موظف برج المراقبة الذي أصبح مديرا لمطار قندهار الأفغاني
ثلاثيني يضع على مكتبه صورة يتيمة للمُلا عمر مؤسس حركة طالبان الأفغانية، وعلى الحائط صور قادة البلاد التاريخيين من ولاية قندهار، مثل “أحمد شاه أبدلي” مؤسس أفغانستان الحديثة، و”ميرويس خان هوتك” الذي هزم الصفويين وأجلاهم عن البلاد في العقد الأول من القرن الـ 18.
تخرج نقيب الله وفا من الهند التي طالما ناصبت العداء لطالبان منذ تأسيسها، وبعد يومين من تسلم الحركة زمام الأمور في البلاد، أشرف على ما يصفها باللحظة التاريخية وهي هبوط أول طائرة في قاعدة قندهار الجوية، والتي أقلت رئيس المكتب السياسي لطالبان الملا عبد الغني برادر.
ويعرف وفا نفسه بأنه خبير في غرفة التحكم أو أبراج المراقبة بالمطارات، وحصل على تدريب كافٍ من هيئة الطيران المدني الهندية بمدينة الله آباد، ولدى إحدى الشركات الأميركية.
وبعد 6 سنوات من العمل في برج المراقبة بمطار “أحمد شاه بابا” في قندهار، أصبح مديرا عاما للمطار.
عودة طوعية للعمل
عاش مطار قندهار فراغا إداريا شبه كامل على مدى يومين عقب سيطرة طالبان على مقاليد السلطة في كابُل منتصف أغسطس/آب الماضي، لكن وفا المسؤول في برج المراقبة توجّه صبيحة 17 من ذلك الشهر ليواصل عمله المعتاد دون استدعاء من أحد، ودون معرفة ما ينتظره.
واستُقبل الرجل بترحاب غير عادي من قبل قادة وعناصر طالبان الذين انتشروا في المطار، وتوجّه مباشرة إلى مقر عمله في برج المراقبة، وما لبث أن تسلم إشارة بهبوط طائرة نقل عسكري تقلّ شخصية غير عادية.
يقول وفا إنه وجد نفسه يضطلع بإدارة غرفة القيادة والتحكم “برج المراقبة” بل يتولى إدارة ثاني أكبر مطار وقاعدة عسكرية في البلاد بحكم الأمر الواقع، بل فوجئ بأن من ينزل من الطائرة العسكرية هو الرجل الثاني في حركة طالبان.
وقوبلت مبادرة وفا بالعودة الطوعية لعمله الحسّاس بإشادة كبيرة من المُلا برادر أخوند، ومن معه من قادة الحركة العائدين بنشوة النصر، ويقول إن برادر كرر شكره على تأمين هبوط الطائرة بسلام.
يتجنب وفا الحديث في السياسة، ويؤكد على الفصل بين خلفية تعليمه على أيدي هنود أو أميركيين وطبيعة مهنته بالمطار، ويكرر للجزيرة نت أن عمله مهني في سلك الطيران المدني، ولذلك لم يكن قلقا على وظيفته، فالناس بحاجة إليه، وواجبه خدمة شعبه وزوار أفغانستان.
مسؤولية جديدة
تلقى وفا ترقية لم تكن في حسبانه ليصبح مديرا عاما لمطار قندهار، وذلك بعد أيام من تغيير النظام السياسي والذي تسبب في فراغ كثير من إدارات الدولة الحساسة، ونظرا لانعدام خبرة مسؤولي المطار الجدد فإنه يشعر بالمسؤولية عن كل ما يجري في المطار.
ويضيف بأن جميع النصائح والتعليمات التي يوجهها للمسؤولين، في الحكومة المؤقتة أو إدارة المطار، تُنفذ وفق المعايير والنظم الدولية لإدارة المطارات، وأن الحركة في المطار المدني تستعيد عافيتها تدريجيا، فهو يستقبل 5 إلى 6 رحلات يوميا، إحداها من إيران. ويتوقع أن تتوسع حركة المطار تدريجيا، وأن التحضيرات جارية لاستقبال أول رحلة طيران من دبي في غضون أيام.