المافيا الرابعة.. أخطبوط جديد يثير الرعب في إيطاليا
بعد سنوات من تجاهل السلطات خطورة أنشطتها الإجرامية، أصبحت “المافيا الرابعة” تثير الرعب في منطقة بوليا جنوبي إيطاليا.
وفي تقرير نشرته صحيفة “لوتان” Le Temps السويسرية، يقول الكاتب أنتونينو غالوفارو إن عددا من المحلات التجارية في مدينتي فوجيا وسان سيفيرو بمنطقة بوليا، تعرضت لهجمات بـ9 قنابل في بداية العام الجاري، على خلفية اعتقالات في صفوف عدد من المافيات المحلية.
وحسب الكاتب، فإن ما يُعرف بـ”المافيا الرابعة” (La quarta mafia) أصبحت تتصدر العناوين في الصحف ووسائل الإعلام الإيطالية، ليكتشف الإيطاليون “أخطبوطا جديدا كانت أرجله تخنق فوجيا في كنف السرية منذ 3 عقود”.
ويوضح الكاتب أنه أُطلق على مافيا بوليا “المافيا الرابعة”، لأنها ظهرت بعد المنظمات الإجرامية الثلاث الأكثر شهرة في تاريخ إيطاليا، وهي مافيا “كوزا نوسترا” في جزيرة صقلية، ومافيا “ندرانجيتا” في كالابريا، ومافيا “كامورا” في نابولي.
وتتكون “المافيا الرابعة” من 3 مافيات فرعية، لكنها لم تحظ -وفقا للكاتب- بالاهتمام الكافي من السلطات خلال السنوات الماضية رغم خطورتها، بدليل عدم افتتاح فرع لإدارة تحقيقات مكافحة المافيا في المنطقة حتى أوائل عام 2020.
ويؤكد أنتونيو لارونغا، نائب المدعي العام في فوجيا أن هذه المنظمات “كانت تُصنف كعصابات من المنحرفين، تقتل بعضها البعض للسيطرة على الأنشطة غير المشروعة، لكنها لا تعرض الحياة الاقتصادية والإدارية في الإقليم للخطر”.
كيف ظهرت المافيا في بوليا؟
ويشرح لارونغا سبب عدم اهتمام السلطات بأنشطة المافيا في بوليا خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن فهم الظاهرة يتطلب العودة إلى تاريخ المافيات في المناطق المجاورة، وتحديدا في سبعينيات القرن الماضي عندما اندلع الصراع بين عصابتين من مافيا كامورا في نابولي.
وبسبب تكرار المواجهات داخل السجن، تم نقل أفراد إحدى العصابتين إلى بوليا، وكان ذلك حسب تعبيره “خطأ إستراتيجيا”، لأن هؤلاء أشرفوا على تدريب المساجين الجدد في المنطقة ليصبحوا من أفراد العصابات.
ويضيف لارونغا أن هؤلاء المجرمين الصغار قرروا لاحقا الانفصال عن مافيا كامورا وكونوا عصابات مافيا جديدة في فوجيا وتشيرينيولا، وفي الأثناء نشأت مافيا ثالثة بعد حرب عصابات في جبال غارغانو. وقد صُنّفت المنظمات الثلاث كعصابات مافيا بأحكام نهائية صادرة بين 1999 و2009.
وبعد 25 عاما من العمل على مكافحة المنظمات الإجرامية في المنطقة، ما زال لارونغا مقتنعا بإمكانية “التغلب على هذه العصابات”، ويقول إن المعركة ضدها أمنية وثقافية، لذلك يقوم بزيارات إلى المدارس لرفع مستوى الوعي في صفوف الشباب، وقد نشر العام الماضي كتابا بعنوان “المافيا الرابعة”.
ويرى روكو شاروني، أستاذ علم الاجتماع المختص في دراسة المافيا بجامعة تورينو، أن الدولة تساهم جزئيا في صناعة المافيا بسبب “التسامح مع الأنشطة والسلوكيات التي تحظى بقدر من الشرعية الاجتماعية، مثل السوق السوداء والتهرب الضريبي. ويوجد في إيطاليا نقص كبيرة في القوانين التي تنظم العلاقة بين الحياة العامة والأنشطة الاقتصادية”.