أثـر الإعـلام فـي تشكيــل وعـي المجتمـع
لا شك أن صورة إعلامنا المعاصر تغيرت من النمط التقليدي، الذي كان لغرض التسلية أحيانا والاستفادة أخرى، إلى النمط الحديث الذي أضحت له السيادة والتحكم في مختلف جوانب الحياة ، فقد غزت وسائل الإعلام جميع الفئات المجتمع، حتى إن الإنسان غدا أسيرها، لا يستطيع العيش دونها، وكيف لا والترسانة الإعلامية هي سلاح العصر المستخدم دوليا، إما لكسب التأييد وقضاء المآرب، وإما لتشويه صورة الآخر والتشويش على مساره التنموي.
وأمام هذه التحديات وهذا الانفتاح غير المسبوق على المجال الإعلامي يلزم المجتمع المزيد من اليقظة والوعي، من أجل تحصين هويته والحفاظ على ثقافته، فما صرنا نراه من تداخل الرديئ بالجيد في عرض المحتوى الإعلامي، ناجم عن التنافس المحموم القائم بين المنابر الإعلامية، سواء منها المرئية أو المسموعة أو المكتوبة، وهذا ما يتم استغلاله من قبل بعض الجهات التي تحمل رسائل مبطنة هادفة في كثير من الأحيان إلى انتزاع قيمة، أو تهميش فكرة لصالح قيم وفكر أخرى، تتناقض والمنظور المجتمعي السليم.
وعليه ففي خضم هذا الطوفان الهادر من المعلومات، التي تختلط فيها الحقائق، وجب مأسسة خطاب إعلامي مسؤول، من شأنه بناء وعي سليم، وفهم بصير بما يدبر للأمة، من غزو الفكري وثقافي في ظل نظام العولمة الضارب بجذوره عالميا.
ولتحقيق ذلك، ينبغي الارتقاء بالإعلام من حيث الوسائل والغايات، حتى يصبح مؤثرا في محيطه بل وخارجه، وحتى يكون ذلك كذلك يجب أن تتوفر فيه جملة من الأمور أهمها؟
1- الانطلاق من الهوية:
وذلك بجعل الهوية الإسلامية والثقافتين العربية والأمازيغية المنطلق الأساسي الذي يبني عليه الإعلام تصوراته في عرضه ومعالجته لقضايا المجتمع، حتى يتسنى للآخر معرفة أصولنا العريقة وتراثنا الثري، وثقافتنا المجتمعية الزاخرة في جميع الميادين، وهذا قمن بتوجيه طاقات الأمة وشبابها الوجهة السليمة، وبناء وعيهم بالشكل الذي يجعلهم متشبثين بهويتهم وثقافتهم.
2- التوثيق في النقل والصدق في المضمون:
وهو أمر عز في إعلام هذا الزمان، فقديما قيل إذا كنت ناقلا فالصحة أو مدعيا فالدليل، أي التزام الدقة والتحري في نقل الأنباء وتقديم الدليل على كل رأي متبنى، وهذا سبيل نجاة المجتمع من الفتن المبنية في أغلبها على الترهات، والأباطيل الإعلامية المضللة، التي تروم تغليط الرأي العام لغاية في نفس يعقوب .
3- الشمول لجميع فئات المجتمع:
فالخطاب الإعلامي المطلوب ينبغي أن يستهدف جميع شرائح المجتمع على اختلافها عمرا وتوجها، حتى يتمكن من تبليغ رسالته على الوجه الصائب.
4- التنوع في المحتوى:
إسهاما في تكوين وعي ناضج لدى المسلم المعاصر، على الإعلام تقديم محتوى متنوع يراعي اختلاف عقليات الأفراد وتخصصاتهم، من العلوم الشرعية والأدبية والحقة، كل ذلك في قالب يتوافق وما بلغته الثورة التكنولوجية الحديثة في مجال صنع المحتوى المؤثر.
بقلم الأستاذ عبد العزيز بوناصر