قانون رياضي خفي يحكم التموجات الرملية العملاقة
تمكن فريق دولي متعدد التخصصات يضم باحثين من جامعة “لايبتزيغ” من تكوين رؤى جديدة حول تكوين الحبيبات في “التموجات الرملية الضخمة” (megaripples)، ونشرت نتائج دراستهم الطريفة في دورية “نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications) “.
وكما جاء في تقرير لموقع “ساينس ألرت” (Science Alret) فقد تم ذلك بعد تحليل مجموعة واسعة من عينات الرمل التي تم جمعها من أماكن مختلفة حول العالم، كما تم أخذ التحاليل التي تم إجراؤها على المريخ وفي نفق الرياح في المختبر بعين الاعتبار.
نسبة ثابتة موحدة بين أقطار الحبيبات
تعرف التموجات الرملية العملاقة بأطوال موجية تتراوح ما بين 30 سنتمترا وعدة أمتار. كما أنها تصنف من حيث الحجم ما بين موجات الشاطئ العادية وموجات الكثبان الرملية.
وتوجد التموجات الرملية العملاقة عادة على الأرض والمريخ الذي يشتهر بكثرة العواصف الترابية فيه، ويتكون رملها من مزيج فريد من الحبوب الخشنة والناعمة.
وأوضح البروفيسور كلاوس ديتر كروي من معهد الفيزياء النظرية بجامعة لايبتزيغ في بيان صحفي نشر على موقع الجامعة أن هذا المزيج “يبدو متشابها دائما، ولكنه لا يكون متطابقا أبدا بسبب اضطراب الرياح”.
فعندما تهب الرياح عبر الرمال تُحدث أحواضا على شكل حلقات ضخمة نتيجة قيام الحبوب الناعمة بدفع الحبوب الخشنة التي تنتقل بدورها بمعدلات مختلفة لتتجمع على قمم التموجات، بينما تستقر الحبيبات الناعمة عادة في قاع الحلقات.
للتوصل لتلك النتائج قام فريق الدراسة -متعدد التخصصات من علماء الجيومورفولوجيا والفيزياء من 3 جامعات في ألمانيا وفلسطين والصين- بتحليل عينات الرمل من جميع أنحاء العالم.
وقارن الفريق أحجام الحبيبات فيها وقاموا بقسمة أقطار الحبيبات الأكثر خشونة على أقطار الحبيبات الناعمة لكل عينة. ووجدوا أن ناتج عملية القسمة هو عدد ثابت في كل مرة.
وتتكون التموجات عادة من سطح من الحبيبات الخشنة يتموضع فوق جزء داخلي من الحبيبات الأكثر نعومة. ومع ذلك، فإن هذا المزيج من الحبيبات ليس هو نفسه دائما، كما أن الرياح التي تهب عبر الرمال لا تسبب التموجات في المقام الأول.
فعندما تهب الرياح عبر الرمال، تحدث التموجات الضخمة نتيجة ركل الحبيبات الدقيقة للحبيبات الخشنة، فتتنقل بمعدلات مختلفة، وتتجمع الحبيبات الخشنة على قمم التموجات، بينما تستقر الحبوب الدقيقة عادة في الأحواض.
التموجات الرملية العملاقة والأرشيف الزمني
وذكرت الدراسة التي نشرت في دورية “نيتشر كوميونيكيشنز” بالعاشر من يناير/كانون الثاني الجاري أنه يمكن استخدام هذا الرقم لتحديد الفئة التي تنتمي إليها أمواج الرمال المكتشفة حديثا بشكل أكثر موثوقية إضافة إلى توصيف العملية الفيزيائية التي تشكلت من خلالها الأمواج الرملية.
ووجد فريق الدراسة أن “مجموعة البيانات التي شملت مجموعة واسعة من المصادر الجغرافية والظروف البيئية تدعم دقة ومتانة هذه النسبة النظرية -غير المتوقعة- بين أقطار حبيبات الرمل”.
ويقترح الباحثون أنه يمكن استخدام حساباتهم للتنبؤ بموعد تشكل التموجات الرملية العملاقة، ولإلقاء نظرة على ظروف الطقس والمناخ السابقة بناء على الرواسب التي خلفتها الموجات العملاقة السابقة. ويأمل الباحثون أيضا في أن يسهم اكتشافهم في تفسير تكوين بعض التموجات الرملية الغامضة الجديدة التي لوحظت مؤخرا على كوكب المريخ.
وتقول كاتارينا ثولين باحثة الدكتوراه في جامعة لايبتزيغ والمؤلفة الرئيسية للدراسة “إذا تمكنا من استخدام الظروف الجوية السائدة لشرح أصل وهجرة موجات الرمال على كوكب الأرض وخارجه، فستكون هذه خطوة مهمة، وقد تمكنّا بعد ذلك من تقييم الهياكل الرملية التي نرصدها حاليا سواء في المريخ أو في الحفريات والمواقع النائية على الأرض، والتي تعتبر بمثابة أرشيف معقد للظروف المناخية الماضية”.