روسيا تسعى لرد الاعتبار لمنظومة “بانتسير” بعدما أهانتها مسيّرات بيرقدار التركية
مع تصاعد التوتر بين روسيا وأوكرانيا والتكهنات حول قرب حصول مواجهة عسكرية بين البلدين، تخشى موسكو أن تستخدم فيها كييف بدرجة أساسية المسيرات التركية، عادت روسيا لإطلاق ما يشبه الحملة الدعائية التي تهدف إلى رد الاعتبار لمنظومة “بانتسير” الدفاعية التي “أهانتها” المسيرات التركية من طراز “بيرقدار” في سلسلة مواجهات عسكرية شهدتها سوريا وليبيا وقره باغ، وذلك بعدما عبّرت أوساط سياسية وعسكرية روسية عن خشيتها من امتلاك أوكرانيا المسيرات التركية.
وفي الموجهات العسكرية التي وقعت بين تركيا والنظام السوري في إدلب، والجيش التركي وقوات حفتر المدعومة من ميليشيات فاغنر الروسية في ليبيا، وبين أذربيجان المدعومة من تركيا وأرمينيا المدعومة من روسيا، تفوقت مسيرات “بيرقدار” التركية على الأسلحة والمنظومات الدفاعية الروسية، وبشكل خاص منظومة “بانتسير” الدفاعة فخر المنظومات الدفاعية المتنقلة من الصناعة الروسية، حيث نشرت تركيا مقاطع فيديو لتدمير عدد كبير من تلك المنظومات التي ظهرت عاجزة تماماً عن مواجهة بيرقدار، وهو ما اعتُبر بمثابة “إهانة” للمنظومة والصناعات الدفاعية الروسية بشكل عام.
وعلى الرغم من مرور أكثر من عام على آخر مواجهة عسكرية بين المسيرات التركية والمنظومة الدفاعية الروسية، إلا أن الجدل تجدد مع تصاعد الخشية من قرب حصول مواجهة عسكرية بين روسيا وأوكرانيا، وتعبير مصادر سياسية وعسكرية روسية عن خشيتها من استخدام كييف للمسيرات التركية.
وبينما عبّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قلقه لنظيره التركي رجب طيب أردوغان من بيع أنقرة مسيرات “بيرقدار” لأوكرانيا، تحدثت مصادر وتحليلات روسية وغربية عن أن الجيش الروسي يخشى من أن تشكل المسيرات التركية التي امتلكتها أوكرانيا رأس الحربة في المواجهة المتوقعة، وهو ما قد يساعد الجيش الأوكراني في دعم قواته على الأرض بضربات مكثفة ومحددة قد تصعّب مهمة الجيش الروسي أو الانفصاليين المدعومين من موسكو في إقليم دونباس بشكل كبير جداً.
لكن الجانب الروسي سرعان ما بدأ بحملة مضادة مبنية على التشكيك بقدرات المسيرات التركية، والتأكيد على قوة ودقة المنظومات الدفاعية الروسية وخاصة منظومة بانتسير، ولأول مرة عرضت وسائل إعلام روسية مجسما لطائرة بيرقدار مدمرة استحوذ عليها الجيش الروسي، في إشارة إلى أنه استطاع إسقاطها والاستحواذ عليها وتحليل بياناتها وبرمجياتها وبالتالي تعزيز القدرة على مواجهتها في أي اشتباك عسكري مقبل.
وبينما حاولت المصادر الروسية تأكيد أن الطائرة جرى الحصول عليها عقب إسقاطها في المواجهات العسكرية التي جرت في إدلب شمالي سوريا، تقول مصادر عسكرية مختلفة إن الطائرة استحوذت عليها مليشيات فاغنر عقب إسقاطها في ليبيا العام الماضي، ولكن موسكو تسعى لنفي ذلك من أجل مواصلة نفي ارتباطها ومسؤوليتها عن نشاط فاغنر التي سلمت الطائرة بالفعل لوزارة الدفاع الروسية.
وفي سياق متصل، نقل موقع “روسيا اليوم” عن مصادر في الجيش الروسي، قولها للتلفزيون الرسمي إن طائرات بيرقدار التركية المسيرة هدف يسهل إسقاطه بصواريخ بانتسير ويمكن لمنظومة الدفاع الجوي متابعته من لحظة الإقلاع وحتى الهبوط. وقال نائب قائد قوات الدفاع الجوي في القوات الجوفضائية الروسية، يوري مورافكين: مسيرات بيرقدار تي بي 2، نظرا لحجمها وسرعتها، تشكل هدفا سهلا بالنسبة لبانتسير الروسي. ليس هناك أي صعوبة في إسقاط بيرقدار حتى إذا كان مستوى تدريب طاقم بانتسير عند درجة المقبول.
وتعقيباً على تدمير بيرقدار للمنظومة الروسية في سوريا وليبيا، قال المسؤول العسكري الروسي: إذا لم يكن هناك طاقم منتشر في بانتسير وهو خرج إلى الشارع، وإذا لم يتم وضع بانتسير في حالة التأهب القتالي، فإنها تتحول إلى مجرد هدف لتدريب طاقم بيرقدار.
من جهته، قال رئيس إدارة بناء وتطوير منظومة الطيران المسير في هيئة الأركان العامة الروسية، ألكسندر نوفيكوف، إن منظومة “باستيون” الروسية تتابع في الوقت الحقيقي تحليق كافة الطائرات المسيرة قرب حدود البلاد، وخاصة في منطقة النزاع جنوب شرقي أوكرانيا، وكذلك في سوريا.
وأضاف: المنظومات الدفاعية الروسية تابعت تحليق ثلاث طائرات تركية من طراز بيرقدار فوق إدلب. هذه التحليقات نفذت ضمن المناطق المتفق عليها وفقا لاتفاقية منظمة خفض التصعيد في هذه المحافظة، وتابع: بإمكاننا متابعتها ابتداء من إقلاعها وحتى هبوطها. هناك رقابة مستمرة على تحركاتها من قبل الدفاعات الجوية السورية والدفاعات الجوية المنتشرة في قاعدة حميميم الروسية، وإذا كان هناك أي استفزاز فإننا مستعدون للرد عليه بشكل مناسب.
وعقب الضربات التي وجهتها بيرقدار لمنظومة بانتسير الدفاعية، أعلنت روسيا عن برنامج تطوير للمنظومة يشمل توسيع مدى الرادار الخاص بها وقدرتها على التخفي وقدرتها على كشف طائرات العدو في نفس الوقت، بالإضافة إلى تزويدها بصواريخ ذات مدى أبعد وذلك في محاولة لإعادة الثقة لمكانة المنظومة التي تضررت بشكل كبير وتراجع الإقبال على اقتنائها لفشلها العسكري أمام مسيرات بيرقدار.