاليين الموالين لروسيا، وأضافت أنها ردت على مصدر النيران وفقا لقواعد الاشتباك ودون استخدام أسلحة محظورة بمقتضى اتفاقية مينسك المبرمة بين روسيا وأوكرانيا برعاية ألمانية فرنسية.
وقد أكدت كييف استعدادها للتصدي لأي هجوم محتمل، وتوعدت القوات الروسية بـ “الجحيم”. وقال رئيس الوزراء دينيس شميهال إن جيش بلاده مستعد لصد “العدو” في أي لحظة على عكس ما حدث عام 2014، في إشارة إلى احتلال موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
وأضاف شميهال -في وقت متأخر من مساء السبت- أن على الشعب الأوكراني أن يثق في دولته وجيشه ويتجنب الذعر والخوف، مؤكدا أن أوكرانيا متحدة مع شركائها في مواجهة التصعيد الروسي.
“أهلا بكم إلى الجحيم”
وبالتزامن، قال رئيس الأركان الأوكراني فاليري زالوجني في بيان مشترك مع وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف، مخاطبا القوات الروسية “أهلا بكم إلى الجحيم”.
وجاء في بيان مشترك لوزارة الدفاع الأوكرانية أن 420 ألف جندي -بمن فيهم القادة العسكريون- مستعدون للموت، وأنه تم تعزيز الدفاع عن العاصمة، كما أكد أن القوات المسلحة أصبحت مختلفة عما كانت عليه عام 2014، وعلى كامل الاستعداد لصد أي عدوان، وجاهزة لكافة السيناريوهات.
وقد كشفت وزارة الدفاع أن كييف استلمت، حتى الآن، ألفي طن من الأسلحة الحديثة والذخيرة والدروع الواقية من الرصاص من مختلف البلدان.
في سياق متصل، نقلت وزارة الدفاع الأوكرانية آليات ومعدات عسكرية ثقيلة إلى إقليم دونباس المتاخم للحدود مع روسيا، وأظهرت صور تحركات لقوات وعتاد عسكري للجيش الأوكراني من مدينة خاركيف باتجاه إقليم دونباس.
كما تسلمت أوكرانيا من ليتوانيا شحنة من صواريخ ستينغر الأميركية المضادة للطائرات.
وكانت دول البلطيق الثلاث إستونيا ولاتفيا وليتوانيا قد أعلنت في وقت سابق أنها ستزود أوكرانيا بأنظمة الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات، والمعدات اللازمة لتعزيز القدرات العسكرية الدفاعية لأوكرانيا في حال تعرضت لهجم روسي.
في غضون ذلك، أعلنت السفارة الأميركية في كييف وصول طائرتين من المساعدات العسكرية إلى كييف في إطار الدعم الأميركي لتعزيز دفاعات أوكرانيا.
في غضون ذلك، تتابعت الخطوات من دول عديدة لتقليص بعثاتها الدبلوماسية في أوكرانيا، وتوالت التحذيرات للرعايا من السفر أو المكوث هناك في ظل المخاوف المتصاعدة.
وبدأت أستراليا وكندا إخلاء سفارتيهما في كييف، حيث نُقل الموظفون إلى مكاتب مؤقتة بمدينة لفيف غربي أوكرانيا على الحدود مع بولندا.
من جهة أخرى، حثت 9 دول عربية -أمس السبت- رعاياها على تجنب السفر إلى أوكرانيا في الوقت الراهن، كما دعا بعضها الرعايا الموجودين هناك إلى المغادرة حفاظا على سلامتهم.
وجاءت هذه التحذيرات في بيانات لوزارات الخارجية بالكويت وقطر والعراق والأردن وفلسطين ولبنان، ولسفارات السعودية والإمارات والمغرب في كييف.
حركة الطيران
من ناحية أخرى، نفت وزارة البنى التحتية الأوكرانية أنباء عن إغلاق المجال الجوي. ونقل مراسل الجزيرة عن الوزارة قولها إن إغلاق المجال الجوي حق سيادي، ولم يُتخذ قرارا كهذا.
وفي وقت سابق، قال ميخائيلو بودولياك، أحد مستشاري الرئاسة في أوكرانيا إن بلاده لا ترى ضرورة لإغلاق مجالها الجوي في ظل التصعيد الحالي. وأضاف في تصريحات لرويترز اليوم “هذا هراء، وفي رأيي يشبه نوعا من الحصار الجزئي”.
جاء هذا بعدما أعلنت شركة الخطوط الملكية الهولندية أمس أنها ستوقف رحلاتها إلى أوكرانيا فورا، وكذلك صرحت شركة لوفتهانزا الألمانية اليوم بأنها تدرس تعليق رحلاتها من أوكرانيا وإليها.
وفي السياق نفسه، قالت شركة سكاي آب الأوكرانية اليوم إنها اضطرت لتحويل وجهة إحدى طائراتها بعدما قرر مالك الطائرة المستأجرة منعها من دخول المجال الجوي.
نقطة “حرجة”
من جانبه، صرح مصدر في الحكومة الألمانية الأحد عشية زيارة المستشار أولاف شولتس لكييف وبعدها إلى موسكو إن التوتر بين روسيا وأوكرانيا وصل إلى نقطة “حرجة” مع حشد قوات روسية على الحدود الأوكرانية.
وأكد المصدر شرط عدم كشف اسمه أمام صحافيين في برلين “ازداد قلقنا (…) نعتقد أن الوضع حرج، خطير جدا”، فيما تتصاعد المخاوف من غزو روسي وشيك لأوكرانيا.
من جانبه، قال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير الذي انتخب لولاية ثانية اليوم الأحد إن موسكو تتحمل “مسؤولية” خطر “الحرب” في أوروبا بسبب التوتر بشأن أوكرانيا، عشية زيارة المستشار شولتس لكييف وبعدها إلى موسكو.
وأضاف الرئيس الذي أعيد انتخابه لولاية من خمس سنوات “نحن وسط خطر اندلاع صراع عسكري، حرب في أوروبا الشرقية، وروسيا تتحمل مسؤولية ذلك”.
استقبال لاجئين
بدوره، ذكر وزير الداخلية البولندي، ماريوسماريوش كامينسكي أن بلاده تستعد لاستقبال لاجئين، من أوكرانيا المجاورة، حال تصاعد الحرب مع روسيا.
وكتب وزير الداخلية على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) “تدرس وارسو عددا من السيناريوهات ” واحد منها، هو استعداد رؤساء الإدارات الإقليمية، ذات الصلة للتدفق المحتمل للاجئين، من أوكرانيا، الذين، بسبب صراع محتمل، ربما يسعون للحصول على مأوى آمن في بلادنا”.
ويتم السماح حاليا للمواطنين الأوكرانيين، بدخول بولندا ومنطقة “شنجن” لأغراض سياحية، بدون تأشيرة، لمدة تصل إلى 90 يوما.
وتضم بولندا الكثير من العمال المهاجرين، من أوكرانيا. وطبقا للمكتب البولندي للأجانب، حمل أكثر من 300 ألف شخص من أوكرانيا تصاريح إقامة في ديسمبر / كانون الأول الماضي، في الغالب لفترة محدودة، لمدة 3 سنوات. ويعتقد أن عدد الأوكرانيين، الذين يعملون في بولندا بدون تصاريح أعلى بكثير.