على غرار مأساة الطفل ريان.. هكذا انتهت عمليات إنقاذ 5 أطفال سقطوا في آبار عميقة
لم يكتب لقصة الطفل المغربي ريان أورام أن تنتهي نهاية سعيدة، ولم تتحقق المعجزة التي انتظرها الملايين بخروجه حيا بعد سقوطه في بئر ارتوازية ضيقة قطرها حوالي 45 سنتيمترا وعمقها 32 مترا عصر الثلاثاء الماضي.
خرج الصغير ريان ذو السنوات الخمس ليلة السبت من باطن الأرض، بعد 5 أيام قضاها فيها وحيدا خائفا منهكا، ليعود إلى باطن الأرض بعدما زرع بذرة الإنسانية والتضامن والوحدة بين ملايين المغاربة والعرب.
وأعادت قصة الطفل المغربي ريان إلى الأذهان قصصا أخرى لأطفال سقطوا في آبار ارتوازية -وهي حفر أسطوانية يتم حفرها في الأرض لتحفيز المياه الجوفية على الخروج تلقائيا- في عدد من دول العالم، وتطلب انتشالهم ساعات وأياما من الحفر وتوظيف تقنيات وآليات إنقاذ متنوعة، وكانت نهاية قصص بعضهم سعيدة بينما كان جوف البئر مقبرة بعضهم ممن لم تكتب لهم النجاة.
جيسيكا.. 60 ساعة من البحث
سقطت جيسيكا ماكلور موراليس -وهي رضيعة عمرها 18 شهرا- في بئر بحديقة خالتها في مدينة ميدلاند بولاية تكساس الأميركية يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول 1987.
كان من المستحيل نزول أي منقذ للبئر التي كان قطرها 20 سنتيمترا وعمقها 6.7 أمتار، فعمل رجال الإنقاذ على الحفر عموديا بموازاة البئر، ثم الوصول إليه عبر فجوة تربطها بموقع سقوطها.
في الساعة الثامنة من مساء يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول، وبعد 60 ساعة من الحفر، نشرت الشبكات التلفزيونية صورة لمسعف يحمل الرضيعة جيسيكا خارج البئر وهي على قيد الحياة، بعدما ظلت كل تلك المدة دون طعام أو ماء.
وتابع ملايين الأميركيين حينها قصة هذه الطفلة على مختلف القنوات التلفزيونية وأيديهم على قلوبهم.
وفي حوار صحفي أجرته بعد 30 سنة من إنقاذها، قالت جيسيكا إنها لا تحمل ذكرى عن تلك الحادثة سوى الآثار التي خلفتها في جسدها، وأضافت “كان الله في جانبي في ذلك اليوم.. حياتي معجزة”.
يولين الإسباني.. 13 يوما تحت الأرض
وفي يناير/كانون الثاني 2019، كان الطفل الإسباني يولين روسيلو البالغ من العمر سنتين يلعب في ملعب تابع لأحد أفراد عائلته، بينما كان والداه يتناولان الطعام على مقربة منه، قبل أن يسقط في بئر هي عبارة عن حفرة تنقيب عن المياه قطرها 25 سنتيمترا وطولها 110 أمتار، وذلك في بلدة توتالان في مالقة.
شارك حوالي 100 شخص في عملية الإنقاذ الصعبة والمعقدة، والتي تحولت إلى قضية رأي عام في إسبانيا ونقلت الشاشات تفاصيلها يوميا عبر مختلف القنوات.
واجه المنقذون صعوبات في نقل معدات ثقيلة على الطرق المنحدرة إلى موقع الحادث الذي يقع في منطقة جبلية وعرة التضاريس.
حبست البلاد أنفاسها أياما بسبب حدوث انهيارات ترابية عقّدت عملية الإنقاذ.
لم يتمكن المسؤولون عن عملية الإنقاذ من العثور على أي دليل على أن الطفل حي، إذ لم يتمكنوا من إدخال الكاميرا إلى العمق الذي سقط فيه، كما أن وجود انسداد في البئر عند عمق 70 مترا حال دون إرسال الطعام والماء إليه.
وقام عناصر الحرس المدني بعملية إنقاذ مشابهة لتلك التي قام بها المنقذون في قصة الطفل المغربي ريان، إذ تم حفر قناة موازية للبئر استغرقت وقتا بسبب صلابة الصخور، ثم حفروا نفقا أفقيا يمتد على 4 أمتار ليصلوا عبره إلى المستوى الذي يُعتقد أن الطفل سقط فيه.
غير أن نهاية هذه القصة لم تكن سعيدة، حيث عثر المنقذون بعد 13 يوما من الحفر على يولين ميتا، وكشف تشريح الجثة أنه مات من السقوط نفسه.
لمى السعودية.. انتشال بعد 48 يوما
في يناير/كانون الثاني 2014 وبينما كانت الطفل لمى الروقي تلعب مع شقيقتها أثناء وجودها مع أسرتها في نزهة، سقطت في بئر ارتوازية مهجورة ضيقة لا يتجاوز قطرها 50 سنتيمترا، وعمقها 114 مترا.
وتصدرت قصة الطفلة لمى عناوين الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، وتعالت دعوات السعوديين بخروجها سالمة.
وقال مسؤولون في الدفاع المدني السعودي إنه جرى إدخال كاميرا وصلت إلى نحو 30 مترا فقط، لكن لم يكن هناك أي أثر للطفلة.
وشاركت شركتان عملاقتان في عملية انتشال الطفلة، حيث قامتا بحفر بئر موازية ثم فتح نفق مؤد للموقع الذي سقطت الطفلة، وبعد 48 يوما من الحفر، عثر على جثمان الطفلة عالقا على عمق 38 مترا.
حسن السوري.. 55 ساعة من الحفر
في مارس/ آذار 2021، سقط الطفل السوري حسن خضر الزعلان (10 سنوات) في بئر ارتوازية في بلدة كفر روحين شمالي إدلب بسوريا، عندما كان رفقة والده الذي يعمل حفارا للآبار.
لم تفلح مساعي انتشاله عبر فوهة البئر بسبب وضعية سقوطه، إذ كان عالقا بين جدار البئر وإزميل الحفارة على عمق 21 مترا ورأسه للأسفل، وهو الوضع الذي لم يسعفه للإمساك بحبل الإنقاذ أو ربط نفسه، كما استحال إنزال متطوعين إلى البئر بسبب ضيق فتحته.
واتجهت فرق الإنقاذ إلى الحفر بشكل مواز للبئر بهدف الوصول إلى الطفل بالاعتماد على آليات ثقيلة وعلى حوالي 40 متطوعا.
غير أن نهاية هذه القصة كانت مأساوية، إذ وصلت فرق الدفاع المدني السوري للطفل بعد حوالي 55 ساعة من سقوطه لتجده جثة هامدة.
ألفريدو الإيطالي.. شهر أسفل الأرض
كان الطفل الإيطالي ألفريدو رامبي ذو السنوات الست في نزهة مع أسرته عام 1981، عندما طلب من والديه العودة إلى المنزل بمفرده، ليسقط في بئر ارتوازية عرضها حوالي 30 سنتيمترا وعمقها 80 مترا.
حاول المنقذون في البداية إخراجه عبر حبل، ثم أنزلوا 3 من خبراء الكهوف في البئر رأسا على عقب، لكنهم فشلوا جميعا لأن البئر كانت ضيقة جدا.
وكان السيناريو الأخير حفر نفق عمودي مواز للبئر بعمق 40 مترا، ثم ممر أفقي متصل يسمح لرجال الإنقاذ بالوصول إلى الصبي من الأسفل، غير أنه مع استمرار الحفر، انزلق الطفل حوالي 30 مترا أسفل البئر.
تمت الاستعانة بمتطوع نزل إلى البئر بعد تأمينه، ليدرك أن الصبي مات، لكنه لم ينجح في انتشاله، وتم الوصول إلى جثة ألفريدو بعد شهر من وفاته.
عرفت هذه القصة الدرامية اهتماما إعلاميا غير مسبوق حينها، حيث استمر التلفزيون في بثها دون توقف.
طفل عراقي.. إنقاذ سريع
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، سقط طفل عراقي عمره عام ونصف في بئر عمقها 50 مترا وقطرها لا يتجاوز نصف متر في مدينة الموصل.
وذكرت فرق الدفاع المدني العراقي أنها حاولت إنزال رجل من عناصرها إلى البئر، فاستحال ذلك بالنظر لضيقها.
واستعانت الفرق بفتى متطوع نحيل الجسم، تم إنزاله رأسيا إلى أسفل البئر بعدما تم ربطه من قدميه. وتمكن المتطوع من الوصول إلى الطفل وحمله بإحكام، قبل أن يتم رفع الاثنين وتقديم الإسعافات الأولية للطفل.